شعار الحملة العالمية الجديدة.. الإفراط فى المضادات الحيوية يسبب الوفاة

الكثيرون يلجأون إلى تناول المضادات الحيوية، عند ظهور أعراض أى مرض عليهم، دون العودة للطبيب، ويظهر ذلك جليًّا خلال هذه الأيام مع انتشار أعراض البرد والإصابة بفيروس الإنفلونزا، مع الخوف من فيروس كورونا المستجد «كوفيد- 19»، دون معرفتهم بأن الإفراط فى استخدام المضادات الحيوية يؤدى إلى مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية، حيث يصبح الميكروب مقاومًا للدواء الأصلى، وبالتالى فإن تناول المضادات دون داع قد يفقدها فعاليتها، وقد يؤدى إلى الوفاة، وحاليا تهدد دول العالم بعدم الإمداد بها خلال المرحلة المقبلة.
لهذا السبب قررت اللجنة التنفيذية الثلاثية (والتى تضم منظمة الأغذية والزراعية للأمم المتحدة (الفاو)، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، ومنظمة الصحة العالمية)، تحديد الفترة من 18 إلى 24 نوفمبر، من كل عام للاحتفال بأسبوع التوعية، وذلك ابتداءً من العام الحالى، وجاء شعار الحملة «تعامل بحرص مع مضادات الميكروبات».
وأكد الدكتور عمر أبو العطا، مسؤول برامج الترصد والاستعداد والاستجابة بمكتب المنظمة، أن الحاجة إلى تضافر جميع الجهود من أجل منع والتحكم فى انتشار الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية، أصبحت أكثر إلحاحًا من أى وقت مضى فى ظل جائحة كورونا، ولذلك تدعو منظمة الصحة العالمية إلى استخدام المضادات الحيوية بشكل أكثر حرصًا، حيث إن مقاومة مضادات الميكروبات تحدث عندما تكتسب البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات مقاومة لتأثير الأدوية، مما يجعل من الصعب معالجة الأنواع الشائعة من العدوى ويزيد من مخاطر انتشار الأمراض والاعتلالات الوخيمة والوفاة.
وقال: «يستهدف الأسبوع العالمى للتوعية بشأن مضادات الميكروبات، رفع الوعى بظاهرة مقاومة مضادات الميكروبات على الصعيد العالمى وتشجيع عامة الجمهور والمسؤولين، على اعتماد أفضل الممارسات لتجنب استمرار ظهور حالات العدوى المقاومة للأدوية وانتشارها».
وأوضح الدكتور إيهاب عطية، مدير عام الإدارة العامة لمكافحة العدوى، أنه جار إدراج عدد من المستشفيات ضمن منظومة ترصد الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية وبرنامج ترشيد استخدام المضادات الحيوية كما يتم التقييم من خلال لجنة من كل من الإدارة العامة لمكافحة العدوى بوزارة الصحة والسكان والمعامل المركزية وهيئة الدواء المصرية.
ولفت إلى أن سوء استخدام المضادات الحيوية بدون داع خاصة عند ظهور أعراض البرد أو الإنفلونزا قد يفقدها فعاليتها، وأن معظم هذه الأنواع من العدوى سببها فيروسى، مشددًا على ضرورة غسل الأيدى باستمرار للحماية من معظم أنواع العدوى، وبالتالى تقليل تناول المضادات الحيوية مما يحافظ على فعاليتها.
واعتمدت منظمة الصحة العالمية خطة عمل عالمية للتصدى للمشكلة المتنامية التى تطرحها مقاومة المضادات الحيوية والأدوية الأخرى المضادة للميكروبات خلال جمعية الصحة العالمية ال68 التى عُقدت فى مايو 2015، ويتمثل أحد الأهداف الرئيسية للخطة فى زيادة الوعى بظاهرة مقاومة مضادات الميكروبات.
وأعلنت المنظمة أن مقاومة مضادات الميكروبات من التهديدات العالمية العشرة الرئيسية للصحة العامة التى تواجه البشرية، حيث تعدّ إساءة استعمال مضادات الميكروبات والإفراط فى استعمالها المحركين الرئيسين لظهور البكتيريا والميكروبات المقاومة للأدوية، ويترتب على مقاومة مضادات الميكروبات تكاليف طائلة، وإضافة إلى ما تخلفه الاعتلالات الممتدة لأجل طويل من وفيات وإعاقات، فإنها تسفر عن إطالة أمد رقود المرضى فى المستشفيات وحاجتهم إلى أدوية أغلى ومواجهتهم لتحديات مالية.
ومما يثير الذعر بوجه خاص الانتشار العالمى السريع للبكتيريا المقاومة لعدة أدوية أو لجميعها المعروفة أيضًا باسم «الجراثيم المستعصية» والمسببة لحالات عدوى يتعذر علاجها بالموجود حاليًا من أدوية مضادة للميكروبات، مثل المضادات الحيوية.
وفى عام 2019، حددت المنظمة 32 مضادًّا حيويًّا قيد التطوير السريرى لعلاج الميكروبات المدرجة فى القائمة ذات الأولوية للمنظمة، منها 6 مضادات فقط صُنفت على أنها مبتكرة، وعلاوة على ذلك، تظل صعوبة الحصول على مضادات الميكروبات الجيدة مشكلة رئيسية، فضلًا عن تأثر البلدان من جميع مستويات التنمية بنقص إمدادات المضادات الحيوية، ولاسيما فى نظم الرعاية الصحية.
وأشارت المنظمة إلى أنه يتواصل بشكل متزايد فقدان المضادات الحيوية لمفعولها فى ظل انتشار مقاومة الأدوية على الصعيد العالمى، ممّا يسفر عن زيادة صعوبة علاج حالات العدوى والوفاة، وثمة حاجة ماسة إلى إيجاد مضادات جديدة للبكتيريا، مثلًا لعلاج الالتهابات البكتيرية السالبة الجرام، ولكن إن لم يغير الناس طريقة استعمالهم للمضادات الحيوية الآن، فإن مصير هذه المضادات الحيوية الجديدة سيكون نفس مصير مثيلاتها الموجودة حاليًا، وستفقد بالتالى مفعولها.
وأكدت المنظمة أن عدد من يفشل علاجهم أو يفارقون الحياة بسبب حالات العدوى، سيزيد ما لم تُوفّر أدوات فعالة للوقاية من العدوى المقاومة للأدوية وعلاجها كما ينبغى، وتتحسن إتاحة مضادات الميكروبات القائمة حاليًا والجديدة بجودة مضمونة، وستتفاقم بالمثل خطورة الإجراءات الطبية مثل العمليات الجراحية، بما فيها العمليات القيصرية أو استبدال مفصل الورك والعلاج الكيميائى للسرطان وزرع الأعضاء.