«راح فين زمن البرشام الجميل؟» قالها أحد المعلمين بسخرية تعليقاً على الأخبار المتداولة عن عدد حالات الغش الإلكترونى وأحدث حيل «الغشاشين» للتحايل على مراقبى الثانوية العامة، فى ظل طفرة تكنولوجية غير مسبوقة، وأكمل قائلاً: طلاب الجيل الحالى يسبقون تفكير الحكومة ب«سنين ضوئية». وعلى الرغم من ثبوت فشلها على مدى عدة سنوات لا تزال وزارة التربية والتعليم تعتمد على «العصا الإلكترونية» فقط فى مقاومة الغش بواسطة الهاتف المحمول بلجان الثانوية العامة، ورغم إعلان الوزارة عن اتخاذ عدد من الإجراءات لمواجهة الغش فإن طلاب الثانوية تغلبوا عليها بأحدث الوسائل التكنولوجية. فى البداية أعلنت الوزارة أن فريق مكافحة الغش الإلكترونى تمكن من رصد بعض طلاب الثانوية العامة أثناء قيامهم بالتواصل مع القائمين على إدارة بعض صفحات الفيسبوك المستخدمة فى تسهيل عملية الغش الإلكترونى، بهدف الاتفاق على استقبال الأسئلة والإجابات الخاصة بها، وحددت الوزارة مقار اللجان الامتحانية التى سيؤدى هؤلاء الطلاب الامتحان بها، وكثفت الإجراءات الأمنية. وقالت الوزارة إنها رصدت تردد ما يقرب من 60 طالباً من الطلاب المتقدمين لأداء امتحانات الثانوية العامة للعام الدراسى الحالى على بعض أطباء الأنف والأذن والحنجرة لإجراء عملية زرع سماعات بلوتوث لها؛ لاستخدامها فى الغش فى امتحانات الثانوية العامة. ووفقاً للبيانات الرسمية فإنه تم ضبط 233 حالة غش منذ بدء امتحانات الثانوية العامة يوم 5 يونيو الماضى، حيث أعلنت الوزارة ضبط 37 حالة غش فى اللغة العربية، و39 فى اللغة الأجنبية الأولى، و13 فى التربية الوطنية، و22 فى الإحصاء، و22 فى الفيزياء، و10 فى علم النفس، و7 فى الكيمياء، و15 فى الفلسفة، و4 فى التفاضل والتكامل، و62 فى امتحانات الأحياء والجغرافيا والاستاتيكا، وحالتين فى الديناميكا. وعلى الرغم من البيانات الرسمية للوزارة بعدد حالات الغش فإن الوزارة أعلنت اتخاذ الإجراءات القانونية ضد 1000 من الطلاب الذين تم ضبطهم فى حالات غش أو محاولة غش، أو إخلال بعملية الامتحان، وأوضحت الوزارة أن من بين هؤلاء الطلاب من تم إلغاء امتحانه فى مادة، أو جميع المواد، ومنهم من تمت إحالته للنيابة العامة. وفى الوقت نفسه أعلن «الشربينى» خلال اجتماع بلجنة التعليم بمجلس النواب وكذلك اجتماعه بمجلس الوزراء إلغاء امتحان 1500 طالب بتهمة الغش، مؤكداً الإعلان عن تفاصيل إجراءات التحقيق عقب انتهاء الامتحانات. من جانبه أكد محمد سعد، نائب رئيس امتحانات الثانوية العامة، أن أحدث حيل الغشاشين داخل اللجان تمثلت غالبيتها فى الغش بواسطة الهاتف المحمول المتصل بشبكة الإنترنت واستخدام تطبيقات الهاتف المختلفة فى الغش بعد تصوير ورقة الأسئلة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك وتويتر وغيرهما» ونقل الإجابات بنفس الطريقة. وأضاف أن بعض الطلاب يلجأ لعدد من الحيل لإخفاء الهاتف المحمول خلال عملية التفتيش بواسطة العصا الإلكترونية منها تسليم الهاتف خارج اللجنة لأحد الأصدقاء والمرور داخل اللجنة بدونه، ثم الحصول عليه مرة أخرى من أعلى سور اللجنة الخلفى، وبعض الطلاب يخفى الهاتف بعد غلقه فى زجاج الشباك الخاص باللجنة قبل دخولها وإعادة تشغيله بعد التفتيش، وهناك بعض الطلاب يخفون الهاتف المحمول أعلى الحوائط الفاصلة بدورات المياه، وبعض الطالبات تقوم بإخفاء الموبايل أسفل الحجاب وفى الملابس الداخلية والأماكن الحساسة، ولجأت الطالبات لكتابة معادلات الكيمياء وقوانين الرياضيات على الأظافر الصناعية وتركيبها قبل الامتحانات، كما لجأت الطالبات لإخفاء سماعات الغش داخل خصلات الشعر «الكيرلى». وبخلاف الغش بالهاتف المحمول، أكد «سعد» أن الطلاب يلجأون للغش عن طريق الساعة الذكية التى تحتوى على ذاكرة إلكترونية وشاشة رقمية مسجل عليها أبرز النقاط الخاصة بالمادة، وكذلك الغش بالفيزا كارد، وهو كارت ذكى متصل به جهاز ميمورى وسماعة أذن، والنظارة الذكية وهى نظارة تضم عدسات عادية متصل بها كاميرا دقيقة وسماعة أذن تقوم بتصوير ورقة الأسئلة وإرسالها عبر البلوتوث لأشخاص خارج اللجنة يلتقطون الصور على جهاز كمبيوتر ويقومون بتلقين الإجابة عن طريق السماعة. كما لجأ الطلاب إلى الكتابة داخل الأحذية وعلى الذراعين، وقدم عدد من الطلاب رشوة لعمال اللجان بمبالغ مالية بنحو 50 جنيهاً فى الامتحان الواحد، ليقوم العامل بأخذ التليفون المحمول الخاص بالطالب، ويخفيه داخل مكان معين فى اللجنة يتم الاتفاق عليه قبل بدء الامتحان، حتى يمر الطالب بأمان من عملية التفتيش بالعصا الإلكترونية قبل الامتحان، إضافة إلى كتابة الإجابات والأسئلة على الأحذية والميداليات الخاصة بالطلاب، ولجأ البعض للطباعة على أوراق الملصقات التجارية ولصقها على زجاج شبابيك اللجنة وعلى الحوائط. وتعتبر واقعة لجنة الجهاد الابتدائية بالبدارى بمحافظة أسيوط هى الأشهر بين حالات الغش بالثانوية العامة، حيث تعرَّض الطالب «ى.م» لآلام شديدة بالأذن أثناء تأديته امتحان التربية الوطنية، خلال قيامه بالغش الإلكترونى عن طريق سماعة بالأذن. وقام رئيس اللجنة باستدعاء سيارة إسعاف لإنقاذ الطالب بعد تلف السماعة داخل أذنه، ولم يستطع إخراجها وتسببت له فى آلام مبرحة، واعترف الطالب بقيامه بزرع السماعة داخل أذنه عند أحد الأطباء لاستخدامها فى الغش الإلكترونى خلال امتحانات الثانوية العامة. وقرر وزير التعليم تطبيق أقصى العقوبة على الطالب وإلغاء نتائج امتحاناته فى جميع المواد، وتفعيل قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم (101) لسنة 2015 بشأن مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات، والذى ينص على تطبيق عقوبة الغرامة 50 ألف جنيه، والحبس من سنة إلى 3 سنوات، على كل من يسهم أو يساعد فى الإخلال بنظام الامتحانات من داخل النظام التعليمى، أو خارجه.
