500 صفحة مما تركه بخط يده.. مذكرات «آلان ريكمان» بجنون وبعمق وبكثير من الصراحة

منذ 7 سنوات عندما توفى النجم آلان ريكمان عام 2016، حدثت صدمة لدى الوسط الفنى والجماهير، سواء تلك التى ارتبطت بالنجم الإنجليزى بعد أدائه لدور هانز جروبر فى فيلم «Die Hard» الجزء الأول عام 1988، أو الأجيال الأصغر سنا التى ارتبطت أيضا بآلان ريكمان من خلال أدائه لشخصية دكتور سفيريوس سناب فى سلسلة أفلام هارى بوتر الشهيرة، رغم أن آلان ريكمان توفى بسبب سرطان البنكرياس، وكان عمره 69 عاما، لكن شعر الجميع بأن ذلك الرجل بكل ما يملكه من موهبة كان لا يزال لديه الكثير ليقدمه لجمهوره.
اعتاد آلان ريكمان منذ عام 1972 على أن يحتفظ فى جيبه بمفكرة يسجل فيها مواعيده وأهم الأحداث التى حضرها أو ينوى المشاركة فيها، وفى عام 1992 اشترى نوعا من المفكرات التى تسمح له بمساحة أكبر يدون فيها الأحداث التى مر بها كل يوم، ومنذ ذلك الوقت وحتى وفاته لم تفارقه تلك المذكرات، التى لم تعد تحتوى على أهم المواقف التى مر بها فحسب، لكن أيضا انطباعاته عن زملائه، ورأيه فى الأعمال التى شارك بها، أو حتى الأعمال التى لم يكن طرفا فيها، والكلمات التى لم تتح له الفرصة ليقولها، رغم صراحته التى اشتهر بها فى الوسط الفنى، وهى نفسها المذكرات التى صدرت الأسبوع الماضى باسم Madly Deeply: The Diaries of Alan RickmanK بمبادرة من زوجته السياسية البريطانية ريما هورتون.
المذكرات التى احتوت على 500 صفحة، وهى بعض مما تركه آلان ريكمان بخط يده، وكتب المقدمة لها صديقته العزيزة النجمة إيما تومسون، والتى شاركته أفلام Sense & Sensibility و« Love Actually»، وأيضا لعبت دور البطولة فى فيلم «The Winter Guest» الذى أخرجه آلان ريكمان عام 1997، وكتبت إيما تومسون فى مقدمة المذكرات: «آلان ريكمان.. كان فيه قدر من الحكمة، ولو امتلك قدراً أكبر من الثقة، واستعداداً أكبر للفساد لكان من المحتمل أن يطلق دينه الخاص».
وآلان ريكمان واحد من أكثر الفنانين الموهوبين، امتلك القدرة على أن يضع لكل شخصية فنية بصمتها الخاصة ويبث فيها الحياة حتى لو كانت شخصية عادية من خلال نظراته ونبرة صوته المميزة، ويجعلها شخصية لا تنسى عند الجمهور، وفى مذكراته كان يكتب كل تفصيله تمر عليه يوميا، يحكى عن منزله، الرحلات مع الأصدقاء فى جميع أنحاء العالم، تجاربه الإخراجية، خاصة فيلمه الأخير «A Little Chaos»، الذى قدمه عام 2014، وشارك فى بطولته مع النجمة كيت ونسليت.
رغم صراحته لكن لم يعرف أحد هل كان «آلان ريكمان» يقول للآخرين انطباعاته عنهم فى حضورهم أم لا، فقد كتب عن كيت ونسليت قائلا إنه لم يكتشف مدى جمال شخصيتها إلا عندما تعامل معها أثناء إخراجه لفيلم «A Little Chaos»، أو إيوان ماكجريجور الذى يجده منغلقا على نفسه لدرجة مذهلة لكنه مثل الطفل، بينما هيو جرانت لاذع وحاد الطباع، أو إيما واتسون صديقته العزيزة التى يحبها بشدة، ويجدها مغرمة بالسيطرة ومتابعة كل التفاصيل بشكل شخصى، وهى بالفعل بارعة فى القيام بذلك.
كما كتب عن فيلم «Jurassic Park» ل«ستيفن سبيلبيرج» ثمانى كلمات «ما هى الحبكة بحق الجحيم؟ الديناصورات العظيمة!»، وكان يجد فيلم «Mamma Mia» ممتعاً، ولكن كان يمكن أن يكون ببعض الإضافات فيلما رائعا، وأشار إلى انطباعه عن مسرحية الكاتب سكوت ماكفرسون Scott McPherson التى وصفها بأنها «مسرحية أخرى من تلك المسرحية الأمريكية التى تصر على أن تشعر بشىء ما»، أما حفل توزيع جوائز الأوسكار فقد وصفه بأنه حفل «محرج وعديم الجدوى».
آلان ريكمان كما تكشف مذكراته لم يكن قاسيا فى أحكامه على الآخرين فحسب، لكن أيضا على نفسه، وكان يأخذ عمله بجدية لا تصدق ولا يتحمل ألا يفعل الآخرون ذلك، كان يسعى إلى الأداء العظيم فى كل شىء، لدرجة تظهره مبالغا فى بعض الأحيان، فهو يقول عن تصوير فيلم «Mesmer» عام 1993: «لا أعرف من هو المصيب أو المخطئ. أنا صعب، مزاجى حاد، وأجد صعوبة فى التواصل مع الآخرين، أما هم فعاطفيون، مدفوعون بالتأثير وغير منضبطين».
سلسلة أفلام هارى بوتر كان لها نصيب الأسد فى المذكرات، فمؤلفة السلسلة جى كيه رولينج رشحت آلان ريكمان لأداء دور بروفيسور سناب فى الجزء الأول Harry Potter and the Sorcerer›s Stone «2001»، وقالت إنه كان الشخص الذى تخيلته يتحدث ويقدم هذه الشخصية أثناء كتابتها، لكن شركة الإنتاج كانت تفضل تيم روث، وبالفعل لم يذهب الدور إلى آلان ريكمان إلا بعد أن فضل تيم روث تقديم فيلم Planet of the Apes» 2001»، بدلا من المشاركة فى هارى بوتر.
ورغم النجاح الذى حققه آلان ريكمان فى دور بروفيسور سناب، لكن ريكمان نفسه لم يكن راضيا عن استمراره فى العمل بالسلسلة، كما يقول فى مذكراته، فالبطولة فيها لمجموعة من الشباب الصغير جدا، وأدوارهم أكبر من أسماء النجوم الكبار المشاركين فى الأفلام، ووصف ظهوره فى الجزء الأول بأنه كان بشعا، فهو مجرد شخص غامض يمسك بعصاة ويلوح بها.
وكتب ريكمان عن بطل سلسلة أفلام «هارى بوتر» بأنه لا يعتقد أن دانيال رادكليف ممثل حقيقى أو سيكون فى المستقبل ممثلا ناجحا، فهو صغير جدا، ويحتاج إلى التوجيه، لكن بعد سنوات التقى معه على الغداء، ويبدو أن هذا اللقاء غير قليلا من رأيه، لأنه كتب «كان عمره 12 سنة، والآن 19، متى مر ذلك الوقت؟، لقد أصبح الفتى ثريا ويمتلك شقة كبيرة فى نيويورك، لقد أصبح شديد التركيز، وجادا، لكنه مرح أيضا، وصريحا، لكننى لا أعتقد أنه ممثل، ربما يتجه إلى الإخراج أو الإنتاج».
لم يحصل آلان ريكمان على جائزة الأوسكار، لكنه حصل على جائزة إيمى وجائزة جولدن جلوب عن أدائه فى فيلم «Rasputin» عام 1997، كما حصل على جائزة الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون «بافتا» أفضل ممثل فى دور مساعد عن دوره فى فيلم «Robin Hood: Prince of Thieves Poster».
تزوج ريكمان فى عام 2015 من حب عمره «ريما هورتون»، الذى التقى بها عندما كان عمره 19 عاما، وذلك قبل عام من وفاته.