محافظ القليوبية يفتتح منافذ بيع جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة في بنها    مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار: مصر رائد إقليمى فى مجال الطاقة الشمسية    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ببداية تعاملات اليوم الثلاثاء    ويتكوف: واشنطن تسعى لتحديد موعد جولة جديدة من المحادثات مع إيران هذا الأسبوع    باكستان: نواجه نقصا في المياه بنسبة 21% خلال بداية الخريف بسبب نقص الإمدادات من الهند    مصر تشدد على خطورة التصعيد بالسودان وتأثيره السلبي على جهود وقف إطلاق النار    الخارجية الصينية: الحرب التجارية بدأتها أمريكا وإذا أرادت التفاوض " فبابنا مفتوح"    الزمالك يستقر على رحيل بيسيرو    رحيل بيسيرو يكلف خزينة الزمالك 7 ملايين جنيه ومفاجأة حول الشرط الجزائي    السعادة تغمر مدرب جيرونا بعد الفوز الأول بالليجا منذ 3 أشهر    فيديو.. الأرصاد: موجة حارة بنهاية الأسبوع.. والعظمى تتجاوز 40 درجة    ضبط 12 طن مصنعات ودواجن منتهية الصلاحية بالقليوبية    النيابة تأمر بإيداع 3 أطفال بدار إيواء بعد إصابة طفل بطلق ناري بكفر الشيخ    النجمة ريانا تستعرض بطنها المنتفخ بعد الإعلان عن حملها الثالث في حفل ميت جالا    إعلام إسرائيلي: لم تتوفر أي معلومات استخباراتية عن الحوثيين قبل الحرب    «العمل» تعلن عن 280 وظيفة للشباب بالشركة الوطنية لصناعات السكك الحديدية    ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    انطلاق اجتماعات وزراء السياحة بمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصاديD8    قبل مباراتي اليوم.. تعرف على جدول ترتيب الدوري المصري    تامر عبد الحميد: لابد من إقالة بيسيرو وطارق مصطفى يستحق قيادة الزمالك    شوبير: الأهلي استقر على المدرب الجديد من ال 5 المرشحين    "هذه أحكام كرة القدم".. الجزيري يوجه رسالة لجماهير الزمالك بعد التعادل مع البنك الأهلي    توقيع بروتوكول بين جامعة حلوان وشركة التعاون للبترول    إعلام جنوب الوادي تشارك في مؤتمر «الابتكار الإعلامي الرقمي وريادة الأعمال»    حبس وغرامة، عقوبة إيواء طالب اللجوء دون إخطار وفقا لقانون لجوء الأجانب    120 جنيهًا أنهت حياتها.. نقاش أمام الجنايات بتهمة قتل زوجته ضربًا حتى الموت    نشرة مرور "الفجر".. تكدس بحركة المرور في شوارع القاهرة والجيزة    تعرف على موعد امتحانات الترم الثاني 2025 لكل مرحلة في محافظة الجيزة    تشييع جثمان الفنان نعيم عيسى من مسجد المنارة فى الإسكندرية ظهر اليوم    ما علاقة الشيطان بالنفس؟.. عالم أزهري يوضح    الصحة: حصول 8 منشآت رعاية أولية إضافية على اعتماد «GAHAR»    وزارة الصحة: حصول 8 منشآت رعاية أولية إضافية على اعتماد «GAHAR»    علي الشامل: الزعيم فاتح بيته للكل.. ونفسي أعمل حاجة زي "لام شمسية"    ياسمين رئيس: كنت مرعوبة خلال تصوير الفستان الأبيض لهذا السبب    سعد الصغير ل رضا البحراوي: «ياريتك اتوقفت من زمان»| فيديو    شريف فتحي: توفير تجربة سياحية ميسرة له بالغ الأثر على الحركة الوافدة إلى مصر    "لا علاقة لى".. ترامب ينأى بنفسه عن صورة يظهر فيها بزى بابا الفاتيكان    شعبة الخضار والفاكهة تعلن موعد هبوط أسعار فاكهة الصيف والخضراوات    علامات تلف طرمبة البنزين في السيارة: وديها لأقرب ميكانيكي    "تمريض قناة السويس" تنظم ندوة حول مشتقات البلازما    19 مايو.. أولى جلسات محاكمة مذيعة بتهمة سب المخرج خالد يوسف وزوجته    طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحان مادة التربية الرياضية    للمرة الثالثة.. مليشيات الدعم السريع تقصف منشآت حيوية في بورتسودان    محافظ أسوان يترأس إجتماع المجلس الإقليمي للسكان بحضور نائب وزير الصحة    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 وعيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع    طرح فيلم «هيبتا المناظرة الأخيرة» الجزء الثاني في السينمات بهذا الموعد؟    انفجارات داخل كلية المدفعية في مدينة حلب شمال سوريا (فيديو)    سقوط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المواقع الانشائية بمدينة بدر    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    رغم هطول الأمطار.. خبير جيولوجي يكشف أسباب تأخير فتح بوابات سد النهضة    فرط في فرصة ثمينة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد تعادل نوتنجهام فورست    إيناس الدغيدي وعماد زيادة في عزاء زوج كارول سماحة.. صور    "READY TO WORK".. مبادرة تساعد طلاب إعلام عين شمس على التخظيظ للوظيفة    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    جاي في حادثة.. أول جراحة حوض طارئة معقدة بمستشفى بركة السبع (صور)    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا اخترنا المقاطعة؟
نشر في المصري اليوم يوم 18 - 07 - 2010

يثير موقف بعض الأحزاب والقوى والحركات السياسية (من بينها حزب الجبهة الديمقراطية) الداعى إلى مقاطعة الانتخابات، ما لم يتوافر الحد الأدنى من الشروط الدستورية والسياسية والقانونية، التى توفر نزاهة ومصداقية تلك الانتخابات - العديد من التساؤلات، خاصة أنه تم بالفعل تنفيذ ذلك الموقف إزاء انتخابات مجلس الشورى الأخيرة.
فلاشك أن تبنى خيار المقاطعة من حزب سياسى بالذات هو أمر بعيد الأثر وشديد الصعوبة والخطورة معا، فأهم مبررات وجود الحزب السياسى أصلا هو السعى للوصول إلى السلطة أو التأثير فيها من خلال أنشطة متعددة.. لاشك أن أولها وأهمها هو المشاركة فى البرلمان من خلال نوابه وممثليه. ولذلك، فإن إحجام أى حزب سياسى عن المشاركة فى الانتخابات التشريعية والعامة ينطوى على حرمانه لنفسه من أهم أساليب وأدوات التأثير السياسى والفاعلية السياسية والتقليص الشديد لقوته وتحجيم فاعليته.
فى هذا السياق، لم يكن من الغريب أن قرار مقاطعة الانتخابات كان من أكثر القضايا التى أثارت جدالا مكثفا، ومناقشات حامية داخل حزب الجبهة الديمقراطية بين مؤيدى القرار ومعارضيه، بل إن تلك المناقشة وذلك الاختلاف الحاد كانا –بالنسبة لى- أحد المعايير المهمة التى يمكن - بناء عليها- تحديد درجة النضج السياسى الديمقراطى داخل الحزب. فالديمقراطية تعنى – فى أحد أهم معانيها- القدرة على التعايش مع الاختلاف، واستعداد كل عضو فى الحزب للتقبل المتحضر وواسع الأفق للقبول بالخلاف فى الرؤى والمواقف.. وتلك كلها قيم ومبادئ لا يمكن التأكد من تفعيلها ورسوخها إلا عبر الوقت، ومن خلال ممارسة حقيقية طويلة النفس.
ولم يكن غريبا أيضا أن هذا القرار، وإن كانت الهيئة العليا للحزب قد اتخذته فى وقت مبكر نسبيا، فإن بعض الأعضاء الرافضين القرار استطاعوا (من خلال الآلية التى تسمح بها اللائحة) الدعوة إلى عقد اجتماع استثنائى أو طارئ للهيئة العليا فى 11 مايو الماضى لمراجعة ذلك القرار، ولكن الاجتماع انتهى أيضا – عقب مناقشات حامية - إلى إقرار الاستمرار فى المقاطعة بأغلبية صوت واحد.
إن فكرة «المقاطعة» أو «مقاطعة الانتخابات» تحديدا ليست جديدة على الممارسات السياسية فى مصر، فى ظل ظروف سياسية معينة، تدفع إليها وتبررها. ويمكن هنا الإشارة إلى مقاطعة حزب الوفد (مع الأحرار الدستوريين) للانتخابات العامة فى مايو - يونيو 1931، بعد أقل من عقد واحد من استقرار النظام الملكى الدستورى وفقا لدستور 1923. ففى محاولة إسماعيل صدقى - رئيس الوزراء فى ذلك الوقت - لتقليص دور السلطة التشريعية (أى البرلمان) التى كان الوفد يسيطر عليها بشعبيته الجارفة، أصدر دستورا جديدا (دستور 1930) الذى أعطى المزيد من الصلاحيات للسلطة التنفيذية، على حساب السلطة التشريعية (يذكرنا بالدستور الحالى وبتعديلات المادة 76!)، مما أتاح للملك فؤاد فى ذلك الوقت فرصة لممارسة حكم أوتوقراطى يحد من سلطة البرلمان.
إزاء ذلك الوضع، قرر حزبا المعارضة فى ذلك الحين - أى حزبى الوفد والأحرار الدستوريين، اللذين شكلا معا ائتلافا للمعارضة تضمنته وثيقة «الميثاق القومى» - مقاطعة الانتخابات، وحث أعضاء هيئة الوفد البرلمانية الأعضاء الوفديين فى المجالس القروية على زيارة دوائرهم الانتخابية، لنشر الدعوة بين الناخبين لمقاطعة الانتخابات القادمة، وتشكلت الوفود من المديريات (المحافظات) لزيارة «بيت الأمة»، حيث كان مصطفى النحاس هو الذى يستقبلهم ويخطب فيهم. وقد كانت تلك المقاطعة شديدة الفعالية، حيث شبهها مصطفى صادق الرافعى بمقاطعة لجنة ملنر عام 1919. وفى المقابل، أصدرت الحكومة تعليمات لجميع الموظفين تحثهم فيها على الإدلاء بأصواتهم، باعتبار أن التصويت «واجب وطنى»! بل إنها وفرت لهم مواصلات مجانية لمقارهم الانتخابية. ومما يدعو إلى الفخر والتأمل هنا، أن بعض الموظفين قاموا بإرسال رد على نشرة الحكومة، قالوا فيه إنه بما أن الإدلاء بأصواتهم أمر اختيارى، فإنهم ليسوا مجبرين على الانصياع للحكومة، لأن ذلك لا يدخل ضمن واجباتهم الوظيفية.
ومرة ثانية، وبعد ما يقرب من عقد ونصف، وبعد أن أقال الملك وزارة الوفد فى أكتوبر 1944، وخلفتها وزارة أحمد ماهر التى ضمت الأحزاب المؤيدة للقصر والمعادية للوفد (أى الهيئة السعدية والأحرار الدستوريين والكتلة الوفدية والحزب الوطنى)، قامت هذه الوزارة بحل مجلس النواب، ودعت إلى انتخابات جديدة فى بداية عام 1945 قاطعها أيضا الوفد. وزورت الحكومة هذه الانتخابات التى تقاسم مقاعدها: السعديون (136)، والأحرار (75)، والكتلة (18)، والحزب الوطنى (7) والمستقلون (38).
أما فى العهد الجمهورى (أى منذ 1952)، فإن أبرز حالات المقاطعة كانت هى مقاطعة أحزاب الوفد والعمل والأحرار وجماعة الإخوان المسلمين لانتخابات عام 1990، منذ أن بدأت العملية الانتخابية بعد التخلص من التنظيم السياسى الواحد عام 1976 (وسبق ذلك - فى عام 1988 - مقاطعة الوفد والتجمع لانتخابات مجلس الشورى عام 1988 - بينما شارك فيها ما سمى التحالف الإسلامى فى ذلك الحين).
معنى ذلك إذن أن المقاطعة ليست بدعة، وليست سلوكا غريبا على القوى السياسية المصرية المعاصرة، بل إنها لجأت إليها أكثر من مرة للتعبير عن احتجاجها أو رفضها، سواء للظروف التى تجرى فيها الانتخابات أو للتعبير عن موقف سياسى محدد.
اليوم، فإننا فى حزب الجبهة الديمقراطية عندما ندعو - ومعنا قوى سياسية أخرى- لمقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة فى مصر، كما قاطعنا انتخابات مجلس الشورى، فإن هذه الدعوة للمقاطعة تتسم بما يلى:
أولا- إنها لا تأتى من فراغ أو من مجرد تخوف أو تشكك، وإنما هى رد فعل لواقع مؤسف، وتجارب مريرة، كان آخرها الانتخابات - المهزلة لمجلس الشورى ذلك العام، والتى كانت قاطعة فى دلالاتها على أن النظام الحالى مُصِّر على الاستمرار فى ممارساته اللاديمقراطية حتى النهاية.
ثانيا- إنها بالتأكيد دعوة لا لمقاطعة الانتخابات فى حد ذاتها، وإنما بداهة من حيث الجوهر، هى دعوة - كما ذكرت وكررت ذلك الأستاذة سكينة فؤاد نائب أول رئيس حزب الجبهة الديمقراطية- لمقاطعة وتزوير الانتخابات.
ثالثا – لذلك، فإن تلك الدعوة للمقاطعة - بعبارة أخرى- دعوة مشروطة، بمعنى أنه إذا حدث واستجابت الحكومة والحزب الوطنى للحد الأدنى من الشروط التى تحقق نزاهة تلك الانتخابات، وضمان تمثيلها الحقيقى لإرادة وأصوات الناخبين، فسوف يكون على قوى المعارضة أن تسعى ليس فقط للمشاركة فيها، وإنما أيضا لحث جماهير الشعب على الخروج من سلبيتها للتعبير عن إرادتها عبر صناديق الانتخاب.
وفى عبارة موجزة، فإن تلك المعارضة هى تعبير عن ثلاث رسائل فى آن واحد:
- هى صرخة احتجاج ورفض لتزوير إرادة الشعب، وإهدار الموارد والطاقات فى عملية هزلية أو مسرحية، لا تنطلى على الداخل أو الخارج.
- هى أداة لحجب الشرعية، لأن المشاركة فى أى انتخابات تنطوى بداهة على تسليم بشرعيتها، ولذلك فإن مقاطعة العملية الانتخابية غير النزيهة هى إعلان واضح على عدم شرعيتها، وهى حجب لأى شرعية عنها.
وأخيرا، فإن المقاطعة ليست فعلا عبثيا، بل هى أداة سياسية مشروعة وفعالة للضغط على الحكومة والحزب الوطنى لتغيير مواقفهما، والكف عن التلاعب بإرادة الشعب.
وفى المقابل، فإن استجابة الحزب والحكومة سوف تكون ذات دلالة عميقة: هل نحن إزاء نظام سياسى مرن لايزال قابلا لتطور أو تكيف، أم أنه وصل إلى مرحلة الجمود والتصلب والعجز عن أى استجابة للضغوط والمطالب الشعبية؟! وفى هذه الحالة الأخيرة، فإن مغزى ذلك سوف يكون أكبر بكثير من قضية الانتخابات أو مقاطعتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.