(2/3) البقاء للأصدق هل لاحظت أن الشباب فى خلال ثوره 25 يناير أتخذوا قرارات صائبة كثيرة و فى توقيتات غايه فى الروعه، فمثلا لم يتم الزحف الى مبنى الرئاسه إلا فى التوقيت الذى يجعل هذا الزحف رمزيا و يجنب الزاحفون الخطر ، و عندما تهاوت الشرطه قام الشباب فى غضون دقائق بحماية المتحف المصرى ضاربين اروع صور الولاء و الانتماء و التحضر ، هل لاحظت انك لا تستطيع ان تأخذ على الجميع غلطة قاموا بها او قرار تم إتخاذه تستطيع لومهم عليه . هذا هو نتاج ما أسميه بالعقل الجمعى للشبكة الأجتماعية، لقد واجهه النظام المصرى شخصا إعتباريا أذكى بكثير و أقوى بكثير منه و ذكاء هذا الشخص الأعتبارى هو مجموع ذكاء كل الاشخاص المشاركين فى الثوره و قوته هى مجموع قوتهم جميعا لذا كان من المحتم ان ينتصر هذا العملاق الاعزل على النظام أيا كانت قوته و السؤال هو كيف يفكر هذاالكيان؟؟ يفكر هذا الكيان بعدد من الاليات و هى (1) الانتخاب الطبيعى للأفكار (2) نظرية قطيع من القاده (3) و خاصيه المعنى الأسطورى للقضايا (1) الانتخاب الطبيعى للأفكار بالضبط مثل خلايا (الدى ان ايه) يقوم كل فرد فى الشبكه الاجتماعيه بأفراز أفكار و يقوم الأفراد الاخرون بتنقيه هذه الأفكار لاختيار النافع منها, مثلا عندما تم اغتيال الشهيد خالد سعيد قامت على الفور حركه تعاطف شديده مع الشاب و على اثرها قامت على الفيس بوك مجموعات كثيرة للتعاطف مع خالد (انا اسمى خالد سعيد ) و(كلنا خالد سعيد) و مجموعات أخرى ... ألية الأنتخاب الطبيعى للافكار هى التى قامت بأختبار اصلح مجموعة و هى المجموعة التى ادارها وائل غنيم لكى تستمر و تصبح الأكثر إنتشارا... هذا بالطبع نتيجه مباشرة لامتلاك وائل غنيم لأدوات التعامل مع الانترنت و للغه الخطاب التى يتوافق عليها المستمعون (2) نظريه قطيع من القادة نظرية القطيع هى ان تنساق وراء القطيع بدون إدراك و لكن فى إطار الشبكات الأجتماعية يتجه القطيع الى الامام مسلحا بوعى بالأهداف و الرؤى الاكبر للحركة ، فالجميع قادة و الجميع لا يتوانى على التعبير عن رأيه و الدخول فى نقاشات مع الأخرين لتصحيح الاراء، لذلك تجد أن أكثر الصفحات إنتشارا على الانترنت هى التى يستطيع الجميع التعبير عن رأيه فيها و بدون رقابة و تجد ان من يضع رقابة على المحتوى تقل عدد المشاركات فيه ... نظرية قطيع من القاده هى ان راى المجموع سليم حتى لو أختلفت معه فى البداية و لكن سرعان ما تجد من يقنعك بالرأى الذى تتبناه الجماعة و بالتالى تنساق وراء القطيع و انت مقتنع... و لهذا السبب تصبح الحركات الاجتماعية أقوى على الشبكه لانها إذا مرت بعمليه الانتخاب الطبيعى للافكار و نجحت و تشكل ورائها قطيع من القادة تصبح أقوى بكثير و تصبح ذات تأثير و يصبح حتما لها ان تخرج خارج الشبكة لتلتحم بالعالم الواقعى (3) المعنى الأسطورى للقضايا الشباب من كثره ما شاهدوا أفلام الكارتون و مارسوا العاب الفيديو جيم و هم صغار أصبحوا متشبعين بفكرة المعنى الاسطورى للقضايا .. فالكل يبحث له عن مكان فى التاريخ و الكل يبحث عن قضية ذات بعد أسطورى تجعل لما يفعله ذا قيمة، و هو ما يوفر طاقة لاحصر لها ... فإكساب أى قضية معنى أسطورى يجعل المدافعين عنها ذوو حماسة لا تفتر و تعطيهم عقيدة أشبه بعقيدة الصحابة فى صدر الاسلام ... لذلك تجدهم أكثر إنتشارا و أعلى تأثيرا فى الشبكة و منها الى العالم الواقعى. إذا كنت مشاركا فى هذا الكيان فأنت تدرك انه حتى تنجح فكرتك فكل ما تملكه هو لحظة إطلاق الفكرة، الشرارة الاولى منها ... و الشرارة الاولى لها خصائص يجب ان تدركها ... أولا يجب أن تكون صادقا و مقتنعا بما تقول ... فانت تعلم ان هذا الكيان أقوى و أذكى منك فإن لم تستطع إقناع نفسك بقوة فكرتك .. فلن تستطيع أن تقنع بها أحدا او تجلب لها تعاطفا... ثانيا يجب أن تكون بليغا ... و بالبلاغه هنا أعنى الأختصار بدون الاخلال بالمعنى ... فمع الالاف من المشاركات يوميا يميل المتصفحون الى الاستعراض و تجاهل ما ليس له قيمه .. ،لكى تمر فكرتك عبر الماكينة بنجاح يجب ان تكون بليغة و صادقة و من القلب حتى تصل الى القلب ... و أبلغ دليل على ذلك هو التقنيات المستخدمة للنشر فبعد ان اتاحت المدونات مجالا لنشر المقالات .. تقلصت المساحه فى تويتر لتصبح فقط عنوان... فكل ما تملكه هو 140 حرف و هو ما عبر عنه الدكتور خالد منتصر بقوله "شباب أنجز و هات من الاخر".