لاول مرة منذ اندلاع الثورة اشعر بعدم الرغبة فى مشاركة من بالتحرير , ربما كان الامر يختلف لو كانت مطالبهم متعلقة بالقضاء على الفساد والتباطؤ فى محاسبة ومحاكمة وادانة كل من تلاعب بمقدرات هذا الشعب خلال العقود الماضية وعلى راسهم مبارك وعائلته , او المطالبة بتدخل الحكومة الحاسم للحد من جشع التجار ومن يتلاعبون باسعار السلع المدعمة مثل المواد التموينية واسطوانات الغاز والجاز والسولار وتطبيق الاحكام العرفية على امثالهم ممن ينهبون اموال الشعب فى مثل هذه الاوقات العصيبة التى تمر بها البلاد , او المطالبة باخذ موقف حاسم مع قوات الشرطة التى تتقاعص عمدا عن اداء واجبها فى النزول للشارع والتصدى للبلطجيه الذين عاثوا فى ارجاء مصر فسادا بشكل مدبر , او لتاكيد الوحدة الوطنية وتوجيه رسالة صريحة لمن يحاولون زرع الفتنة والطائفيه ليدركوا انهم يحرثون البحر ولن يستطيعوا شق الصفوف . لو كانت هذه المطالب المعهودة هى ما ينادى بها اليوم فى الميدان لكنت معهم قلبا وقالبا , لكن عندما تضاف اليها مطالب اخرى لا تحترم ولا يحترم من يرددها وتؤدى للانقسام فلست معهم , فقد بدات تعلوا الاصوات بكلام مثل , ( انا نازل التحرير اعتراضا على انفراد المجلس الاعلى للقوات المسلحة باصدار مراسيم قوانين دون تشاور مجتمعى ) وبكل تاكيد ان المعنى بكلمة التشاور المجتمعى هم النخبه السياسية واصحاب الاحزاب لا المجنمع , او مثل ( نطالب بحل المجلس العسكرى وانشاء مجلس رئاسى يحكم البلاد لحين انتقال السلطه ) او مثل ( نطالب بوضع دستور جديد قبل انتقال السلطة المدنية وانتخابات مجلس الشعب, وتاجيل انتخابات مجلس الشعب ) وما على شاكلة هذه الشعارات التى حسم امرها تماما بنتائج الاستفتاء الاخير , ولا ارى فيما يحدث على الساحة الان سوى تحايل والتفاف من بعض اصحاب المصالح على الارادة الشعبية التى حسمت الامر براى الاغلبية وانهت الاختلاف, وبغض النظر عن النتائج فمن المفترض ان على المخالف احترام ارادة وراى الاغلبية لانها تمثل ارادة الشعب , وفى اثارة تلك المسائل التى حسمت بالاستفتاء محاولة صريحة وواضحه لاثارة الفوضى وقيادة البلاد الى حافة الهاوية , وهذه هى النتيجة المنطقيةلمن يريد عن عمد عدم احترام الارادة الشعبية وبالتالى لابد من الوقوف له بالمرصاد والتصدى له بكل قوة لان الشعب ليس ساذج ولا مغيب كما يصر البعض على تصويره , وانا هنا لا اشكك فى نوايا من ينزل للميدان اليوم , فانا شخصيا اعرف الكثيرين منهم واعرف نواياهم جيدا واعلم انهم لن ينقادوا خلف هذه الشعارات وسيرفضونها , لكن اخشى ما اخشاه ان يتم استغلال تواجدهم للترويج لمثل تلك الشعارات وهذا ما صارحنى به البعض انه لم يهتف خلف من رددوا مثل تلك الشعارات, وهذا ما دفعنى لعدم النزول اليوم , لا اريد ان اكون رقم يضاف لاعداد قد تفسر على انها تطالب بتلك المطالب التى قد حسمت بالارادة الشعبية وبالاستفتاء , وهذا التوجه لمحاولة اثارة تلك المسائل التى حسمت بالاستفتاء من جديد قد شعرت به فى العديد من المواقف , منها على سبيل المثال لا الحصر استفتاء على الفيس بوك كان مضمونه سؤال نصه ( ايه رايك لازم تكون الأولوية اللي تضمن تحقيق الديموقراطية في مصر ؟) ثم وضعت اختيارات هى 1- الدستور اولا 2- انتخابات مجلس الشعب اولا 3 المجلس الرئاسى اولا والسؤال الذى يطرح نفسه .. لما يطرح هذا السؤال هذه الايام بعد ان حسم الاستفتاء الواقعى ( لا استفتاء الفيس بوك ) هذا الامر. ولمن يملك اقل قدر من الادراك يعى ان تلك المسالة قد حسمت جذريا بالاستفتاء الذى ربما تكون نتيجته لم ترضى البعض وتلك ليست مشكله بالنسبة لمن يحترم ارادة وراى الاغلبية ويلتزم بها , لكن المشكلة لدى من لم ترضيه النتيجة ويسعى للخروج على الارادة الشعبية كلما سنحت له الفرصة لذلك. لكن ما مبرره ودوافعه لفعل ذلك , ان اردنا معرفة الاجابة فيجب ان نميز بين فئتين , الفئة الاولى اتباع وازلام النظام السابق , ودوافعهم فى ذلك معروفة وهى اشاعة الفوضى وعدم استقرار البلاد وهذا بالطبع فى مصلحة كل فاسدى النظام السابق بما فى ذلك من هم فى السجون , اما الفئة الثانية فهم اصحاب الاحزاب والتوجهات السياسية الهشة الذين فشلوا فى استقطاب الجماهير بعد ان تعاملوا مع الشعب عقب ظهور نتيجة الاستفتاء بمنطق التعالى باعتبارهم النخبة التى تملك وحدها حق الفهم واتخاذ ما فى صالح البلد والبقية عبيد يساقون دون فهم واتهموا اغلبية الشعب وكل من قال نعم بالتخلف والتبعية والجهل , اولئك الذين يخشون من الدخول فى منافسة حقيقية على انتخابات مجلس الشعب القادم والذى سيشكل اللجنة التاسيسية التى ستضع الدستور الجديد فى البلاد , وبالتالى هم يحاولون بقدر المستطاع فى هذه الايام المماطله لكسب الوقت وطرح ما حسمه الاستفتاء وراى الاغلبية والارادة الشعبية على الساحة مرة اخرى وتسليط الاضواء عليه من جديد بشكل كبير فى محاولة لجعل الدستور يوضع قبل انتخابات مجلس الشعب وهذه مجرد اوهام لا مكان لها الا فى عقولهم , هم بمنتهى البساطه يخشون من ضعفهم , ولتعويض هذا الضعف يحاولون الالتفاف على الارادة الشعبة وعلى نتائج الاستفتاء متخذين من ميدان التحرير ذريعة لذلك فوجدوا ان الكثيرين ممن كانوا بالميدان رفضوهم, لتلك الاسباب انا لن اشارك هذه الجمعه , لانى احترم ارادة وراى الاغلبية ولا اريد ان اكون رقم يضاف الى متواجدين بالميدان سيوصف تواجدهم على غير ارادة منهم على انه تاييد لتلك المطالب.