كان محمد سعيد باشا، هو رابع حكام مصر من الأسرة العلوية، وقد حكمها في الفترة من 24 يوليو 1854 إلى 18 يناير 1863 أي على مدى ثمانى سنوات ونصف السنة، وقد جاء خلفا لعباس حلمى الأول وهو مولود في 1822واختار له والده السلك البحرى فدربه على فنون البحرية ولما أتم دراسته انتظم في خدمة الأسطول، وترقى حتى صار في أواخر عهد أبيه القائد العام للأسطول. وتُوفى «زي النهارده» فى18 يناير 1863 عن عمر يناهز الواحد والأربعين ليجىء الخديو إسماعيل خلفا له على الأريكة الخديوية، وسعيد هو الابن الرابع لمحمد على باشا وأمه هي عين الحياة قادين، تلقى سعيد تعليمه في باريس، ومما جرى في عهده من أعمال وأحداث تأسيس البنك المصرى في عام 1854، كما منح فرديناند دليسيبس الموافقة على حفر قناة السويس ومن مساوئ عهده وسياساته أن قام بإغلاق المدارس العليا (الكليات) التي أنشأها والده محمد على باشا، وقال بعد إغلاقها: «أمة جاهلة أسلس قيادة من أمة متعلمة» غير أنه قام بتخفيض الضرائب على الأراضى الزراعية، وأسقط المتأخرات عن الفلاحين ومنحهم حق تملك الأرض وذلك طبقًا للقانون الذي أصدره في 5 أغسطس 1858. كما قام بتطهير ترعة المحمودية التي حفرها أبوه وأتم خط السكة الحديد بين القاهرة والإسكندرية والذى بدأ العمل فيه عباس حلمى الأول كما اهتم بالملاحة التجارية الداخلية والخارجية، فأنشأ شركتين للملاحة إحداهما نيلية أسسها عام 1854، والأخرى بحرية أسسها عام 1857 كما قام بتقصير مدة الخدمة العسكرية ثم عممها على جميع الشبان على اختلاف طبقاتهم، فجعل متوسط الخدمة سنة واحدة وبذلك أدخل في نفوس الناس الطمأنينة على مصيرأبنائهم المجندين كماأصدر لائحة المعاشات للموظفين المتقاعدين وأصلح مجلس الأحكام وقام بعدة تغييرات في هيكله وأصلح القضاء الشرعى ومنع نقل الآثار المصرية وأمر بجمعها في مخازن أعدت لها في بولاق. وفى عهده خاضت مصر حربين لا ناقة لها فيهما ولا جمل، الأولى حرب القرم حيث أرسل نجدة إلى الجيش العثمانى واستطاعت الدولة العثمانية وحلفاؤها التفوق على الروس وإبرام معاهدة باريس عام 1856، أما الثانية فكانت حرب المكسيك: بسبب ميوله نحو إمبراطور فرنسا نابليون الثالث التي جعلته يلبى دعوته حينما طلب منه أن يمده بقوة حربية مصرية لتعاون الجيش الفرنسى بهذه الحرب.
