أخيراً تملَّكَه الندم و لكن .. عن أي شئ يندم .. ؟! فما تناقله الإعلام من ندم الرئيس المخلوع ؛ إنما كان فقط عن تركه لمنصبه و عدم مُغَادرته مصر ؛ و ليس عن أي شئ آخر .. و هو ما يثير التأمُّل بالفعل .. ! و لعل التركيز علي تلك الأخبار المنقولة ؛ إنما هو ليس بوقوف عند ماضٍ للتباكي أو للشماتة .. و إنما هو للعبرة أولاً و لقراءة الحاضر و المستقبل ثانياً .. فالعبرة هي أبلغ في تأملها من مجرد الحديث عنها .. أما قراءة الحاضر و المستقبل من مثل هذه الكلمات المنقولة ؛ فإنما و بتحليل سريع لجذور مواقف يندم المخلوع عليها الآن فإنما : 1- يمكن قراءة جموده الإنساني التام ؛ بخصوص كل ما كان منه و من أسرته و نظامه إجراماً .. بحق الشعب علي مدار ثلاثين عاماً ؛ 2- بينما يمكن أن نفهم ندمه عن تركه لمنصبه ؛ ربما في ضوء رؤيته لإستمرار الرؤساء العرب في كراسيهم ؛ مع إستمرارهم في إبادة شعوبهم علي الهواء الذي تبثه شاشات الإعلام .. ! 3- وهو لم يكن ليترك منصبه بأية صيغة .. سواء تخليه .. أو تنحيه .. إلا بموجب ضغط و إقناع من المجلس العسكري ؛ و لأن مثل هذه النوعية من البشر ؛ إنما لا تعترف سوي بالقوة و لغاتها ؛ 4- أن بقاءه في مصر هو مزيج ما بين صفات شخصية ؛ و رغبات و ربما أيضاً وعود ؛ لم يمكن تحقيقها سوى جزئياً .. ربما .. فرغبته في البقاء بالرغم من كون معظم ثروته المفهومة هو و أسرته خارج مصر ؛ فإنما يدل علي رغبته في إمكانية إستعادة زمام الأمور بعد تغير الأحوال ؛ مع عدم شعوره بأية مخاطر كالتي دفعت بن علي مثلاً للفرار خارج تونس ؛ و بالتالي فصفاته العنادية ( و التي لا تدل سوي علي جهول مكابر طول الوقت ) .. كانت في حالة إنكار تام بالتزامن مع إطمئنانها لوعود بالأمان .. و رغبة في إستعادة ما كان ! 5- بينما .. و مع زيادة ضغوط الشارع لمحاكمته هو وأسرته و فريق القدماء من نظامه ؛ ربما قد تكون تبخَّرَت إضطراراً ؛ أية وعود كانت مجرد مُسَكِّنَات طمأنينة له ؛ وحتي يتخلي عن منصبه ؛ و لربما كانت وعوداً حقيقة لم يقوَ علي تنفيذها أحد ( والله تعالي أعلم ) ؛ 6- أن الحاضر و الماضي القريب جداً أثبت ميل السلطة الحالية للبلاد ؛ للإحتفاظ بكل شئ في حدود ما تعرف و مَنْ تعرف .. و دونما الدخول فيما يعتقدون أنه غير مُجَرَّب ( و تلك عادة السن الأكبر دائماً ) ؛ حيث الميل لما تمت تجربته .. و بما يدخل بالواقع إلي نطاق الجمود المُغَاير لمِزَاج الشارع السياسي .. 7- أن ضغط الشارع لا يجب أن يتفتت أو يفتر .. بل هناك حتمية بأن يظل الشارع يقظاً حاد المتابعة ؛ و كذلك غير متهاون بأية قوي تسير معه و لكن خارج سياق الطريق ؛ و لأن الثورة قد تحققت .. و لكن بعد تحققها يريد كل فصيل أن يسير بها نحو ما يفهم و يعتقده هو أنه الأصوب .. 8- إننا نمر فعلاً بفترة صعبة و لكنها حتمية .. و يزيد من صعوبتها عُمْر و خبرة و حَرَج السلطة الحالية .. 9- كذلك لا يجب إغفال تمرير رئيس مجلس الوزراء لقرارات لا تناسب الثورة ولا مزاجها العام ؛ والذي يدركه هو جيداً ؛ بل و قد كان أحد الثائرين بشارع الثورة و المُفْعَمين بنفس مزاجها ؛ الأمر الذي يعكس ربما ضغوطاً لم يتم التصريح بها ؛ و لكن يمكن فهمها من السياق العام للمشهد ؛ 10- و هو ما يستوجب الضغط لمؤازرته فيما قد يتعرض له من ضغوط ؛ بالإضافة إلي لفت نظره لحتمية تطهير مجلس وزرائه من كل شوائب ما قبل الثورة ؛ ووزراء الثورة المُضَادَة ! http://www.facebook.com/note.php?created&¬e_id=199737110061482