أليخاندرو سابيلا.. أن تحول ميسي لمارادونا كي تفوز بكأس العالم

يدرك المدرب أليخاندرو سابيلا المدير الفني للمنتخب الأرجنتيني لكرة القدم أنه يشغل حاليا الوظيفة الأكثر أهمية في بلاده حيث يتوق إليها الجميع ويتمنى كل مشجع ألا يكون هو نفسه مجرد مدرب وإنما أن يكون المدرب الأفضل في بلاد التانجو، معتمداً على موهبته المتفجرة ليونيل ميسي.
ويأمل سابيلا وميسي وأنصار المنتخب الأرجنتيني (راقصو التانجو) في أن ينجح الفريق في الوقت المناسب وأن يحرز اللقب العالمي الثالث له بعد فترة قحط في بطولات كأس العالم استمرت 28 عاما.
ويواجه سابيلا تحديا هائلا كما يتعرض لضغوط كبيرة. وتمثل كرة القدم كل شيء في حياة هذا المدرب المولود في بوينس آيرس وذلك بعد عائلته بالطبع.، واعترف سابيلا "تخيلت التتويج بلقب كأس العالم لمرتين أو لثلاث مرات".
وبشكل عام ، أوضح سابيلا أن هدفه هو قيادة المنتخب الأرجنتيني للمربع الذهبي في بطولة كأس العالم 2014 حيث لم يصل الفريق لهذا الدور منذ فترة طويلة، وقد أنجز جزء من المهمة بالفعل بالتأهل على قمة مجموعته السهلة لدور ال16، وإذا أحرز المنتخب الأرجنتيني لقبه العالمي الثالث من خلال المونديال البرازيلي ، سيكون هذا اللقب جائزة هائلة للغاية إلى هذا المدرب سابيلا الذي لم يبدأ تولي منصب المدير الفني إلا قبل خمس سنوات فحسب.
ورغم هذا ، يرى سابيلا أن هناك أشياء مهمة أخرى بخلاف اللقب. وأوضح "من المهم أن نظهر الاحترافية والجدارة والإخلاص والاتزان.. النتائج مجرد شيء واحد"، كما تطرق سابيلا إلى تجربة المدرب مارسيلو بييلسا المدير الفني السابق للمنتخب الأرجنتيني ، وقال "لم أسمع لاعبا يقول شيئا سيئا عن بييلسا كإنسان أو كمدرب محترف رغم خروج المنتخب الأرجنتيني من الدور الأول لكأس العالم 2002 ".
ولا يثير سابيلا النقاشات حامية الوطيس التي اعتاد عليها بعض أسلافه كما لا يلجأ إلى إثارة مشاعر المشجعين أكثر من مجرد إثارة علامات الاستفهام لدى بعضهم بشأن رفضه استدعاء المهاجم الخطير كارلوس تيفيز نجم يوفنتوس إلى صفوف المنتخب الأرجنتيني.
ورغم هذا ، نجح سابيلا في تحقيق شيء فشل فيه أسلافه وهو أن يستخرج من ميسي أداء مع المنتخب الأرجنتيني يماثل مستوى الأداء الذي يقدمه اللاعب مع فريقه برشلونة الأسباني، ويرى سابيلا أنه أمر يتعلق "بالنمو الشخصي للاعب ونضجه" ولكنه يدرك أيضا أنه كمدرب نجح في "خلق المناخ والأجواء التي تساعد في إسعاد اللاعب".
وقال بابلو هاكر ، الذي شارك مع خافيير سول في تأليف كتاب يتضمن قصصا للتعرف على شخصية سابيلا ، "سابيلا شخص لطيف وذكي يحمل حقيبة كروية مكانتها أعلى من المستوى المتوسط. مخلص تماما ومتواضع ومجتهد ومتعصب لكرة القدم كما يمتلك الحافز"، ويشتهر سابيلا بلقب "باتشورا" والتي تعني "الكسل" في العامية الأرجنتينية ولكنه بعيد تماما عن الكسل.
ويعاني سابيلا عندما يشاهد لاعبيه يشاركون مع أنديتهم ، ويستيقظ هذا المدرب في المساء ليفكر في بدائله الخططية كما يتسم هذا المدرب بالعصبية خلال المباريات. ويظل سابيلا متيقظا ومنتبها أمام خطر تعرض أي من لاعبيه للإصابة قبل بطولة كأس العالم.
وقال سابيلا ، إلى وكالة الأنباء الألمانية، "هناك شيئان يزعجاني في كرة القدم بشكل عام. الأول هو أن يصل الفريق المنافس إلى مدافعي فريقي والثاني هو ألا يستطيع فريقي الإضرار بمصالح المنافس لدى امتلاكنا الكرة. ولهذا ، ما يجعلني متيقظا في المساء يكمن في تفكيري بإحداث هذا التوازن".
ويتمتع سابيلا بقدرة هائلة على التحفيز والوصول لقلب اللاعبين ويثير لديهم التمسك بروح الجماعة والأداء الجماعي كما يقنع لاعبيه بأساليبه الخططية ، حسبما يؤكد كثيرون ممن لعبوا تحت قيادته، كما يتميز سابيلا بأنه يراقب الوضع من حوله جيد ويعمل بشكل منهجي كما قدم عملا جيدا بشكل خاص مع المنتخب الأرجنتيني.
والحقيقة أنه تولى المهمة المناسبة في الوقت المناسب حيث يبدو ميسي في أوج مسيرته الكروية إضافة لامتلاك المنتخب الأرجنتيني الحالي خط هجوم من أفضل خطوط الهجوم في تاريخه.
ورغم هذا ، تولى سابيلا المسؤولية في وقت عانى فيه الفريق من الانقسام الحاد بسبب افتقاد الفريق للنجاح واهتزازه بسبب المشاكل والتوتر الذي أصابه تحت قيادة المدربين السابقين مثل ألفيو باسيلي ودييجو مارادونا وسيرخيو باتيستا، وحتى ميسي ، أفضل لاعب في العالم ، عانى من الاحباط خلال مسيرته مع الفريق قبل تولي سابيلا المهمة.
واختبر سابيلا العديد من اللاعبين كما فضل أن تكون المجموعة متحدة رغم وجود بعض نقاط الضعف خاصة في خط الدفاع . وبمجرد أن وصل الفريق لنقطة التحول من خلال الفوز المهم للغاية في ضيافة المنتخب الكولومبي في نوفمبر 2011 بالتصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2014 ، شعر سابيلا بأنه يستطيع تحويل هذه المجموعة من النجوم إلى مجموعة لها هويتها وتعمل بانسجام.
وكان الشيء الرئيسي هو تحويل ميسي إلى قائد فعلي للمنتخب الأرجنتيني وأن يضمن له الحرية في الأداء بالملعب دون التقيد بمركز معين وذلك سيرا على النهج الذي اتبعه جوسسيب جوارديولا المدير الفني السابق لبرشلونة الأسباني خلال قيادته لبرشلونة وميسي.
واعتمد سابيلا على "الرباعي الخارق" أو "فانتاستيك فور" المكون من ميسي وجونزالو هيجوين وسيرخيو أجويرو وآنخل دي ماريا لإثارة الفوضى في صفوف المنافسين وإثارة الرعب في قلوب المدافعين.
وقال سابيلا "المجموعة مثل المنزل. أهم شيء هو ما لا تراه وهو الأساسات. ومثلما قال الكاتب الفرنسي الراحل أنطوان دي سانت-أكزوبيري ذات مرة ، الشيء الجوهري لا يرى بالعين".
ودرس سابيلا القانون فى السابق كما يتميز بأنه قارئ شره للتاريخ مما يجعله قادرا على الاستشهاد بعبارات للمهاتما غاندي والرئيس الأرجنتيني السابق خوان دومينجو بيرون في مؤتمر صحفي، ووصل سابيلا إلى منصب المدير الفني للمنتخب الأرجنتيني عبر طريق غير معتاد على الاطلاق.، وعندما اعتزل سابيلا اللعب ، دعاه صديقه وزميله السابق دانالي باساريلا للعمل في نادي ريفر بليت الأرجنتيني العملاق عام 1990 وتدريب الفريق الاحتياطي للنادي. وفي 1994 ، أصبح سابيلا المساعد الثاني لباساريلا الذي كان مديرا فنيا للمنتخب الأرجنتيني آنذاك.
وظل سابيلا في طاقم العمل مع باساريلا لمدة 13 عاما وانتقل معه خلال هذه السنوات للعمل مع منتخب أوروجواي وفرق بارما الإيطالي ومونتيري المكسيكي وكورينثيانز البرازيلي قبل العودة لريفر بليت. وشارك سابيلا في بطولات كأس عالم ودورات أولمبية وبطولات دوري مختلفة.
وأصبح سابيلا مديرا فنيا للمرة الأولى فقط عندما قرر باساريلا الترشح لرئاسة نادي ريفر بليت وكان سابيلا وقتها في الرابعة والخمسين من عمره وتولى منصب المدير الفني لفريق استوديانتس الأرجنتيني، وعلى مدار أكثر من عامين قضاهما مع استوديانتس ، أحرز سابيلا لقب بطولة كوبا ليبرتادوريس في 2009 ولقب المرحلة الافتتاحية من مسابقة الدوري الأرجنتيني عام 2010، وتسلم سابيلا فريقا جيدا من سلفه في هذا المنصب ونجح في أن يستكمل البناء ليشكل فريقا يصنع التاريخ.
وعندما كان على أهبة السفر إلى الإمارات لتدريب فريق الجزيرة ، تلقى سابيلا اتصالا من خوليو جروندونا رئيس الاتحاد الأرجنتيني للعبة، وكان جروندونا منهكا من مشكلة البحث عن مدرب للمنتخب الأرجنتيني حيث كان بحاجة إلى نوعية مختلفة من المدربين ، وشعر سابيلا بأنه لا يستطيع رفض هذا العرض.
وولد سابيلا في الخامس من نوفمبر 1954 لعائلة من الطبقة المتوسطة في العاصمة بوينس آيرس. وبدأ لعب الكرة خلال فترة الطفولة والصبا بنادي "جيبا". وبمرور الوقت ، أصبح صانعا موهوبا للعب.
ويلعب سابيلا بقدمه اليمنى ولكن نظرا لأن صانعي اللعب في هذا الوقت كانوا جميعا ممن يلعبون بالقدم اليسرى ، اعتاد سابيلا على ركل الكرة بالقدم اليسرى.
وكان سابيلا مشجعا لفريق بوكا جونيورز الأرجنتيني العريق في فترة شبابه وفشلت محاولاته للانضمام إلى هذا النادي ثم قادته الحياة ليبدأ مسيرته الاحترافية من خلال المنافس التقليدي العنيد ريفر بليت.
ولعب سابيلا في إنجلترا لسنوات عدة حتى أعاده المدرب كارلوس بيلاردو ، المدير العام للمنتخب الأرجنتيني حاليا ، إلى بلاده حيث لعب لفريق استوديانتس لا بلاتا، كما لعب لفريقي جريميو البرازيلي وإيرابواتو المكسيكي حيث اعتزل اللعب في صفوف الأخير عام 1989.
وأصبح فريق استوديانتس فريقه المفضل وأصبحت مدينة لابلاتا ، التي تبعد 60 كيلومترا عن العاصمة بوينس آيرس ، مقرا لإقامته حيث التقى فيها زوجته الثانية سيلفانا التي أنجبت منه طفلين بينما أنجب سابيلا طفلين آخرين من زيجته الأولى.
ويعد سابيلا الأيام ويتلهف لبدء معسكر المنتخب الأرجنتيني بمدينة بيلو هوريزونتي البرازيلية استعدادا لخوض نهائيات كأس العالم. وسبق لسابيلا أن فاز مع استوديانتس بلقب كوبا ليبرتادوريس عام 2009 بمدينة بيلو هوريزونتي بالذات وهو ما يمنحه كثيرا من التفاؤل قبل خوض المهمة الأكثر صعوبة في مسيرته التدريبية.