عقد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعاً بمقر الهيئة العامة للاستثمار، مع وفد كويتى ضم نحو 45 من رجال الأعمال والاقتصاد والتجارة والبنوك، تمثل غالبية القطاعات الاقتصادية الكويتية. حضر الاجتماع المهندس أحمد سمير، وزير التجارة والصناعة، والمستشار محمد عبدالوهاب، الرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، ومحمد جاسم الصقر، رئيس غرفة التجارة والصناعة بالكويت، ورئيس الجانب الكويتى بمجلس التعاون المصرى الكويتى، وغانم صقر الغانم، سفير دولة الكويت لدى القاهرة، ومحمد المصرى، نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية، وعلاء عز، الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية. واستهل رئيس الوزراء الاجتماع بالترحيب بالوفد الكويتى، مؤكداً عمق وقوة العلاقات بين مصر والكويت، ومُشيرا إلى الزيارات المتبادلة بين البلدين على مستوى القيادات وآخرها زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الكويت فى فبراير الماضى. وأضاف أن تعدد التحديات الدولية الراهنة تفرض على الدول العربية تعزيز التنسيق والتعاون فيما بينها؛ للتكاتف معا من أجل مجابهة هذه التحديات، خاصة فى شقها الاقتصادى، لاسيما أن مؤسسات الفكر العالمية تؤكد أن الظروف التى يمر بها العالم الآن هى الأصعب منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تطال تداعيات هذه الأزمات جميع الدول بمختلف مستوياتها. وأوضح مدبولى أن مصر تأثرت مثل غيرها من دول العالم بالظروف العالمية الحالية التى أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية، وعلى الرغم من جائحة «كورونا» والأزمة الروسية- الأوكرانية، استطاعت الدولة المصرية أن تعبر هاتين الأزمتين بأقل الأضرار، مدعومة بما تبنته من برامج للإصلاح الاقتصادى، وأكد أن المواطن المصرى لم يجد أى نقص فى المعروض من السلع، وعندما ارتفعت الأسعار على مستوى العالم، حرصت الحكومة على عدم تمرير هذه الزيادة جميعها على المواطن، حيث تحملت الدولة الجزء الأكبر منها. وتابع: «توجد حالة من عدم اليقين حول ماهية الرؤية المستقبلية للوضع الاقتصادى العالمى فى هذه الظروف الاستثنائية، ولا أحد يستطيع التنبؤ بما سيكون عليه الوضع بعد بضعة أشهر، وأى استثمار طويل أو متوسط الأجل فى مصر سيكون له تأثير مضاعف بعد أن يبدأ الاقتصاد العالمى فى التعافى، وبالتأكيد ما حدث قد سبب ضغوطا على الاقتصاد المصرى، ولكن هذه الأزمة ستمر، ونحن استطعنا تجاوز أزمة جائحة كورونا وحققنا خلالها أرقام نمو إيجابية مقارنة بدول العالم المختلفة، وذلك بشهادة المؤسسات الدولية المتخصصة». وأعرب رئيس الوزراء عن ترحيب الحكومة المصرية بزيادة حجم الاستثمارات الكويتية فى مصر خلال الفترة المقبلة، وحرصها على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص المحلى والدولى، خاصة مع ما تتبناه الدولة الآن من سياسات تحفيزية لدعم القطاع الخاص، وأشار إلى أن قانون الاستثمار المصرى يضمن عملية دخول وخروج رؤوس الأموال والأرباح للمشروعات فى أى وقت، كما أصدرت الحكومة قانون الإفلاس لحماية المستثمر فى حالة التصفية أو الإغلاق. وطمأن رئيس الوزراء الوفد الكويتى بشأن ضمان خروج رأس المال من السوق المصرية إذا ما رغب المستثمر فى ذلك، ولتحويل الأرباح للخارج، وأضاف: «اتخذنا العديد من الإجراءات خلال العام الماضى لتهيئة مناخ الأعمال أمام المستثمرين، وأهم هذه الإجراءات هو الإعلان عن الرخصة الذهبية التى يتم إصدارها مباشرة من مجلس الوزراء، ويجُب الحصول عليها جميع الموافقات التى تصدر من جميع الجهات المعنية الأخرى»، وأشار رئيس الوزراء إلى الإجراءات التى تم اتخاذها لتسعير الأراضى الصناعية على مستوى الجمهورية، وإقامة المشروعات على هذه الأراضى إما بنظام التملك أو حق الانتفاع، موضحا أنه فى حالة حق الانتفاع، يُمكن للمستثمر تملك الأراضى بعد مدة معينة من بدء المشروع إذا رغب فى ذلك. وتابع: حددنا مدة لا تتجاوز 20 يوم عمل للحصول على جميع الموافقات والرخص الخاصة بالمشروعات، ويوجد لجنة لمتابعة هذا الأمر، كما تم إنشاء لجنة لحل مشكلات المستثمرين إلى جانب الآليات الأخرى الموجودة بالفعل لتسوية هذه المشكلات مثل اللجنة القائمة فى الهيئة العامة للاستثمار، مؤكدا أن لجنة حل مشكلات المستثمرين بمجلس الوزراء تنظر فى هذه المشكلات قبل أن تتطور إلى نزاعات أو قضايا تحكيمية، حيث قامت هذه اللجنة بالفعل بتسوية العديد من المشكلات. ودعا مدبولى فى هذا السياق المستثمرين إلى التواصل المباشر معه لتسريع تنفيذ مشروعاتهم المقبلة وإزالة أية معوقات، وجدد حرص الحكومة على زيادة الاستثمارات الكويتية فى مصر، لافتا فى هذا السياق إلى أن الحكومة لديها خريطة استثمارية لعدد كبير من المشروعات فى جميع المجالات، كما أكد أهمية تعزيز مجالات التبادل التجارى بين البلدين. وقال: «يوجد عدد من الأهداف والقطاعات التى توليها الحكومة أولوية خلال الفترة الحالية، وتتمثل فى توطين الصناعة والتركيز على مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، والبنية الأساسية، والاتصالات، والاستثمار السياحى والعقاري»، وأوضح رئيس الوزراء أن الحكومة المصرية منفتحة على أية اتفاقات شراكة مع الجانب الكويتى فى مجال الصوامع والمراكز اللوجستية، متابعا: «هذه النوعية من المشروعات لها جدوى اقتصادية كبيرة، والحكومة بذلت جهدا ملحوظا على مدار الفترة الماضية لتطوير هذه الصوامع والمراكز اللوجستية». وأضاف: «الحكومة المصرية لديها أولوية قصوى فيما يتعلق بتحقيق معدلات تنمية أكبر، وفى هذا الصدد نواجه تحديات تتعلق بالزيادة السكانية، وتوفير فرص عمل للشباب»، وأشار إلى أنه سيتم عقد مؤتمر اقتصادى بناءً على تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال الشهر الجارى، سيضم الفاعلين فى الشأن الاقتصادى. وتطرق مدبولى إلى «وثيقة سياسة ملكية الدولة»، والتى تتضمن سياسة واضحة لمشاركة الدولة فى القطاعات المختلفة، وتم بشأنها إجراء حوار مجتمعى تضمن 40 جلسة شارك فيها حوالى 1000 من الخبراء والاقتصاديين. وأوضح أنه خلال نوفمبر المقبل سوف تستضيف مصر مؤتمر المناخ COP27 والذى سيكون فرصة كبيرة للتعرف عن قرب على أبرز المشروعات فى مجال الاقتصاد الأخضر، وكذا مختلف المشروعات فى القطاعات المختلفة. وخلال الاجتماع، قال وزير التجارة والصناعة: إن الوفد الكويتى يضم مُمثلين عن القطاعات الاقتصادية المختلفة بدولة الكويت، وهو ما يعكس الأهمية القصوى لهذا الوفد. وأضاف الوزير: خريطة العالم تتغير خلال هذه المرحلة، وأنا على يقين أن هذه الفرصة لن تتكرر، مؤكدا أنه فى وقت الأزمات تُصنع الثروات، وأنه يجب استغلال هذه الفرصة بأفضل طريقة ممكنة. وأعرب رئيس غرفة التجارة والصناعة بالكويت عن شكره وتقديره لرئيس الوزراء ولاتحاد الغرف التجارية المصرية، لحفاوة الاستقبال، مؤكداً أنهم يتابعون باهتمام تطورات برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى منذ العام 2016، وحضور هذا الوفد، الذى يمثل تقريبا أغلب القطاعات فى الاقتصاد الكويتى يعكس مدى الاهتمام بالسوق المصرية. وتابع: كانت مؤشرات الاقتصاد المصرى تسير بشكل جيد جداً حتى وقعت الأزمة الروسية- الأوكرانية، وحدث أن تأثرت مصر مثلما تأثر العالم أجمع بهذه الأزمة، خاصة أن الاقتصاد المصرى يعتمد على هاتين الدولتين بشكل كبير فى استيراد الحبوب، كما أن السياحة الأوكرانية والروسية تمثل نسبة كبيرة من السياحة الوافدة إلى مصر، لكننا على ثقة فى قدرة الاقتصاد المصرى على التعافى لما يتمتع به من مقومات متنوعة. وأكد نائب رئيس اتحاد الغرف التجارية أن دعوة الوفد الكويتى لزيارة مصر تعكس حرص الحكومة المصرية على تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص المحلى والعالمى وزيادة نسبة مساهمته فى الاقتصاد المصرى لتصل إلى 65% بدلا من 30% فى الوقت الحالى، مؤكدا أن ملف توطين الصناعة فى المنطقة العربية يعد من أولويات الدولة المصرية فى المرحلة المقبلة.