فى عام 2005 توجهت إلى قسم النزهة لإستخراج بطاقتى الإنتخابية الأولى .. بعد أن إستشعرت يومها بإمكانية أن يكون لصوتى دوراً فى بلادى فى الإنتخابات المقبلة .. و سألنى جندى حراسة البوابة بأدب جم عن غايتى فصارحته .. وعندما طلب بطاقتى القومية قدمتها له فى تأفف لم يعر له إهتماماً .. و بعد ان طلب منى الإنتظار دون الدخول فى حراسة جندى آخر .. راوغتنى هواجس فكرى .. و سألت نفسى مراراً .. عن سبب وجودى فى البداية و عن هدفه نهاية .. لابد من إنتظاره .. فقد أخذ رقمى القومى فى يديه .. و إستسلمت لمصيرى .. لم تمض دقائق معدودة حتى أتى مبتسماً يشير لى بالتفضل إلى الداخل .. و رغم الأدب الجم ..عاودتنى الشكوك بلا سبب .. ثم قادنى للدور العلوى حيث أدخلنى غرفة ملآنة بأجهزة الحاسب الآلى .. يجلس أمامها امناء الشرطة .. و إستقبلنى ضابط و عينه تتفحصنى فى خبرة أمنية لا تستهان .. ثم وضع أمين منهم بطاقتى فى كفه بدون أن ينبس بحرف واحد.. فسلمها إلى بإبتسامة دبلوماسية .. و سألنى عن محل ميلادى .. فأجبته أنه فى السكاكينى .. فطلب منى التوجه إلى قسم الظاهر .. حيث أن بياناتى غير متوافرة هنا .. و بكل الغضب من إستهانة فكرى .. إستجمعت شجاعتى و سألته إن كان يكشف عن صفيحتى الجنائية .. فأجاب بأنها إجراءات روتينية .. و عندما تعجبت .. كيف لى أن آتى لقسم شرطة و عندى سوابق ؟ لم يجب غير بكلمة واحدة : شرفت ! .. و بكل الغيظ و قهر الإحساس .. صممت على التوجه إلى قسم الظاهر .. لم أستغرق أى وقت .. فما أن رآى الأمين بطاقتى حتى سخر منى .. كيف لشخص متعلم مثلى أن يأتى إلى هنا و بطاقته تتبع قسماً آخر .. لم أضيع وقتى كثيراً فى مجادلته أو محاولة الدفاع عن ماهيتى .. فقد تذكرت فورا أنه قد تم إستخراج بطاقة إنتخابية لى و كارنية إشتراك رياضى فى مركز شباب الظاهر .. مضافاً إليهما كارنية إلتحاق بالحزب الوطنى الديمقراطى .. و أنا ما زلت فى المرحلة الثانوية التى كانت عسكرية فى ذاك الحين ..! و أقنعنى بذلك يومها .. خيرة طلاب المدرسة الحسينية الثانوية العسكرية للبنين .. وأعذبهم حديثاً .. حتى أنى أتذكر إسمه الأول حتى الأن وقد بلغت من العمر .. ربعه الأخير .. هشام .. ولكننى لم أر صورته فى الجرائد إلى يومنا هذا .. عندها فهمت الكثير .. بداية من العدد الرسمى لأعضاء الحزب الوطنى .. نهاية بعدم وإستحالة تزوير الإنتخابات .. وحسبى الله و نعم الوكيل .. فكم نحن من الغباء بمكان لا يمكننا من فهم شىء إلا بعد مرور عشرات السنين !