الخارجية السورية تعتذر لمصر عن ما بدر من إساءة خلال مظاهرات في دمشق    فيريرا: محبط جدًا بسبب الخسارة في لقاء الأهلي    انطلاق المؤتمر السنوي لأمراض الغدد الصماء والسكر بمشاركة نخبة من الخبراء ب«عين شمس»    الحكومة تعلن الخميس 9 أكتوبر إجازة رسمية بمناسبة عيد القوات المسلحة    بعد دعوة رئيس الجمهورية لمجلس الشيوخ ..الخميس دور الانعقاد السادس من الفصل التشريعي الأول    سمير عمر: الصهاينة نجحوا في تسويق روايتهم كضحايا عبر التاريخ    في ظهور أممي نادر.. دبلوماسي كوري شمالي: لن تتخلى عن الأسلحة النووية    «تحت السيطرة».. عودة الكهرباء لمستشفى قفط بقنا    سلوت يكشف سبب غياب كييزا عن مواجهة ليفربول وجالاتا سراي    مودريتش يكشف سر التألق في سن الأربعين: «حب اللعبة هو المحرك الأساسي»    الحماية المدنية تستخرج جثتين من داخل سيارة بحادث التجمع.. فيديو    جمال حمزة ل"كلمة أخيرة": الزمالك لعب 12 دقيقة فقط.. وفيريرا أخطأ في التغييرات    محافظ الأقصر يفتتح منفذ بيع الكتب بمكتبة مصر العامة    نيرمين الفقي تحسم الجدل حول إمكانية زواجها الفترة القادمة    سمير عمر: نتنياهو يسعى لحشر حماس في زاوية رفض خطة ترامب لتبرير استمرار الحرب    وفاء حامد تكشف توقعات فلكية وتحذّر من اضطرابات عالمية قادمة    حقيقة ظهور الزعيم عادل إمام من داخل الحرم المكي    عضو مركز الأزهر: الزكاة طهارة للنفس والمال وعقوبة مانعها شديدة    مصر والدومينيكان تبحثان تعزيز التعاون في مجال الطيران المدني    خطة زمنية للمقررات الدراسية وتحقيق الانضباط داخل مدرجات ومعامل جامعة المنوفية    ضبط 3 متهمين في واقعة العثور على رضيع ملقى ب المنوفية    مساعد وزير البيئة: الدولة نجحت في تطوير البنية التحتية لإدارة المخلفات    وزير السياحة: نستهدف أن نكون رقم واحد عالمياً فى تنوع المنتج السياحى    يلا كورة لايف.. مشاهدة مباراة وست هام ضد إيفرتون مباشر دون تقطيع | الدوري الإنجليزي الممتاز 2025-2026    مصرع طفلين غرقا في حادثين منفصلين بدار السلام وجرجا في سوهاج    أحمد الفيشاوى وسينتيا خليفة فى أول صور من مشاهدهما بفيلم "سفاح التجمع"    هل تتأثر مصر بفيضانات السودان بعد إطلاق الإنذار الأحمر؟.. عباس شراقي يوضح    هل تصح صلاة الفرض أثناء التنقل في السيارة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل مجالس الذكر حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    الثقافة تفتح باب حجز دور النشر للمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2026    وزارة الصحة توضح حقيقة شكوى مواطنة من معهد القلب القومي    استشاري قلب: الجلوس الطويل أمام الشاشات يضاعف مخاطر أمراض القلب والوقاية تبدأ بالرياضة    يحميك من أمراض مزمنة.. 4 فوائد تجعلك تواظب على شرب الشاي يوميا    درءا للإشاعات.. محافظ شمال سيناء يؤكد اهتمام الدولة بالمواطنين وصرف تعويضات حي الميناء بالعريش    الليلة.. أون سبورت تقدم سهرة كروية استثنائية في القمة 131 بين الأهلي والزمالك    تأهيل الأطباء وحقوق المرضى (4)    الاحتلال الإسرائيلي يحتجز أكثر من 20 شابا ويعتقل آخر شمال رام الله    سقوط سيدة في بئر أسانسير بالمحلة الكبرى    المفوضية الأوروبية تدعو لوقف فوري لإطلاق النار وإدخال المساعدات إلى غزة    رغم إدراج أسهمها في نيويورك.. «أسترازينيكا»: لن نغادر المملكة المتحدة (تفاصيل)    ربيع ياسين: الزمالك يُعاني دفاعيا قبل مواجهة الأهلي.. وكوكا ليس الأنسب للظهير الأيسر    خالد الجندي: آيات القتال مقصورة على الكافر المقاتل وليس الدعوة للعنف    شاهد غرفة ملابس الأهلي في استاد القاهرة قبل القمة    وزير الري يتابع إجراءات تطوير الواجهات النيلية بالمحافظات    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للقطاعين العام والخاص في مصر.. هل يتم ترحيلها؟    «سبب مفاجئ».. فيريرا يطيح بنجم الزمالك قبل مباراة الأهلي    حجز إعادة محاكمة المتهم السابع بقضية "فتنة الشيعة" للنطق بالحكم    وزارة التعليم تعلن توزيع منهج العربى للثالث الإعدادى وشكل الامتحان    إسرائيل هيوم: الحرب المقبلة بين تل أبيب وطهران قد تكون أشد عنفا    معهد بحوث الإلكترونيات أول مؤسسة مصرية تحصل على شهادة إدارة الذكاء الاصطناعي ISO/IEC    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    أسعار الحديد فى أسيوط اليوم الإثنين 2992025    حالة الطقس في السعودية اليوم الاثنين 29-9-2025 ونشاط الرياح المثيرة للغبار    الصحة: 5500 متبرع بالدم خلال 4 أيام لدعم مرضى سرطان الدم ضمن الحملة القومية    صحة غزة: 361 من الطواقم الطبية مُغيبون قسرًا في معتقلات الاحتلال    الحوثيون: قصفنا أهدافا في تل أبيب وملايين الإسرائليين فروا للملاجئ    «الداخلية» تنفي مزاعم إضراب نزلاء أحد مراكز الإصلاح: «أكاذيب إخوانية»    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29 سبتمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا اخترنا المقاطعة؟
نشر في المصري اليوم يوم 18 - 07 - 2010

يثير موقف بعض الأحزاب والقوى والحركات السياسية (من بينها حزب الجبهة الديمقراطية) الداعى إلى مقاطعة الانتخابات، ما لم يتوافر الحد الأدنى من الشروط الدستورية والسياسية والقانونية، التى توفر نزاهة ومصداقية تلك الانتخابات - العديد من التساؤلات، خاصة أنه تم بالفعل تنفيذ ذلك الموقف إزاء انتخابات مجلس الشورى الأخيرة.
فلاشك أن تبنى خيار المقاطعة من حزب سياسى بالذات هو أمر بعيد الأثر وشديد الصعوبة والخطورة معا، فأهم مبررات وجود الحزب السياسى أصلا هو السعى للوصول إلى السلطة أو التأثير فيها من خلال أنشطة متعددة.. لاشك أن أولها وأهمها هو المشاركة فى البرلمان من خلال نوابه وممثليه. ولذلك، فإن إحجام أى حزب سياسى عن المشاركة فى الانتخابات التشريعية والعامة ينطوى على حرمانه لنفسه من أهم أساليب وأدوات التأثير السياسى والفاعلية السياسية والتقليص الشديد لقوته وتحجيم فاعليته.
فى هذا السياق، لم يكن من الغريب أن قرار مقاطعة الانتخابات كان من أكثر القضايا التى أثارت جدالا مكثفا، ومناقشات حامية داخل حزب الجبهة الديمقراطية بين مؤيدى القرار ومعارضيه، بل إن تلك المناقشة وذلك الاختلاف الحاد كانا –بالنسبة لى- أحد المعايير المهمة التى يمكن - بناء عليها- تحديد درجة النضج السياسى الديمقراطى داخل الحزب. فالديمقراطية تعنى – فى أحد أهم معانيها- القدرة على التعايش مع الاختلاف، واستعداد كل عضو فى الحزب للتقبل المتحضر وواسع الأفق للقبول بالخلاف فى الرؤى والمواقف.. وتلك كلها قيم ومبادئ لا يمكن التأكد من تفعيلها ورسوخها إلا عبر الوقت، ومن خلال ممارسة حقيقية طويلة النفس.
ولم يكن غريبا أيضا أن هذا القرار، وإن كانت الهيئة العليا للحزب قد اتخذته فى وقت مبكر نسبيا، فإن بعض الأعضاء الرافضين القرار استطاعوا (من خلال الآلية التى تسمح بها اللائحة) الدعوة إلى عقد اجتماع استثنائى أو طارئ للهيئة العليا فى 11 مايو الماضى لمراجعة ذلك القرار، ولكن الاجتماع انتهى أيضا – عقب مناقشات حامية - إلى إقرار الاستمرار فى المقاطعة بأغلبية صوت واحد.
إن فكرة «المقاطعة» أو «مقاطعة الانتخابات» تحديدا ليست جديدة على الممارسات السياسية فى مصر، فى ظل ظروف سياسية معينة، تدفع إليها وتبررها. ويمكن هنا الإشارة إلى مقاطعة حزب الوفد (مع الأحرار الدستوريين) للانتخابات العامة فى مايو - يونيو 1931، بعد أقل من عقد واحد من استقرار النظام الملكى الدستورى وفقا لدستور 1923. ففى محاولة إسماعيل صدقى - رئيس الوزراء فى ذلك الوقت - لتقليص دور السلطة التشريعية (أى البرلمان) التى كان الوفد يسيطر عليها بشعبيته الجارفة، أصدر دستورا جديدا (دستور 1930) الذى أعطى المزيد من الصلاحيات للسلطة التنفيذية، على حساب السلطة التشريعية (يذكرنا بالدستور الحالى وبتعديلات المادة 76!)، مما أتاح للملك فؤاد فى ذلك الوقت فرصة لممارسة حكم أوتوقراطى يحد من سلطة البرلمان.
إزاء ذلك الوضع، قرر حزبا المعارضة فى ذلك الحين - أى حزبى الوفد والأحرار الدستوريين، اللذين شكلا معا ائتلافا للمعارضة تضمنته وثيقة «الميثاق القومى» - مقاطعة الانتخابات، وحث أعضاء هيئة الوفد البرلمانية الأعضاء الوفديين فى المجالس القروية على زيارة دوائرهم الانتخابية، لنشر الدعوة بين الناخبين لمقاطعة الانتخابات القادمة، وتشكلت الوفود من المديريات (المحافظات) لزيارة «بيت الأمة»، حيث كان مصطفى النحاس هو الذى يستقبلهم ويخطب فيهم. وقد كانت تلك المقاطعة شديدة الفعالية، حيث شبهها مصطفى صادق الرافعى بمقاطعة لجنة ملنر عام 1919. وفى المقابل، أصدرت الحكومة تعليمات لجميع الموظفين تحثهم فيها على الإدلاء بأصواتهم، باعتبار أن التصويت «واجب وطنى»! بل إنها وفرت لهم مواصلات مجانية لمقارهم الانتخابية. ومما يدعو إلى الفخر والتأمل هنا، أن بعض الموظفين قاموا بإرسال رد على نشرة الحكومة، قالوا فيه إنه بما أن الإدلاء بأصواتهم أمر اختيارى، فإنهم ليسوا مجبرين على الانصياع للحكومة، لأن ذلك لا يدخل ضمن واجباتهم الوظيفية.
ومرة ثانية، وبعد ما يقرب من عقد ونصف، وبعد أن أقال الملك وزارة الوفد فى أكتوبر 1944، وخلفتها وزارة أحمد ماهر التى ضمت الأحزاب المؤيدة للقصر والمعادية للوفد (أى الهيئة السعدية والأحرار الدستوريين والكتلة الوفدية والحزب الوطنى)، قامت هذه الوزارة بحل مجلس النواب، ودعت إلى انتخابات جديدة فى بداية عام 1945 قاطعها أيضا الوفد. وزورت الحكومة هذه الانتخابات التى تقاسم مقاعدها: السعديون (136)، والأحرار (75)، والكتلة (18)، والحزب الوطنى (7) والمستقلون (38).
أما فى العهد الجمهورى (أى منذ 1952)، فإن أبرز حالات المقاطعة كانت هى مقاطعة أحزاب الوفد والعمل والأحرار وجماعة الإخوان المسلمين لانتخابات عام 1990، منذ أن بدأت العملية الانتخابية بعد التخلص من التنظيم السياسى الواحد عام 1976 (وسبق ذلك - فى عام 1988 - مقاطعة الوفد والتجمع لانتخابات مجلس الشورى عام 1988 - بينما شارك فيها ما سمى التحالف الإسلامى فى ذلك الحين).
معنى ذلك إذن أن المقاطعة ليست بدعة، وليست سلوكا غريبا على القوى السياسية المصرية المعاصرة، بل إنها لجأت إليها أكثر من مرة للتعبير عن احتجاجها أو رفضها، سواء للظروف التى تجرى فيها الانتخابات أو للتعبير عن موقف سياسى محدد.
اليوم، فإننا فى حزب الجبهة الديمقراطية عندما ندعو - ومعنا قوى سياسية أخرى- لمقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة فى مصر، كما قاطعنا انتخابات مجلس الشورى، فإن هذه الدعوة للمقاطعة تتسم بما يلى:
أولا- إنها لا تأتى من فراغ أو من مجرد تخوف أو تشكك، وإنما هى رد فعل لواقع مؤسف، وتجارب مريرة، كان آخرها الانتخابات - المهزلة لمجلس الشورى ذلك العام، والتى كانت قاطعة فى دلالاتها على أن النظام الحالى مُصِّر على الاستمرار فى ممارساته اللاديمقراطية حتى النهاية.
ثانيا- إنها بالتأكيد دعوة لا لمقاطعة الانتخابات فى حد ذاتها، وإنما بداهة من حيث الجوهر، هى دعوة - كما ذكرت وكررت ذلك الأستاذة سكينة فؤاد نائب أول رئيس حزب الجبهة الديمقراطية- لمقاطعة وتزوير الانتخابات.
ثالثا – لذلك، فإن تلك الدعوة للمقاطعة - بعبارة أخرى- دعوة مشروطة، بمعنى أنه إذا حدث واستجابت الحكومة والحزب الوطنى للحد الأدنى من الشروط التى تحقق نزاهة تلك الانتخابات، وضمان تمثيلها الحقيقى لإرادة وأصوات الناخبين، فسوف يكون على قوى المعارضة أن تسعى ليس فقط للمشاركة فيها، وإنما أيضا لحث جماهير الشعب على الخروج من سلبيتها للتعبير عن إرادتها عبر صناديق الانتخاب.
وفى عبارة موجزة، فإن تلك المعارضة هى تعبير عن ثلاث رسائل فى آن واحد:
- هى صرخة احتجاج ورفض لتزوير إرادة الشعب، وإهدار الموارد والطاقات فى عملية هزلية أو مسرحية، لا تنطلى على الداخل أو الخارج.
- هى أداة لحجب الشرعية، لأن المشاركة فى أى انتخابات تنطوى بداهة على تسليم بشرعيتها، ولذلك فإن مقاطعة العملية الانتخابية غير النزيهة هى إعلان واضح على عدم شرعيتها، وهى حجب لأى شرعية عنها.
وأخيرا، فإن المقاطعة ليست فعلا عبثيا، بل هى أداة سياسية مشروعة وفعالة للضغط على الحكومة والحزب الوطنى لتغيير مواقفهما، والكف عن التلاعب بإرادة الشعب.
وفى المقابل، فإن استجابة الحزب والحكومة سوف تكون ذات دلالة عميقة: هل نحن إزاء نظام سياسى مرن لايزال قابلا لتطور أو تكيف، أم أنه وصل إلى مرحلة الجمود والتصلب والعجز عن أى استجابة للضغوط والمطالب الشعبية؟! وفى هذه الحالة الأخيرة، فإن مغزى ذلك سوف يكون أكبر بكثير من قضية الانتخابات أو مقاطعتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.