فى يوم من أيام شهر أغسطس جلست فى حجرتى.. مع قلمى وأوراقى والتى اعتدت بينها أن أسبح فى خواطرى وإذا بصوت يقطع تلك السياحة الفكرية.. اندهشت من وقع الصوت على أذنى فقد كان أشبه بتساقط قطرات المطر على زجاج النافذة.. التفت لاستطلع الأمر.. فوجدته.. عصفوراً صغيراً يرفرف بجناحيه ويحدث نقرات على زجاج النافذة المغلق، جلست أراقبه ثم بدأت نقرات مماثلة بأطراف أناملى على الزجاج، ومكثنا دقائق فى حديثنا هذا.. ثم مضى.. وإذا به يقترب من جدول مائى صغير.. ارتشف بمنقاره بعضاً من قطراته ثم طار بعيدا واختفى بين الأشجار، وفى اليوم التالى.. وفى نفس الموعد وصلت لمسامعى نقرات العصفور على الزجاج فنهضت وجلست بجوار النافذة وتبادلنا حديثنا كالأمس، واستمرت صداقتنا تلك لفترة حتى أخذتنا الحياة.. فانشغلت ولم أعد أراه لكنى مازلت أذكره. هذا الطائر الرقيق الذى ارتوى من ماء النيل.. وتنفس هواء أشجاره المرتوية بحلو مياهه.. وسرت فى أوصاله تلك الحميمية التى طالما جمعتنا جيرة وصحبة وأهل نحن المصريين.