طالما كانت الموسيقى هي اللغة التي يفهمها الأغلبية، لأنها تخاطب الوجدان مباشرةً دون الرجوع للعقل، وحين تُستخدم الموسيقى المناسبة للعمل الفنى، سواء فيلمًا أو مسلسلًا، يصبح لكل مشهد معنى، كأن المُشاهد يدرك إحساس البطل في هذه اللحظة، الأمر الذي حدث مع مسلسل «حالة خاصة»؛ إذ توحد الجمهور مع طه دسوقى، ولمس مشاعره كأنه أحد أفراد العائلة، أو صديق لهم، في تجسيده لشخصية شاب يعانى من مرض طيف التوحد، واستخدامه أغانى فرقة «المصريين» وأبرزها «الشوارع حواديت»، ما جعل هناك حالة من الدفء والحنين للماضى تُصيب المُشاهد بمجرد بدء عرض المسلسل، وما دعم هذا الشعور أن مؤلف الموسيقى التصويرية هو الموسيقار هانى شنودة، الذي كشف في حواره ل«المصرى اليوم»، الركائز التي اعتمد عليها في تأليف موسيقى العمل.. كما تحدث عن الكثير من الظواهر الفنية مؤخرا.. وإلى نص الحوار: ■ كيف حدثت تجربة أداء الموسيقى التصويرية لمسلسل «حالة خاصة»؟ - اتصل بى المخرج عبدالعزيز النجار، وهو مخرج العمل الذي أخبرنى أنه يريد التعاون معى لتأدية الموسيقى التصويرية للمسلسل، وأنا تحمست للفكرة. ■ قيل إن عمرو دياب هو سبب مشاركتك في العمل؟ - وصلتنى أخبار أن المخرج كان يتحدث مع عمرو دياب، وقال له إنه يظن أنى توقفت عن التأليف الموسيقى، ولكن عمرو طلب منه أن يتواصل معى كى نتفق على الأمر، ولكن عمرو لم يتواصل معى، ولكنى أحب عمرو دياب، والمخرج استطاع إقناعى من خلال وضع الطُّعم لى وهو فرقة «المصريين». ■ هل أحببت فكرة المسلسل نفسه؟ - عندما قرأت السيناريو أحببت فكرته جدًا وشعرت بأن العمل بمثابة مبارة تمثيلية بين كل المشاركين فيه، غادة عادل، وطه دسوقى، هذا الشاب الذي كان ممثلا كوميديا، ثم انتقل إلى دور مُركّب، وربما لم يفعل هذا الأمر إلا جاك ليمون، الذي دخل لقلب الجمهور من بوابة الكوميديا، ثم استطاع تقديم فيلم درامى ناجح. ■ صف لنا رد فعلك في حال لم تؤدِّ الموسيقى التصويرية للعمل وتفاجأت باستخدامه أغانى «المصريين».. - إذا لم أشارك وتفاجأت باستخدامهم الأغانى بالطبع كنت سأفرح جدًا بالأمر، ربما كنت سأكون سعيدًا أكثر من تأديتى الموسيقى نفسها؟ ■ ما الجديد الذي فعله هانى شنودة بالتأليف الموسيقى ل«حالة خاصة»؟ - اتفقت مع مطربة «سوبرانو» وجعلتها آلة من آلات الأوركسترا، كى أعطى الموسيقى الطابع الإنسانى، وأعتقد أننى أول شخص يفعل هذا الأمر. ■ ما أكثر شىء أعجبك بمسلسل «حالة خاصة»؟ - بالفعل سعيد بتجربة المسلسل، لأن هناك العديد من العائلات لديهم أطفال مُصابون بالتوحد، ويحاولون تخبئتهم عن المجتمع، والمسلسل يرسل لهم رسالة بضرورة مراعاة هؤلاء الأطفال ليكونوا أعضاء عاملين في المجتمع، ويحققوا نجاحًا، ويشاركوا في الأنشطة الطبيعية للاندماج، وعلينا معاملتهم باحترام. ■ كيف جعلت الموسيقى التصويرية مُفصلة على مسلسل «حالة خاصة»؟ - ركزت في «حالة خاصة» على 3 محاور أساسية: الأول أن الشاب يمتلك عقلية ليست راكزة، لأنه يفهم بطريقة أُحادية أو يفهم الكلام كما نقوله بالضبط ولا يتخيل أنه قد يكون للكلمة معنى آخر، والمحور الثانى أنه شخص شديد الذكاء، والثالث أنه في وسط لا يُقدر المواهب ولكن يُقدر الوسطية، وهو شخصٌ خلقه الله بهذا الشكل، حتى إنه قال في إحدى الحلقات إنه تم رفض تعيينه في الجامعة لأنه مختلف، لذلك طلبت من المطربة السوبرانو أن تتعاون معى في المسلسل لتعطى طعمًا مختلفًا للموسيقى. ■ بما أن المسلسل تحدث عن فرقة «المصريين»، حدثنا عنها وعن ذكريات تأسيسها ونجاحاتها.. - في يوم 8 ديسمبر من عام 1977، وأنا أتذكر هذا التاريخ لأنى قدمت أغنية تحمل اسم «فى يوم 8 ديسمبر في عام 77»، وتكوينها كان له 3 محاور، إذ كان الشباب يرغبون بأن تكون لنا فرقة موسيقية مثل الغرب، وكنّا فرقة «غربى» تلعب نوعا مختلفا من الموسيقى، كنت أنا وعمر خورشيد جيتار، وعمر خيرت درامز، ووجدى فرانسيس وصبحى بدير، وكنّا فرقة قوية جدًا. ■ ما حكايتك مع نجيب محفوظ وعبدالحليم حافظ؟ - الأديب العالمى نجيب محفوظ أراد أن يتحدث معنا في مقابلة، وسألنى عن فكرة لماذا لا نلعب «عربى»، وأخبرته أننا فرقة نلعب موسيقى غربية، والموسيقى العربية مقدمتها طويلة، عبدالحليم كان يطلب منى أن نتناول الغداء معًا وأنا كنت أرفض، حتى تواصل معى واشترى «أورج» نوعه جديد وطلب منى المجىء لمقابلته، وسألنى هل تستطيع تقديم الأغانى الخاصة بى؟ قلت له نعم. حينها تواصلت مع عمر خورشيد وجاء لى وجلسنا مع العندليب، ووقفنا على المسرح لأول مرة في حفل بعد عبدالحليم حافظ في نادى الجزيرة. ■ هل فكرت في تحويل قصة فرقة «المصريين» إلى فيلم أو مسلسل؟ - أتعامل بمبدأ الأغنية الشعبية «اللى عايزنى يجيلى أنا مبروحش لحد».. أنا قدمت مشروع حياتى وهو «فرقة المصريين»، ولا أبحث عن النجاح حاليًا، لأن فرقة المصريين وُلدت ناجحة. ■ في رأيك.. لماذ لم تحقق فرقة موسيقية شبابية نفس نجاح فرقة «المصريين»؟ - لأننا لم نبحث عن النجاح، ولكن بحثنا عن الإتقان في أداء كل شىء، وأتمنى أن تستلهم ذلك الفرق الموسيقية، وعلى الشباب الاهتمام بالموسيقى نفسها وأن يضعوا مجهودهم في الموسيقى نفسها وليس التسويق، كما فعلت أنا، وتحسين، والأزهرى، وغيرنا ممن عشقوا الموسيقى وأعطوها حياتهم. ■ هل تشعر بأنك مُقصر في حق نفسك بالنسبة لفكرة التسويق في عصر السوشيال ميديا؟ - العالم العربى كله يعرف موسيقى فيلم «شمس الزناتى»، وإذا سعيت الآن للتسويق لنفسى يصبح عيبًا في حقى وفى حق وطنى، أنا موجود، وأعمالى مازالت تتحدث عنى، سواء «المشبوه» أو «عصابة حمادة وتوتو»، أو «الأفوكاتو»، أو «غريب في بيتى» وغيرها من الموسيقى التي تجعلنى لا أحتاج للترويج أو التسويق لنفسى، لأن كل موسيقى تكشف حكاية الفيلم الخاص بها، وكل فيلم له طابع خاص وطعم مختلف في السيناريو، اتضح في الموسيقى الخاصة بالعمل. ■ هل هناك موسيقى لفيلم أو عمل معين تشعر بأنها الأقرب لقلبك؟ - لا لأنى أحب كل الأعمال التي أديت الموسيقى التصويرية الخاصة بها بنفس الدرجة، لأن كل موسيقى تتحدث عن الفيلم الخاص بها، وإذا قارنت بين عملين معًا بالطبع سأظلم أحدهما، لا أستطيع المقارنة بين «غريب في بيتى» و«المشبوه» من حيث الأقرب لقلبى؛ إذ إن كل موسيقى تتحدث فقط عن الفيلم الخاص بها. ■ هل تأخذ وقتًا في فكرة التأليف الموسيقى نفسه؟ - التأليف الموسيقى لا يوجد له وقت محدد، أحيانًا يكون الفيلم مؤثرًا لدرجة عالية، لذلك أستطيع تأليف الموسيقى الخاصة به سريعًا، وأحيانًا أخرى يكون الفيلم مُعقدًا ويحتاج منى وقتًا للعثور على الموسيقى التصويرية الخاصة به. ■ هل سمعت ألبوم عمرو دياب الجديد؟.. وما رأيك في محاولاته الدائمة لمواكبة العصر؟ - عمرو دياب تربى هنا في «الاستوديو» الخاص بى، وأنا أحبه وأحب أغانيه، وكل ما يفعله تعلمه منّى، وأنا سمعت من ألبومه الجديد أغنية واحدة وأعجبتنى للغاية، وأكثر شىء يعجبنى في عمرو أنه متطور دائمًا.
