أكد سفير الكويت لدى مصر، غانم صقر الغانم، أن العلاقات المصرية- الكويتية تشهد توافقا وتطابقًا فى الرؤى على المستويات كافة، حيث نشأت منذ ما يزيد على قرن من الزمان ومرّت بمواقف عديدة برهنت على متانتها وعدم قابليتها للاهتزاز تحت أى ظروف، لأنها قائمة على أسس صلبة. وقال السفير الكويتى، فى حوار ل«المصرى اليوم»، إن الكويت تتضامن بشكل كامل مع مصر والسودان فى حل أزمة السد الإثيوبى ورفض أى إجراء أحادى يمس بحقوقهما المائية، باعتبار أن الأمن المائى لكل من مصر والسودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى.. وإلى نص الحوار: ■ كيف ترى العلاقات بين مصر والكويت فى الوقت الحالى؟ - العلاقات مع مصر الشقيقة قوية ومتينة ومتميزة وتشهد توافقًا وتطابقًا فى جميع الرؤى على المستويات كافة، كما أنها تغطّى جميع المجالات، بما يؤكد أن هناك نموًا مطردًا للتعاون، يأتى انعكاساً للإرادة المشتركة وللدفعة القوية التى اكتسبتها هذه العلاقات على مدار العقود الماضية، والجهد الذى لا يتوقف لتطويرها من جانب القيادة الحكيمة فى كلا البلدين الشقيقين، وهناك تعاونًا وتكافلًا وتآزرًا فى السراء والضراء، ومثلما وقفت الكويت مع مصر إبان العدوان عليها عامى 1956 و1967، ومثلما شاركتها نصر أكتوبر المجيد فى 1973، من خلال لواء اليرموك الذى كان يعادل ثلث حجم جيش الكويت، وقفت مصر إلى جانب الكويت خلال أزمتى «1961 و1990» وغيرهما، إلى جانب ذلك، فقد كانت هناك العديد من المواقف على الصعيد الاقتصادى والإعلامى والثقافى التى جسّدت الخصوصية والتنوع التى تتسم بها هذه العلاقات. ■ ما تعليقك على المحاولات المتكررة من جانب بعض الأقلام لتعكير صفو العلاقات المصرية الخليجية، وفى القلب منها الكويت؟ - العلاقات بين دولة الكويت ومصر الشقيقة راسخة، وقد نشأت منذ ما يزيد على قرن من الزمان ومرت بمواقف عديدة برهنت على متانتها وعدم قابليتها للاهتزاز تحت أية ظروف، لأنها قائمة على أسس صلبة من التفاهم الاستراتيجى والقناعات الراسخة والفهم المشترك لمتطلبات الأمن القومى العربى، أما ما يثار من وقت لآخر على وسائل التواصل فهى أصوات فردية تغرد خارج السرب ولا تعكس علاقات الأخوة الراسخة والمتأصلة بين الشعوب العربية التى ترتبط بصلات الأخوة والقيم المشتركة ووحدة الهدف والمصير. ■ فى رأيك هل يمكن اختزال العلاقات بين البلدين فى الاقتصاد والمبادلات التجارية؟ - قد لا يعلم كثيرون أن بداية العلاقات كانت عبر الثقافة والفنون والتعليم، وربما هذا سبب صمودها أمام المتغيرات كافة، ولا ننسى أن البعثات التعليمية الكويتية للخارج كانت تضع مصر فى مقدمة وجهاتها، وأن كثيرًا من القامات المصرية فى الأدب والمسرح والصحافة أسهمت بدور مشهود فى ملامح النهضة الكويتية ولاتزال تُذكر بالخير حتى الوقت الحالى من أبناء الكويت. ■ وكم يبلغ حجم الاستثمارات الكويتية فى مصر؟ - تتنوع هذه الاستثمارات ما بين مشروعات مشتركة ومشروعات فردية وفروع لمؤسسات كويتية، وهى تنمو باستمرار وتعتبر مصر من الوجهات المفضلة، لأسباب عديدة، ولا شك أنه كلما مضت مصر فى الإصلاحات الهيكلية وتحسين بيئة الاستثمار، كلما شكّل ذلك عنصر جذب إضافيا لمزيد من الاستثمارات التى بلغت، وفق أحدث التقديرات، المرتبة الرابعة بين إجمالى الاستثمارات الخارجية فى مصر، بقيمة تتجاوز 15 مليار دولار. ■ وماذا بشأن حجم التبادل التجارى بين البلدين؟ - المبادلات التجارية تتأثر بالأجواء العالمية والإقليمية، ولا شك أن السنوات القليلة الماضية شهدت تذبذبًا فى حجم هذه المبادلات بسبب جائحة كورونا ثم الحرب الجارية فى أوكرانيا، والتى أثرت على سلاسل الإمداد فى جميع أنحاء العالم، ونحن ندفع دائمًا باتجاه رفع معدلات التبادل التجارى، بما يتواكب مع طبيعة العلاقات الأخوية المتميزة على الصعيد السياسى، ويقدر إجمالى التبادل الثنائى بنحو 5 مليارات دولار سنويًا، بما فى ذلك السياحة والتحويلات. ■ الحديث ينصب على الاستثمارات الكويتية داخل مصر.. فهل هناك استثمارات مصرية بالكويت؟ - الاستثمارات تبحث دائما عن البيئة المناسبة لنموها واستقرارها، وبما أن الكويت بلد منفتح على العالم ولا يغلق أبوابه فى وجه الاستثمارات الخارجية، فإنه يشكل مصدر جذب لعدد من القطاعات، وتشير التقديرات إلى وجود استثمارات مصرية فى الكويت تتجاوز المليار دولار عبر مئات الشركات التى تعمل فى الكويت برأسمال مشترك، وتتركز فى مجالات البناء والتشييد والخدمات، علاوة على فروع الشركات المصرية وسوق الأوراق المالية، كما تنشط عدة شركات مصرية فى قطاع الأعمال بالكويت، بينها شركة المقاولون العرب التى تولّت تنفيذ مستشفى الشيخ جابر الأحمد، الذى يعد الأكبر فى الشرق الأوسط. ■ وما فرص عمل الشركات المصرية فى الكويت؟ - دخول الشركات المصرية للعمل فى السوق الكويتية يتم وفق الضوابط والنظم القانونية المطبقة، ولديها فرص متكافئة مع الشركات الأخرى وفقًا لمبدأ المنافسة، ونحن نشجّع جميع الشركات على دراسة الفرص الواعدة فى السوق الكويتية. ■ وهل تأثرت تلك الاستثمارات بسبب الأزمة الاقتصادية التى يعانى منها العالم؟ - لا شك أن الأزمات العالمية تلقى بظلالها على جميع الدول وتفرض أوضاعًا جديدة تستدعى التأقلم، تجنبًا لامتداد تأثير هذه الأزمات على المنطقة، بما يضمن التعامل الملائم مع تداعياتها، لكننى متفائل بإمكانية أن تنبثق من أجواء الأزمة فرص يستفيد منها الجميع. ■ وهل يتوقع أن تشهد الفترة المقبلة زيادة فى حجم الاستثمارات الكويتية؟ - الزيارات المتبادلة التى شهدتها كلا البلدين خلال الأشهر القليلة الماضية من جانب وفود اقتصادية تمثل مجتمع المال والأعمال، وما تواكب معها من لقاءات وحوارات، أعتقد أنها ستنعكس بشكل إيجابى على حجم التعاون من حيث جذب استثمارات جديدة أو توسيع الاستثمارات القائمة. ■ وكيف ترى الدور الذى تقوم به العمالة المصرية فى الكويت؟ - الكويت تفتح أبوابها دائمًا للكوادر المصرية التى أسهمت ولاتزال تسهم فى بنائها وازدهارها وتحظى بالرعاية والاهتمام كأخوة وأشقاء، وهو نوع آخر من التعاون الاقتصادى والدعم غير المباشر للاقتصاد المصرى، حيث وصل حجم الجالية المصرية فى الكويت إلى المرتبة الثانية بالنسبة للعمالة الوافدة يساهمون فى مجالات التنمية المختلفة وتزيد قيمة تحويلاتها عن 4 مليارات دولار سنويًا. ■ يتردد أن هناك إجراءات تتخذها الكويت للاستغناء عن العمالة المصرية.. ما حقيقة الأمر؟ - كلام إعلامى لا أساس له من الصحة، حيث إن قيام الجهات المختصة بإجراءات لتنظيم العمالة ومواجهة السماسرة وتجار الإقامات التى تطبقها السلطات ليس موجها تجاه فئة أو جنسية معينة ومن باب أولى لا يمكن أن يتعلق بالأشقاء الذين تربطنا بهم وشائج الأخوة والمحبة. ■ وما حجم التنسيق السياسى بين مصر والكويت فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك خاصة القضية الفلسطينية والأوضاع التى تشهدها بعض الدول العربية؟ - التنسيق قائم على أعلى المستويات، وهو مستمر، ولم ينقطع فى يوم من الأيام، وهو لا يقتصر كذلك على ملف دون الآخر، فالبلدان على توافق فى كثير من القضايا الدولية بالنسبة لمساندة الأشقاء الفلسطينيين، والقضية الفلسطينية من أولويات السياسة الخارجية الكويتية حتى يستعيد أشقاؤنا فى فلسطين حقوقهم المشروعة بإقامة دولة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف، والكويت ومصر ضمن المجموعة العربية تعملان على دعم الموقف الفلسطينى فى المنظمات الدولية ويتعاطيان بمسؤولية تامة نابعة من الدور القومى والانتماء العروبى والإنسانى مع تطورات ومستجدات الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلى. ■ قضية سد النهضة الإثيوبى على رأس القضايا التى تشغل الشعب المصرى.. ما موقف الكويت من هذه القضية؟ - الكويت لديها موقف واضح وثابت لا لبس فيه، عبّرت عنه فى أكثر من محفل دولى وإقليمى، بما فى ذلك جامعة الدول العربية، ومفاده التضامن الكامل مع مصر والسودان فى حل أزمة السد الإثيوبى ورفض أى إجراء أحادى يمس بحقوقهما المائية، باعتبار أن الأمن المائى لكل من مصر والسودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى، كما عبرت عن مساندة المساعى الإقليمية والدولية الرامية إلى حل الأزمة بما يراعى مصالح الأطراف وفقا لمبادئ القانون الدولى واتفاقية المبادئ الموقعة بين مصر والسودان وإثيوبيا فى 2015.
