قال الروائي المصري طارق إمام طارق إمام إن الواقعية السحرية مكون أساسي في الثقافة العربية والشرقية ولم تفد إلينا من الخارج، مشيرا إلى أن كل مجتمع لديه أساطيره، والواقعية السحرية تعمل على توظيف جزء من الخيال الموجود في الوجدان الجمعي وتمزجه بالواقع، وأحيانا يكون الخيال وسيلة ليقول الكاتب ما يريده أمام السلطة الغاشمة ولتمرير أفكار لا يمكن قولها اعتمادا على الأسلوب الواقعي الصرف. وأكد «إمام» أهمية التفرقة بين تأسيس المصطلح وبدايات استخدامه، وهو ما يمكن تطبيقه على مصطلح الواقعية السحرية الذي نشأ في أوروبا لكنه انتقل إلى أمريكا اللاتينية وأصبح أحد علاماتها المميزة؛ فهناك دائما عمليات انتقال في عالم الأدب، وماركيز نفسه قال إنه لو لم يقرأ ألف ليلة وليلة لما كتب مئة عام من العزلة. جاء ذلك خلال ندوة «الواقعية السحرية العربية» والتي عقدت ضمن فعاليات الدور وال 42 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب. وتحدثت الدكتورة عائشة الدرمكي، عضو مجلس الدولة العماني، عن بدايات الواقعية السحرية منذ عشرينيات القرن الماضي مع الفنانين التشكيليين الألمان ثم انتقالها إلى أمريكا اللاتينية في مجال الرواية، وأنه منذ نشر ماركيز مئة عام من العزلة بدأت ظاهرة الواقعية السحرية وكتب عنها الناقد تودوروف وما فرضته رواية ماركيز من المزج بين الواقع والسحر والغيبيات. وأكدت «الدرمكي» أن الكاتب يلجأ إلى الواقعية السحرية لمعالجة قضية في عالم الواقع دون أن يتحدث يتناولها بشكل مباشر، وتفكيك الواقع وإعادة قراءته، ورغم أنها طريقة غير منطقية لكنها وسيلة لسبر أغوار الواقع المعاش وربط السحر والفانتازيا به، مشيرة إلى أن كل كاتب له أسلوبه ولا توجد ضوابط صارمة في عالم الواقعية لسحرية، ولو لم يتقبل القارئ ما يقدمه الكاتب فهذا معناه أن الأخير لم يعمل بشكل جيد على المزج بين الحقيقة والخيال. وأضافت أن الموروث الثقافي لعب دورا كبيرا لدي الكتاب العرب وهو الأمر الذي لم يتوافر لكتاب أمريكا اللاتينية. ومن جانبها قالت الكاتبة والباحثة التونسية، أميرة غنيم، إن ما يميز الواقعية السحرية عن كتابات قائمة بشكل صرف على الخيال هو أن الكاتب يريد أن يموه عمدا الخط بين ما هو عقلاني وما هو غير عقلاني، ويقبل القارئ ما يقرأه دون أن يشعر بأنه نشاز؛ بعكس ما يحدث في كتابات الفانتازيا التي يكون فيها اتفاق بين القارئ والكاتب أنه عالم له قوانين خاصة، مشيرة أننا كعرب تربينا على مفهوم المعجزة والكرامة أي الأشياء الخارقة. الفنون تتطور وفى وقت ما كان السائد إعلاء الأدب العجائبي وكل ما هو خارق، ثم كان انتشار الواقعية والبناء على المنطق العقلاني في المنطقة العربية بفضل نجيب محفوظ واليوم بعد أن علا الجانب السحري يكون السؤال هل سيبقي أثر السحر الذي يمارسه الكاتب على قرائه أم لا لكن من المؤكد أن الواقعية السحرية تعلمنا أن نتقبل الاختلاف ونتحد معه، بل وأن نتعاطف معه.