كتبت في مدونة لي في يوم الجمعة 9 نوفمبر 2007 هذا المقال محاولاً لفت نظر الحكومة إلي ما آل إليه حال غالبية المصريين من معاناة وحرمان من الحياة الكريمة وحذرت من غضبة الحرافيش مؤيداً كلامي بشواهد من التاريخ ولكن أسمعت إن ناديت حياً. نظرة إلى حرافيش مصر هل تحول غالبية المصريين إلى حرافيش ؟ من الواضح لكل ذى عينين أن المصريين أصبحوا قلة من المترفين وغالبية من المطحونين.. لقد نجحت العولمة والخصخصة بالتعاون مع الثراء الفاحش المفاجئ لقلة ظهرت فجأة فى غفلة من الزمن والغلاء الداعر الذى تصنعه تلك القلة فى تحويل غالبية المصريين إلى مطحونين منهم من يحلم بالخبز والجوعان يحلم بسوق العيش.. واغتالوا الطبقة المتوسطة فتحول غالبية المصريين إلى حرافيش منتوفى الريش.. يجرون فى سباق محموم من أجل الحصول على " الجنيه " الذى هدت قوته فلم يعد يلبى طلبات من يملكه بعد أن كان يساوى فى السنوات الأولى من ثورة 23 يولية حوالى أربع دولارات أمريكية ونصف. من هم الحرافيش ؟ الحرافيش جمع حرفوش وهو الشخص ذميم الخلق وهوالمقاتل والمصارع واللص ( معجم دوزى – مادة حرفش وهو تعريف يتبنى وجهة نظر الحكام والمترفين )وهم العمال و الصناع و الباعة و السوقة والسقاؤون والمكاريون ( الحمارون ) والمعدمون وأشباه المعدمين ومن افتقروا بعد غنى والزعر والمشاعلية ( حملة المشاعل فى المواكب ) بحسب تعريف كتب التاريخ أما بحسب الفكر الإشتراكى فهم تحالف قوى الشعب دون احتساب الحكام والرأسمالية الوطنية وهم يسمون أيضاً العوام, وقد وصف الرحالة " ابن بطوطة " الحرافيش فى مصر بأنهم " طائفة كبيرة أهل صلابة وجوه – وقاحة – ودعارة ) وقد كانوا أحياناً أصحاب سطوة تخشاها السلاطين وتحسب لها ألف حساب.وكان الأمراء يتقوون بهم فى النزاعات التى تنشب بينهم..فحين اشتدت المنافسة بين الأميرين " الناصرى " و " منطاش " فى سنة 707 هجرية تقرب منطاش من العوام وأخذ يترقق لهم ويقول أنا واحد منكم وأنتم إخواننا وأصحابنا. ( أبو المحاسن : النجوم الزاهرة ) مشيخة الحرافيش كان للحرافيش " مشيخة " أى نقابة كغيرهم ومن الغريب أن منصب الشيخ – النقيب – كان يتوصل إليه ببذل الأموال والرشوة فى ظل حكم المماليك الحكام العسكر.. ففى سنة 850 هجرية استقر شخص اسمه حسن فى " مشيخة الحرافيش " بدلاً من شخص آخر اسمه أبو بكر بعد أن بذل أموالاً وقدم رشوة.. ولا جديد تحت الشمس. أحوال الحرافيش لقد عاش الحرافيش فى ضيق وعسر مقارنة بغيرهم من الحكام والطبقة المنعمة المترفة.. فقد لاحظ بعض الرحالة الأوربيين الذين زاروا مصر فى عصر المماليك الحكام العسكر أن القاهرة وحدها بها عدد يتراوح بين خمسين ألف و مائة ألف بلا مأوى سوى الطرقات وبلا ملابس سوى أسمال بالية.. كذلك دهش البعض الآخر من كثرة الشحاذين بالقاهرة وقال إنهم أحاطوا به من كل جانب طالبين ألإحسان وكانوا يمارسون ما يتاح لهم من الأعمال الوضيعة التى يجود بها عليهم المترفون.. ويبقى الحال على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء إلى الله. حذارى من غضب الحرافيش آه من غضب الحرافيش.. وهم لا يغضبون إلا بعد أن ينفذ صبرهم وكثرة الضغط تولد الإنفجار.. وإذا غضبوا فهم لا يبقون ولا يذرون.. وهنا تحدث ثورة الجياع.. والجوع كافر وهو ليس فقط إلى الرغيف بل أيضاً إلى الكرامة الإنسانية وكل ما يختص به الحكام والمترفون أنفسهم من الرفاهية بلا وجه حق.