قبل يوم واحد من الاستفتاء التاريخي على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «البريكست» كما يُعرف إعلامياً، تتصاعد التحذيرات حول تداعيات الانفصال الاقتصادي لخامس أكبر اقتصاد في العالم من أكبر كتلة اقتصادية. وحذَّر رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، من أن الخروج من الاتحاد يمثل «مخاطرة هائلة» على الاقتصاد البريطاني، مناشدا البريطانيين التفكير في مستقبل أولادهم. وقال كاميرون من أمام مقره في لندن، الثلاثاء: «الأمر الأهم هو الاقتصاد الذي سيكون أقوى إذا بقينا في الاتحاد، وأضعف إذا غادرنا، وهذه مخاطرة كبيرة بالنسبة لبريطانيا والعائلات البريطانية والوظائف البريطانية، وهذه مخاطرة لا يمكن إصلاحها، فلا عودة عن القرار». وخاطب كاميرون البريطانيين: «فكروا في آمال وأحلام أطفالكم وأحفادكم إذا صوّتم بالخروج، فإننا سنخرج من أوروبا إلى الأبد، وسيتعين على الجيل التالي أن يتحمل العواقب». وفي حال صوّت البريطانيون على خروج البلاد من الاتحاد الاوروبي، الخميس، فإن ذلك سيشكل «زلزالًا حقيقيًا» لهذا البلد و«صدمة» للاتحاد الأوروبي والاقتصاد الدولي، في ظل وجود تحذيرات من «تفكك محتمل» للاتحاد الأوروبي، إذ يمكن أن تحاول الدول الباقية إعادة التفاوض حول شروط عضويتها مع بروكسل، العاصمة الإدارية للاتحاد الأوروبي. وتتجلى صور التداعيات الاقتصادية منذ بداية طرح الاستفتاء في سبتمبر الماضي، ويعد الإسترليني أول المتضررين، فمن المتوقع أن تنخفض قيمة العملة البريطانية بنحو 30%، وفقًا لتقرير جولدمان ساكس، فيما انخفضت قيمة الإسترليني بنحو 12% من قيمة الجنيه مقابل الدولار منذ نوفمبر الماضي. ووفقًا لتقرير «إتش إس بي سي»، فإن الأسواق البريطانية ستشهد بلبلة في عاصمة المال والأعمال، لندن، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى هبوط سعر الإسترليني بنسبة 15 إلى 20%، وإلى تضخم بنسبة 5%، وزيادة في كلفة العمل، فيما سيتراجع النمو 1 إلى 1.5%. وذكرت صحيفة «ديلي ميرور» أن «تكلفة شراء السلع من السوبرماركت سترتفع بمعدل 580 جنيهًا إسترلينيًا (850 دولارا، 750 يورو) سنويا في حال خرجنا من الاتحاد الأوروبي»، فيما أكد جورج سورس، قطب الأعمال في مقابلة صحفية، أنه «من شبه المؤكد أن ينهار الجنيه الإسترليني بسرعة في حال صوّت البريطانيون على الخروج في الاستفتاء»، وقال سورس: «أتوقع أن يكون انخفاض قيمة العملة هذا أكبر وأسوأ من الانخفاض بنسبة 15%، الذي حدث في 1992»، معتبرًا أن «التصويت بالخروج يمكن أن يقود إلى انتهاء الأسبوع بيوم جمعة أسود، وعواقب خطيرة على الناس العاديين». ويعد انخفاض الإسترليني ميزة نسبية لزيادة الصادرات في حال الخروج، فعلى المدى القصير سيشهد مصدرو بريطانيا دفعة في معدلات التصدير، لكن ستمثل حواجز التجارة عائقًا آخر في شكل ارتفاع الرسوم الجمركية. وعزز مؤيدو الرحيل حملتهم بأن الكيان الواحد يضر بالاقتصاد البريطاني ويزيد من تدفقات الهجرة من الاتحاد الأوروبي إلا أن مؤيدي البقاء عللوا أن تراجع أعداد المهاجرين القادمين من الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى نقص في اليد العاملة في قطاعي البناء والخدمات. ومع أن غالبية المؤسسات الاقتصادية تتوقع صعوبات على المدى الطويل نتيجة لخروج بريطانيا إلا أن معهد «كابيتال إيكونوميكس» للأبحاث أشار إلى أن الأمر «لن يكون كارثة مدى الحياة للبلاد»، وشدد على أن البلاد تتمتع بميزات عدة تدعم قطاعها المالي، خصوصاً النظام القضائي واللغة والتوقيت وتوفر يد عاملة ماهرة. في حين أشار العديد من البنوك إلى أنها قد تترك العاصمة البريطانية في حال الخروج، لتتجه للعواصم الأوروبية الأخرى، وأكد بنك «إتش إس بي سي» في تقرير، فبراير الماضي، أن البنك قد ينقل ما يقرب من 1000 وظيفة إلى باريس. وعلى صعيد آخر، يرى مركز الأبحاث ناتسين أن المناصفة بنسبة 50-50 لا تزال ضمن النتائج مع احتساب هامش الخطأ في استفتاء حديث بين المؤيدين والمعارضين.
