عندما انهارت رموز السلطة في الثورة انهارت معها أسوار الرهبة و الخشية من المواجهة و انفرطت عقود الكلمات و حُلت عقد الألسنة فصار الكلام بلا ساتر و لا رابط و لا ضابط . لعل أخطر المساجلات الكلامية تلك التي تنشب بين السادة المشايخ و في أمور خارجة عن الشأن الديني .. طالما قاد المشايخ و الأئمة الشعوب و الأمم في ثوراتهم ضد الفساد و الظلم .. لكنهم كانوا يعودون إلى أدوارهم الرئيسية في توعية و إرشاد الجماهير ولكن بعد تأدية رسالتهم في ردع الظلم و تقديم من يمثلهم سياسيا في إدارة الأمور و تملك مقاليد السلطة مع عدم نسيان دورهم في الدعم و التوجيه و الحشد و التأييد .. في مصر .. نقدم كل جديد .. و لأول مرة نجد أن المشايخ هم المتنافسون على الزعامة .. ناسين أو متناسين أن تطلع الناس إليهم نابعاً من كون رجل الدين هو صاحب المصداقية الأولى لدى رجل الشارع .. فإذا صار التناحر بينهم من أجل مكتسب أو مجد شخصي أو حفاظاً على ألقاب أو مناصب ترتب على ذلك انتقال الخلاف بين الناس و التنافس على أشباه المعرفة و فتات الأمور . تهافت المشايخ على لا شيء بدءاً من السيد المحاسب مفتي الجمهورية و انتهاءاً بالسيد الترجمان المحدث و كل منهم كأنه الراعي الأمين على الأمة الإسلامية .. و الضحية كالعادة هو الشعب المصري الذي انقسم بدوره بين مؤيد .. و مؤيد .. حتى انقسم المؤيدون على أنفسهم .. فضاعت هيبة العلماء عندما التجأوا للقضاء الذي فارق مصداقيته و نزاهته بموالاته المعروفة للنظام السابق ... ارحمنا يا رب نسوا .. أو تناسوا قول الرحمن عز و جل " وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً " الفرقان آية رقم 63 فلا هم تذكروا الرحمن و لا هم مشوا هونا و لم نعد نعد نفرقهم عن الجاهلين قال رسول الله - صلى الله عليه و آله وسلم - "أنازعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنةلمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسَّن خُلُقَه"رواه أبو داود،