فى تصعيد جديد يهدد باندلاع حرب واسعة فى الشرق الأوسط، أطلقت إيران 22 صاروخا باليستيا، استهدفت قاعدتين عسكريتين تستخدمهما القوات الأمريكية والقوات الدولية ضد «داعش» فى العراق، أمس، انتقاما من اغتيال الولاياتالمتحدة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى، قاسم سليمانى، فى غارة أمريكية على مطار بغداد يوم الجمعة الماضى، وسط تهديدات إيرانية متتالية بالثأر مجددا من إسرائيل والإمارات وحلفاء الولاياتالمتحدة فى المنطقة، إن ردت واشنطن على الهجوم الذى لم يسفر عن خسائر، بحسب تأكيدات عراقية وأمريكية، وأعلن الحرس الثورى أن طهران حددت 104 أهداف لأمريكا وحلفائها فى المنطقة. وأعلن الحرس الثورى الإيرانى أنه استهدف قاعدة «عين الأسد»، التى تعتبر مقرا رئيسيا للقوات الأمريكية فى الأنبار، غرب العراق، وقاعدة عسكرية أخرى تستخدمها قوات التحالف الدولى فى أربيل شمال العراق، فى عملية أطلقت عليها إيران اسم «عمليات الشهيد سليمانى»، وقال فى بيان إنه أطلق «عشرات الصواريخ أرض- أرض»، على قاعدة «عين الأسد» الجوية المحتلة من الجيش الإرهابى الأمريكى «انتقاما لاغتيال» سليمانى، وحذر البيان «الشيطان الأكبر والنظام الأمريكى من أن أى عمل شرير أو اعتداء أو تحرك آخر سيواجه ردا أكثر إيلاما وقساوة»، وقال: «ننصح بسحب القوات الأمريكية من المنطقة منعا لوقوع المزيد من الخسائر، ولعدم السماح بتهديد حياة المزيد من العسكريين الأمريكيين بسبب الكراهية المتزايدة للنظام» الأمريكى، وهدد بضرب «إسرائيل» وأى «حكومات حليفة» للولايات المتحدة فى المنطقة، وذكر موقع «سبوتنيك» أنه بحسب استخبارات الحرس الثورى، فإن الضربة العسكرية التى تمت ب15 صاروخا باليستيا انطلقت من الأراضى الإيرانية، واستهدفت 20 موقعا حساسا فى القاعدتين الأمريكيتين، ونقلت وكالة «تسنيم» عن مصدر فى استخبارات الحرس الثورى قوله إن 80 جنديا أمريكيا على الأقل قُتلوا فى الهجوم على عين الأسد، بجانب تدمير طائرات مروحية ومعدات عسكرية أمريكية، إلا أن مصادر عراقية وأمريكية نفت وقوع ضحايا نتيجة الهجمات. وقال وزير الدفاع الإيرانى، أمير حاتمى، إن بلاده استخدمت صواريخ قصيرة المدى فى الهجوم، وإنها سترد بشكل مناسب على أى عمل عسكرى أمريكى جديد انتقاما من هجمات طهران، وقال: «آمل أن يكون هذا درسا لا يُنسى لأمريكا»، وأضاف أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب «حوّل الإدارة الأمريكية إلى حكومة إرهابية». وأكد الجيش العراقى أن الهجوم الإيرانى لم يسفر عن وقوع أى خسائر ضمن القوات العراقية، موضحا أن طهران أطلقت 22 صاروخا، بينها 17 على قاعدة «عين الأسد»، انفجرت باستثناء صاروخين لم ينفجرا فى منطقة حيطان غرب مدينة هيت، وأضاف فى بيان سقوط «5 صواريخ على مدينة أربيل». وتحدثت وسائل إعلام إيرانية عن مشاركة ميليشيات الحشد الشعبى الموالية لإيران فى الهجوم، لكن الميليشيات لم تعلن مشاركتها. وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» أن طهران قصفت من أراضيها قاعدتى «عين الأسد» و«أربيل»، وأنها أعلنت التأهب الأمنى واتخذت كل الإجراءات اللازمة لحماية القوات الأمريكية بعد الهجمات الإيرانية، وأوضحت فى بيان: «أطلقت إيران أكثر من 12 صاروخا باليستيا على القوات الأمريكية وقوات التحالف فى العراق، وأنها تجرى تقييماً أولياً للخسائر»، وتدرس «الردّ» على الهجوم، بحسب وكالة «فرانس برس»، وقال مسؤول أمريكى إن 10 صواريخ سقطت على قاعدة «عين الأسد»، فيما ضرب صاروخ آخر قاعدة مطار أربيل، وأخفقت 4 صواريخ فى الوصول إلى أهدافها، وقال مسؤول عسكرى أمريكى لشبكة «سى. إن. إن» الأمريكية إن الجيش الأمريكى تلقى إنذارا مبكرا وكافيا بشأن الضربة الإيرانية، وتمكن الجنود من الوصول إلى الغرف المحصنة فى القاعدة، وهو ما يفسر عدم سقوط قتلى فى صفوف العسكريين الموجودين فى القاعدة. بدوره، قال المرشد الإيرانى على خامنئى إنه تم «توجيه صفعة للأمريكيين، هذه الضربة وحدها لا تكفى، ولابد أن يتواصل العمل لإخراج القوات الأمريكية من المنطقة»، وقال وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف إن بلاده نفذت «إجراءات متكافئة فى إطار الدفاع عن النفس، بموجب المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة من خلال استهداف القاعدة التى شُنت منها هجمات جبانة ضد مواطنينا وضباطنا، وينبغى أن تتجنب واشنطن تقييمه استنادا إلى أوهام»، وقال إن إيران ستكتفى بهذا الرد. وبعد تقارير إيرانية بأن حزب الله نقل صواريخ ومعدات عسكرية قرب الحدود الشمالية لإسرائيل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إن بلاده سترد بقوة وبضربة مدوية على أى هجوم. وقال رئيس الوزراء العراقى المستقيل، عادل عبدالمهدى، إنهم تلقوا رسالة إيرانية شفهية تفيد بالهجوم قبل وقوعه، موضحا أن طهران ذكرت أن الضربة ستقتصر على أماكن تواجد الجيش الأمريكى دون أن تحدد مواقعها، وأكد أنه لم يتلق تقارير عن وقوع إصابات فى القوات الأمريكية أو العراقية، فى حين قال قيس الخزعلى، زعيم جماعة عصائب أهل الحق، إن إيران ردت على اغتيال سليمانى، وحان الوقت للرد العراقى على اغتيال أبومهدى المهندس، نائب زعيم الحشد الشعبى، الذى قُتل مع سليمانى فى بغداد بغارة أمريكية، وقال إن رد العراق لن يكون أقل من رد طهران، وأعلن تحالف الفتح الذى يمثل زعماء فصائل شيعية فى البرلمان العراقى أن «الاعتداء الأمريكى أعطى مبررا للرد الإيرانى»، بينما أكد زعماء إقليم كردستان العراق أن الحرب ليست الحل وأكدوا أهمية استمرار التواجد العسكرى للتحالف الدولى لمحاربة «داعش»، وحثوا جميع الأطراف على الامتناع عن جر إقليم كردستان إلى الصراعات بعد استهداف القاعدة العسكرية فى أربيل. من جانبه، قال رجل الدين الشيعى العراقى مقتدى الصدر، مساء أمس، إن الأزمة التى عانى منها العراق قد انتهت وذلك فى أعقاب التصريحات الصادرة عن إيرانوالولاياتالمتحدة والتى تنم عن عدم وجود نية للتصعيد، ودعا الفصائل العراقية المسلحة إلى عدم تنفيذ هجمات. ودعا الصدر، فى بيان، إلى وجوب تشكيل حكومة عراقية قوية قادرة على حماية سيادة واستقلال العراق خلال ال15 يوما المقبلة وإجراء انتخابات مبكرة، مضيفا أن العراقيين ما زالوا يسعون لإنهاء التواجد الأجنبى بالبلاد. وقال الصدر «أدعو الفصائل العراقية إلى التأنى والصبر وعدم البدء بالعمل العسكرى وإسكات صوت التشدد من بعض غير المنضبطين إلى حين استنفاد جميع الطرق السياسية والبرلمانية والدولية». ونددت بريطانيا بالهجمات الإيرانية على القاعدتين العسكريتين، ودعت إلى عدم تكرارها، وأكدت ضرورة وقف التصعيد، فى حين أعلنت إسبانيا نقل عدد من قواتها من العراق إلى الكويت لاعتبارات أمنية، وأكدت باريس أن قواتها البالغ عددها 160 جنديا لن يتم نقلها من العراق، ونفت الكويت رسالة مفبركة على لسان وزير دفاعها بأن قيادة القوات الأمريكية فى المنطقة أبلغتها بأنها ستسحب القوات الأمريكية من معسكر عريفجان خلال الأيام ال3 المقبلة، وأوضحت أن هاكرز اخترقوا وكالة الأنباء الكويتية وبثوا البيان المفبرك.