كان داج همرشولد، ثانى أمين عام للأمم المتحدة، وهو مولود في 29 يوليو 1905 في السويد، وانُتخب كثانى أمين عام الأممالمتحدة عام 1953، وجدد له من 1958 حتى 1961. همرشولد كان موظفاً كبيراً في الحكومة السويدية، ولم يترق لدرجة وزير وينتمى لعائلة أرستقراطية واسعة الثراء، وكان أبوه رئيس وزراء السويد. ولم يكن أحد قد سمع باسم همرشولد خارج بلاده، كما كان عضوا في اللجنة التي تبحث في الترشيح لجائزة نوبل للسلام، وعندما هبطت طائرته في مطار نيويورك ليتولى منصبه سأله أحد الصحفيين: كيف يُنطق اسمه؟ فقال إنه مكون من كلمتين: هامر وتعني المطرقة، وشيلد وتعني الدرع، وهو اسم أطلق منذ قرون على جده المحارب. وبعد أشهر صارت لهمرشولد قوة هائلة على المسرح الدولى، وكان له موقف من العدوان الثلاثى على مصر كأول اختبار سياسى له كأمين عام، فمع بدء العدوان دعا همرشولد مجلس الأمن للانعقاد، لكى يتخذ موقفاً لوقف العدوان وإعادة الهدوء للمنطقة. وألقى كلمة وجيزة وبليغة أثرت في المجلس وفى العالم حين قال: «إن مبادئ ميثاق الأممالمتحدة أهم بكثيرمن الأهداف السياسية لأى دولة وأن هذه المبادئ هي مرجعيته الأولى والأخيرة فيما يحق له أن يفعله وليس في إمكان الأمين العام القيام بعمله إلا إذا حافظت كل دولة من الدول الأعضاء على شرف تعهدها باحترام ميثاق الأممالمتحدة، إن ما قلته واضح دون حاجة للإسهاب، وإذا كان للدول الأعضاء رأى آخر في واجبات الأمين العام فمن حق هذه الدول، كما أن من حق الأمين العام أن يتصرف تصرفاً آخر»وكانت الجملة الأخيرة تحمل تلويحا بالاستقالة إذا ما أصرت دول العدوان على التمادى، ثم جاءت أزمة الكونغو بعد ستة أشهرمن استقلالها،حيث كانت غارقة في الاضطرابات تتنازعهاسلطات ثلاث: المركزية في ليوبولدفيل، والحكومية بزعامة جيزنجا المدعوم من باتريس لومومبا،وسلطة المناطق الشرقية المدعومة من الماركسيين والاتحاد السوفيتى. ووجد الرئيس كازافوبو نفسه مضطرا لأن يقبل أن تضع الأممالمتحدة يدهاعلى الكونغو وأن يشرف أمينهاالعام على إعادةالاستقرار للكونغو وطارهمرشولد إلى روديسيا «زامبيا حاليا» لمفاوضة تشومبى حول وقف إطلاق النار ورفض تشومبى قرارات الأممالمتحدةوانفجرت طائرةهمرشولد في الجو ولقى مصرعه«زي النهارده» في 18 سبتمبر 1961 دون أن تسفر التحقيقات عن تحديد الجهة المسؤولة.