شاب مسلح برشاش كلاشينكوف يتجول «في اطمئنان كامل» على شاطئ البحر في منطقة سياحية، ومدني ينتزع سلاحا من شرطي لقتل «الإرهابي»، كانت تلك تصريحات لشهود عيان على المجزرة المروعة التي وقعت في منتجع سياحي تونسي في مدينة سوسة، وراح ضحيتها 38 قتيلا أغلبهم بريطانيون، وكرر الشهود الكلام نفسه بأنه «كانت هناك ثغرات». يقطن أمير بن حاج حسين (22 عاما) قرب شاطئ فندق «إمبريال مرحبا» في مرفأ القنطاوي السياحي بولاية سوسة على الساحل الشرقي التونسي. والجمعة، عندما شرع طالب تونسي من مواليد 1992، بإطلاق النار على سياح كانوا على الشاطئ، ثم على آخرين داخل الفندق، سارع أمير بالانتقال إلى المكان. وقال الشاب الذي لا يزال مصدوما لرؤية جثث سياح قتلى ملقاة على الشاطئ، إنه «منذ شروع المسلح بإطلاق النار وحتى مقتله (على يد الشرطة) استغرق الأمر ما بين 40 و45 دقيقة». وقتَل منفذ الهجوم ويدعى سيف الدين الرزقي 38 شخصا أغلبهم من السياح الأجانب وأصاب 39 آخرين حسب آخر حصيلة رسمية. وقتلت الشرطة الرزقي في محيط الفندق عندما كان يحاول الهرب. وتسلل الرزقي إلى الشاطئ بعدما تظاهر بأنه مصطاف. وعند وصوله إلى المكان أخرج الكلاشينكوف الذي كان يخفيه في مظلة وشرع بإطلاق النار على السياح. مالك (16 عاما) أفاد بأنه شاهد ما حصل منذ البداية. وقال «كنت على الشاطئ. رأيته (منفذ الهجوم) يضع مظلة على الرمل ثم يجلس القرفصاء في نفس وضعية شخص يحفر (في الرمل) لتثبيت مظلته. لكنه أخذ فجأة كلاشينكوف وشرع في إطلاق النار». وأضاف «كل الناس وقفوا لرؤية ما يحدث. ثم شاهدناه يطلق النار على السياح وهو يبتسم ابتسامة عريضة. لذنا بالفرار جريا للاختباء بينما كان هو يتجه إلى فندق إمبريال». أما سيف (21 عاما) الذي فضل إعطاء شهادته بعيدا عن الكاميرا فقال «كان الرجل مرتاحا جدا (..) وعندما وجدنا أنفسنا قريبين منه لم يطلق علينا النار. قال لنا: (ابتعدوا، أنا لم آت من أجلكم أنتم)». شهود عديدون قالوا الشيء نفسه: المسلح استهدف حصريا السياح. لكن 7 تونسيين أصيبوا في الهجوم وفق وزارة الصحة. اتجه المسلح إلى داخل الفندق بعدما أطلق النار على سياح كانوا يتشمسون على الشاطئ. وقال شاهد عيان يدعى أمير «رأيته يدخل في هدوء إلى الفندق». وتقريبا في هذا الوقت «جاء زورق من البحر يقل عنصري أمن أحدهما مسلح». «في البداية لم يريدا النزول» لأن عدد المهاجين كان غير معروف بحسب الشاب الذي أضاف «لكنهما نزلا بعدما هدأ إطلاق النار داخل الفندق». وتابع أمير: «طلبنا من العون (عنصر الأمن) المسلح أن يدخل إلى الفندق، قمنا بدفعه ليدخل لكنه كان خائفا ولم يطلق النار. عندها أخذ منه منشّط (سياحي بفندق) سلاحه وحاول إطلاق النار من بعيد على الأرهابي. لكن السلاح لم يعمل». وأكد سيف أنه شهد الواقعة نفسها. وقال «أخذ المنشّط (السياحي) سلاح الشرطي واتجه نحو الفندق لقتل الإرهابي. قال للشرطي (اعطني سلاحك، اتركني أقتله) وأخذ منه سلاحه واتجه إلى الفندق». رواية حسن، مسؤول المناطيد في فندق المرادي على نفس الشاطئ، الذي كان في المكان مع عملاء وقت الهجوم، مختلفة قليلا. قال حسن إنه «رأى عنصر الأمن يتراجع ويصطدم بمظلة شمسية ويسقط أرضا، ورأي ومواطنا يأخذ سلاحه» لمحاولة إطلاق النار على الإرهابي». بعد دقائق شاهد أمير المسلح يعود إلى الشاطئ ويمر من أمام ثلاثة فنادق دون أن يضايقه أحد. والأحد، تداولت إذاعات محلية على مواقعها الإلكيترونية مقطع فيديو قالت إنه يوثق لحظة محاولة سيف الدين الرزقي الهروب بعد ارتكابة المجزرة. وظهر في المقطع شاب يمسك سلاحا ويجري على حافة البحر قبالة فنادق وأناس يصرخون «أمسكوه» «اقتلوه». وقال أمير: «لقد صدمت لعدم رؤية الشرطة رغم أن المنطقة محاطة بمراكز الشرطة وعادة ما تكون هناك دوريات منتظمة». وتابع «بالطبع كان هناك مشكلة لأنهم (الشرطة) لم يأتوا في الوقت المناسب». ورفض الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية، محمد على العروي التعليق على هذه الروايات بحجة أن التحقيقات في الهجوم جارية. وقال إن التعزيزات الأمنية وصلت خلال «سبع أو ثماني دقائق» منذ بدء الهجوم. وأعلنت السلطات أن سيف الدين الرزقي ينحدر من مدينة قعفور من ولاية سليانة شمال غرب تونس، وأنه طالب ماجستير في جامعة القيروان وغير معروف لدى أجهزة الأمن.