ذكر تقرير إسرائيلي صادر عن «المعهد الأورشليمي للدراسات الخارجية» إن كل المؤشرات على الأرض تُشير إلى أن الفريق أول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع، ينوي خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، على الرغم من أنه «يحتفظ بغموض كبير حول خططه المستقبلية»، وأضاف التقرير الذي أعده نائب رئيس المخابرات الحربية الإسرائيلية السابق، ومستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، العقيد جاكوب نيريا، أن المصريين ينظرون إلى السيسي على أنه «وريث لعبد الناصر»، و«منقذ لمصر» من جماعة الإخوان المسلمين. وقال جاكوب نيريا، المتخصص في الشؤون العربية بالمعهد، إن السيسي الذي يشن «حملة لا هوادة فيها» على الإرهابيين في سيناء، على خلاف أسلافه، من أجل استعادة السيادة المصرية هناك، لن يواجه أي منافسة حقيقية إذا قرر خوض انتخابات الرئاسة، مشيرًا إلى أنه يستخدم «كلمات ناصر السحرية» في خطاباته، ما جعل المصريين يرون فيه خليفة لعبد الناصر. وقال التقرير إن السيسي «يحتفظ بغموض كبير حول خططه المستقبلية، وينفي عبر المتحدث باسم القوات المسلحة أي نية لخوض الانتخابات الرئاسية في 2014. ورغم ذلك، فإن الأحداث على الأرض تشير إلى أن الجنرال يحضّر نفسه للرئاسة، لأن هذا هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق له وللمؤسسة العسكرية». وأضاف تقرير المعهد الأورشليمي إنه «من الناحية النظرية، يمكن للسيسي أن يقرر البقاء في موقعه تحت قيادة رئيس جديد منتخب ويستمتع بصلاحياته كما يفعل اليوم، لكنه أيضًا من الممكن أن يعاني من نفس مصير سلفه، المشير طنطاوي، الذي انتهت مسيرته بجرّة قلم. السيسي لا يريد أن يستنفر خصومه بالتطلع للرئاسة مبكرًا». وأكد التقرير أن «مسلسل الأحداث في مصر يؤدي إلى وضع يصبح فيه السيسي هو المنقذ الذي ينقذ مصر من الإخوان المسلمين، ويقود البلد ليس فقط كوطني مصري وإنما أيضًا كبطل عربي». وتطرق نائب رئيس المخابرات الحربية الإسرائيلية الأسبق في تقريره إلى الحملات التي تأسست مؤخرًا لدعم ترشح الفريق السيسي للرئاسة، وحملات الدعاية التي تقوم بها، وقال: «لا يستطيع أي مراقب للمشهد المصري أن يتجاهل حملة الدعاية للسيسي على مدار الأسابيع الماضية، في التليفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي والملصقات في الشوارع. مصر تبدو وكأنها مصابة بحُمّى السيسي، البرامج الحوارية وأعمدة الصحف تدعو لفكرة ترشح السيسي للرئاسة لمحاربة التهديد الإرهابي الذي يقولون إن البلد تواجهه.. كما تأسست مؤخرًا عدة حملات تطالب السيسي بالترشح للرئاسة»، وأضاف: «في الواقع لا يوجد أمام السيسي منافس حقيقي، ومعظم منافسيه أعلنوا أنه إذا ترشح للرئاسة لن يترشحوا». وأوضح التقرير أن «الأكثر إثارة للاهتمام هو تركيز الجهود على تصوير السيسي كوريث للرئيس جمال عبد الناصر»، مشيرًا إلى مشاركة زيارة السيسي لضريح عبد الناصر في الذكرى ال43 لوفاته، ودعوته المهندس عبد الحكيم عبد الناصر، والدكتورة هدى عبد الناصر في احتفالات رسمية. وأوضح التقرير أن السيسي استخدم «كلمات ناصر السحرية» في خطاباته، وقال إنه «عندما كان ينطق السيسي بهذه العبارات كان المصريون يرون فيه خليفة لناصر، القائد المصري الذي واجه الإخوان وقاد مصر لقيادة العالم العربي، ودول عدم الانحياز». وتابع:«إحياء السيسي ذكرى ناصر كان وسيلة له لتلبية أشواق دفينة لحقبة مصرية بارزة في السياسة العربية والدولية. عائلة عبد الناصر حشدت من أجل منح السيسي الشرعية ليقدم نفسه كخليفة لناصر، وهدى عبد الناصر كتبت خطابًا مفتوحًا له تحثه فيه للتقدم وتحمل المسؤولية». وأشار التقرير إلى قائمة المدعوين لحضور الاحتفال بانتصار أكتوبر، هذا العام، والتي ضمت عبد الحكيم عبد الناصر، وجيهان السادات، والمشير حسين طنطاوي، لافتًا إلى أن الشخص الوحيد، «الذي كان مُفتقدًا» في الاحتفالية، كان رئيس الأركان السابق سامي عنان، وأرجع التقرير ذلك إلى أن عنان قدم نفسه كمرشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وحذر التقرير من أن «إحياء الناصرية يمثل تحديًا، فعلاقة ناصر بالولاياتالمتحدة كانت سيئة جدًا، وكذلك كان موقفه تجاه إسرائيل». إلا أنه أشار إلى أن «السيسي لم يطعن في اتفاقية السلام مع إسرائيل وعلى الأرجح لن يفعل طالما كان همه الأساسي هو توطيد نظامه ومحاربة الإخوان. السيسي كرئيس للمخابرات الحربية يعرف تعقيدات العلاقة الأمنية بين مصر وإسرائيل ويدرك أن قضية انعدام الأمن في سيناء التي أثارتها في إسرائيل موجهة في الأساس ضد استقرار النظام المصري». وأوضح تقرير المعهد الأورشليمي للدراسات الخارجية أنه «طالما وافقت إسرائيل على مطالب مصر بتعزيز قواتها في سيناء لمحاربة الإرهابيين، وبالتالي التغاضي على القيود المفروضة على مستويات تواجد القوات المصرية في سيناء بحسب المعاهدة، فإنه لن يكون هناك سبب للسيسي لتغيير قواعد اللعبة مع إسرائيل». وتابع التقرير أن «المتابع للمشهد المصري سيلحظ تغييرا في مشاعر المصريين تجاه الولاياتالمتحدة من صداقة إلى عداء مفتوح. وهذا التغير تعاني منه إسرائيل أيضًا. في الحقيقة هذه الأزمات مع إدارة أوباما وردود فعل السيسي عليها تساعد في بناء قيادته كزعيم قومي جريء لا يتراجع أمام القوى العظمى، خاصة تلك التي أيدت جماعة الإخوان المسلمين علنًا في مصر ومناطق أخرى في الشرق الأوسط». وعن تقليص الولاياتالمتحدة مساعداتها لمصر، أشار التقرير إلى أن «المساعدات التي قدمتها السعودية والإمارات لمصر بعد تقليص الولاياتالمتحدة لمساعداتها هي تذكير للولايات المتحدة بأن مصر قد لا تكون بحاجة لمساعداتها المالية المشروطة. السعودية والإمارات كانتا أول من فهموا التغيير في مصر. هم يرون في السيسي حليفا محتملا وحاميا ضد التهديد الإيراني المتنامي لمنطقة الخليج في الوقت الذي تسعى فيه الولاياتالمتحدة لاستعادة علاقتها بإيران».