إذا كان قرار الإفراج عن سوزان ثابت لطمةٌ علي وجوه المصريين فقد كان قرار الإفراج عن زكريا عزمي بمثابة ضرب الثورة و الثوار علي قفاهم ضرباً مبرحاً أليماً. فالثورة لم تقم و تستمر إلا للزج بمثل زكريا عزمي في السجون جزاءاً بما فعلوه. و إذا كان الحكم بالإفراج عن زكريا عزمي قراراً مستفزاً فإن حيثيات هذا الحكم فاقت كل الحدود كما فاقت طاقات البشر علي تحملها. لقد أُفرج عنه لكبر سنه (72 عاماً) و لأنه يأخذ أدوية متعددة. الشيء المثير للجدل هو دعوة الشعب للهدوء و العمل ليتحسن الإقتصاد و في نفس الوقت إصدار القرارات التي تحول دون ذلك بل و تهيج الشعب و سوف تؤدي لعودة الثورة من جديد. بل إنه من المدهش أن يدعو المجلس الأعلي لعدم الإنسياق لمحاولات إحداث الوقيعة بين الشعب و درعه و في نفس الوقت يقدم للشعب كل ما يدعو للشك و الريبة من عدم الوضوح و من قرارات مشبوهة لا تفيد إلا في زعزعة الثقة بين الشعب و الجيش و هكذا يحذرون من فلول النظام السابق و ما يقومون به من أعمال الثورة المضادة و في نفس الوقت يسمحون بخروج من يستطيع جمع البلطجية و إدارة كل أعمال الفوضي و العنف من أمثال مرتضي و سرور و عزمي. لماذا هذا التناقد و عدم الوضوح؟ و إذا كانت الثورة عظيمة فلماذا نشعر جميعاً بالإلتفاف عليها؟ و هل يجب أن نظل في التحرير صباحاً و مساءاً من أجل أن تتحقق الأهداف التي تعهد الجيش و كذلك الحكومة بالعمل علي تحقيقها؟ لقد ساهمت هذه القرارات في إستياء الشعب الشديد و إستنفاره لاسيما بعد الخبر الذي أذيع مؤخراً أن أقرب أصدقاء مبارك و هو حسين سالم صاحب صفقة تصدير الغاز لإسرائيل يحمل الجنسية الإسرائيلية و إنه هارب الأن و موجود في إسرائيل، هل بعد هذا نحتاج إلي دليل لإتهام مبارك و عائلته بالخيانة العظمي ؟! لا أعتقد أننا بحاجة أن نكتشف بعد قليل أن مبارك نفسه يحمل الجنسية الإسرائيلية و إن كان فعل الكثير ليستحقها. أما سوزان و الإفراج عنها فهو مهزلة أخري إذ لم يسأل أحد كيف تكون تبرعات الدول الأخري موجودة في حساب خاص للست هانم. هل يمكن أن يحدث هذا في أي بلد محترم؟ هل يمكن لأي موظف عام أن يحتفظ بأموال تخص جهة عمله في حساب شخصي؟ و ما أدراكم أن هذه التبرعات لم تكن تقدر بالملايين أو المليارات و قد تم تهريبها للخارج مثل غيرها؟ و حتي الأموال التي بالخارج لن نحصل عليها بعد الإفراج عنها. أي عاقل هذا الذي يُصدق أن سوزان كل ما عندها هو بضعة ملايين لا تزيد عن 24 مليون جنية بل تقل؟ أين التحف و الأثار؟ أين الهداية من الداخل و الخارج و أين العمولات و العقارات و القصور و السيارات؟ آه يبدو أنها لم تكن تمتلك سيارة بل كانت تستخدم المواصلات العامة... !!! لم يعد الشعب المصري هو هذا الشعب الذي قبل أن يُخدع و هو صامت و كان كريماً و صابراً لثلاثة عقود كاملة هي الأسوء في تاريخه، بل إن المارد المصري قد تحرر و ثار علي الفساد و لن يقبل إلا بالتطهير الكامل. لن يقبل إلا بالتحرير و ميادينه حيث تُخلق الثورات و تتحقق الأهداف بعزم الرجال. عظيمة يا مصر بقلم د. ياسر الدرشابي