فى الأشهر ال10 التى انقضت منذ محاولة الانقلاب الصادمة فى بلادى، تركيا، حققت أنقرة بنشاط للوصول إلى مرتكبى هذا الهجوم على ديمقراطيتنا وأمننا الوطنى وشعبنا، وقد لقى حوالى 249 مواطنًا تركيًا مصرعهم فى محاولة الانقلاب، فيما أصيب أكثر من ألفى شخص آخرين، ونحن مصممون على تقديم مرتكبى هذه الجريمة إلى العدالة. مقالات متعلقة * ما عدا تركيا! * حصَار تركيا وبدأ المحققون الأتراك عملهم مبكرًا للغاية لمعرفة هوية من كان وراء الانقلاب، حتى إنهم بدأوا عملهم فى الوقت الذى كان يتعرض فيه البرلمان التركى، وقصر الرئاسة، ومقر قيادة الشرطة، للخطر، وعند تجمع الأتراك فى الشوارع لمواجهة الدبابات، وبالفعل سرعان ما ظهرت أدلة، لا تقبل الجدل، تشير إلى ضلوع جماعة فتح الله جولن فى الأمر، وهى جماعة سرية خطيرة داخل تركياوالولاياتالمتحدة وبلدان أخرى فى جميع أنحاء العالم، عمل على توسيعها رجل الدين التركى فتح الله جولن، على مدى السنوات ال40 الماضية، لكنه يعيش فى الولاياتالمتحدة منذ عام 1999. وتختلف محاولة انقلاب 15 يوليو الماضى عن الانقلابات السابقة فى تاريخ تركيا، ففى هذه المرة، وقف قائد الجيش التركى، وأغلبية ساحقة من القوات المسلحة، ضد محاولة الإطاحة بالحكومة التركية المنتخبة ديمقراطيًا، واتضح أن المتآمرين هم من المدنيين والعسكريين فى جماعة جولن. ويعد أكثر المتآمرين المدنيين المشاركين فى محاولة الانقلاب شهرة هم رجل الدين التركى عادل أوكسوز، والمدير العام السابق لمجموعة من الشركات المرتبطة بجولن، كمال باتماز، ومع تكشف الانقلاب، كانا موجودين فى مقر محاولة الانقلاب، قاعدة أقينجى الجوية بالقرب من أنقرة، كما أكد الادعاء التركى أن أوكسوز وباتماز سافرا معًا إلى الولاياتالمتحدة يوم 11يوليو، وعادا إلى تركيا يوم 13 يوليو، أى قبل يومين من محاولة الانقلاب. وقد تم اعتقال باتماز، لكن تمكن أوكسوز من الهروب، فيما أوقفت السلطات الأمريكية تأشيرة دخول الأخير للولايات المتحدة فى 21 يوليو، لكن أفراد أسرته لايزالون يقيمون هناك. وبعد تكشف هذه الحقائق، المعروفة على نطاق واسع، وغيرها من لوائح الاتهام الكثيرة المقدمة إلى المحاكم فى تركيا، فإن هوية منفذ محاولة الانقلاب باتت واضحة، وأصبح الآن جولن وجماعته يمثلون تهديدًا خطيرًا وشيكًا على الأمن الوطنى والنظام الدستورى فى تركيا. ومع ذلك، تنتشر اليوم شبكة جولن فى أكثر من 160 بلدا حول العالم، حيث يقع مركزها فى ولاية بنسلفانيا الأمريكية، حيث يقيم جولن، لكن مخالبها تصل إلى أبعد من ذلك بكثير، حيث يستغلون الفقر والخوف والعجز الديمقراطى، والفساد، وتقع مسؤولية جمع الأدلة المتعلقة بهذه الأنشطة الشائنة إلى حد كبير على السلطات الأمريكية، وذلك نظرًا لأن جولن ودائرته المقربة لايزالون يعيشون فى الولاياتالمتحدة. ويستمر جولن وأتباعه فى تشغيل المدارس، والربح من المعاملات التجارية المشبوهة فى الولاياتالمتحدة، فقد نشروا أفكارهم من ملاذهم الآمن فى ولاية بنسلفانيا، وللأسف يتم تمويلهم من الميزانية الاتحادية، وميزانية الولاية، وذلك لتشغيل شبكة واسعة من المدارس المستقلة، وهاجر مؤيدو جولن الأتراك إلى الولاياتالمتحدة للعمل فى المدارس، حتى إنه تتم دعوتهم للكونجرس لإلقاء محاضرات لصناع القرار فى الولاياتالمتحدة عن الأوضاع فى تركيا، وعن العلاقات التركية- الأمريكية. وكل هذا يحدث لأن جولن لايزال حرًا، وذلك على الرغم من وجود الأساس القانونى لتسليمه، وهو اتفاق تسليم المجرمين الموقع فى عام 1979 بين أنقرةوواشنطن، وبناء على ذلك، أرسلت وزارة العدل التركية طلبًا إلى النائب العام الأمريكى فى 19 يوليو 2016، أى بعد 4 أيام من الانقلاب، للقبض المؤقت على جولن بناء على خضوعه ل4 محاكمات قيد التنفيذ منذ 2014، و2015، كما تم إرسال 51 ملفًا أيضًا يتضمن الأدلة التى تم جمعها خلال التحقيقات إلى السلطات الأمريكية فى 22 يوليو مع طلب تسليم جولن إلى تركيا، وفى 12 سبتمبر أرسلت اللجنة المسؤولة عن التحقيق فى محاولة الانقلاب مذكرة توقيف مؤقتة إضافية إلى السلطات الأمريكية. وتنظر الحكومة الأمريكية فى طلب تركيا، ولكن الوقت يمر، فبالنسبة لضحايا جماعة جولن، فإن تأخر العدالة يعنى عدم تحقيقها، والشعب التركى يريد من جولن الإجابة على بعض الأسئلة تحت القسم، مثل مصدر ثروته، وتمويل شبكته، وعلاقاته مع ضباط الشرطة السابقين الذين تآمروا لاغتيال الصحفيين، وروابطه مع منفذى الانقلاب. وترى تركيا أن الولاياتالمتحدة حليف كان فى طليعة المدافعين عن الديمقراطية، وسيادة القانون، ووقفت أنقرة بجانب حليفتها فى أوقات تكبدت فيه واشنطن تكاليف باهظة، عندما واجهت تهديدات خطيرة لأمنها القومى، فقد وقفت تركيا بجانب الولاياتالمتحدة لعقود عديدة فى مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، حيث تقاتل كل منهما ضد تنظيم القاعدة وداعش فى سوريا والعراق، كما تكافحان معًا التطرف من جميع الأنواع فى جميع أنحاء العالم معًا. وقد حاول جولن، الذى يعتبره أتباعه «إمام الكون»، تدمير الديمقراطية فى تركيا، ويتوقع شعب تركيا من السلطات الأمريكية أن تتخذ تدابير قانونية فعالة ضد هذا التهديد لأمننا وديمقراطيتنا، وهو الأمر الذى يتعين على حلفائنا القيام به. *وزير الخارجية التركى نقلًا عن مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية ترجمة- فاطمة زيدان اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة