معلمو الحصة فوق 45 عامًا يُطالبون بتقنين أوضاعهم وتقدير جهودهم    محافظ الأقصر يوجه بصيانة صالة الألعاب المغطاة بإسنا (صور)    بعد تراجعه 95 جنيها.. سعر الذهب يرتفع بحلول التعاملات المسائية اليوم    النيابة تعاين منازل المتضررين بسبب تسريب الصرف الصحى بسوهاج    محافظ الأقصر يشهد لقاء جماهيريا في إسنا لحل شكاوى المواطنين (صور)    مصادر: خامنئي يفوض صلاحياته للحرس الثوري ويختبئ في ملجأ تحت الأرض    وزير الخارجية يجري اتصالين هاتفيين بنظيره الإيراني ومبعوث الرئيس الأمريكي    كأس العالم للأندية.. بروسيا دورتموند 0-0 فلومينينسي    ترامب: لدينا الآن سيطرة كاملة وشاملة على الأجواء فوق إيران    بعد المطالبة بترحيلها.. طارق الشناوي يدعم هند صبري: محاولة ساذجة لاغتيالها معنويًا    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    من سرقة بنك إلى المونديال.. الحكاية الكاملة لصن داونز وملهمه يوهان كرويف    خاص ل "الفجر الرياضي" | ريال مدريد سيوقع مع هذا اللاعب عقب المونديال (مفاجأة)    الجيش الإسرائيلي: إيران أطلقت 400 صاروخ حتى الآن    التعليم العالى تعلن فتح باب التقدم للمنح المصرية الفرنسية لطلاب الدكتوراه للعام الجامعى 2026    "فوربس" تختار مجموعة طلعت مصطفى كأقوى مطور عقاري في مصر    نائب محافظ الدقهلية يتفقد الخدمات الصحية وأعمال التطوير والنظافة بمدينة جمصة    مصرع شاب في حادث دراجة بخارية بالمنيا    بحضور أسر الصحفيين.. عروض مسرح الطفل بقصر الأنفوشي تحقق إقبالًا كبيرًا    رصاصة غدر بسبب الزيت المستعمل.. حبس المتهم بقتل شريكه في الفيوم    "أكبر من حجمها".. محمد شريف يعلق على أزمة عدم مشاركة بنشرقي أمام إنتر ميامي    قرار مهم من "التعليم" بشأن سداد مصروفات الصفوف الأولى للعام الدراسي 2026    رئيسة «القومي للبحوث»: التصدي لظاهرة العنف الأسري ضرورة وطنية | فيديو    «البحوث الإسلامية»: الحفاظ على البيئة واجب شرعي وإنساني    "المدرسة البرتغالية".. نجم الزمالك السابق يطلق تصريحات قوية بشأن الصفقات الجديدة    "الحرية المصري": نخوض الانتخابات البرلمانية بكوادر على غالبية المقاعد الفردية    محافظ أسيوط يستقبل السفير الهندي لبحث سبل التعاون - صور    درة تحتفل بتكريمها من كلية إعلام الشروق    الخميس.. جمعية محبي الشيخ إمام للفنون والآداب تحتفل بالذكرى ال30 لرحيله    معهد ستوكهولم: سباق تسليح مخيف بين الدول التسع النووية    بدء الجلسة العامة للبرلمان لمناقشة الموازنة العامة    محافظ المنيا يُكرم مديرة مستشفى الرمد ويُوجه بصرف حافز إثابة للعاملين    نجاح طبي جديد: استئصال ورم ضخم أنقذ حياة فتاة بمستشفى الفيوم العام    عرض غنوة الليل والسكين والمدسوس في ختام الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    مهرجان الإسكندرية الدولي للفيلم القصير يواصل تألقه بعرض خاص في القاهرة    التعليم العالي: جهود مستمرة لمواجهة التصحر والجفاف بمناسبة اليوم العالمي    تأجيل محاكمة متهمين بإجبار مواطن على توقيع إيصالات أمانة بعابدين    شملت افتتاح نافورة ميدان بيرتي.. جولة ميدانية لمحافظ القاهرة لمتابعة أعمال تطوير حى السلام أول    محافظ أسوان يشيد بجهود صندوق مكافحة الإدمان فى الأنشطة الوقائية    التعليم الفلسطينية: استشهاد أكثر من 16 ألف طالب وتدمير 111 مدرسة منذ بداية العدوان    زيلينسكي: روسيا هاجمتنا بالطائرات المسيرة بكثافة خلال ساعات الليل    المرور تحرر 47 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    هشام ماجد يسترجع ذكريات المقالب.. وعلاقته ب أحمد فهمي ومعتز التوني    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    محافظ المنيا: استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 509آلاف طن منذ بدء موسم 2025    البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو غرة شهر المحرم وبداية العام الهجرى الجديد    دار الإفتاء: الصلاة بالقراءات الشاذة تبطلها لمخالفتها الرسم العثماني    "ليست حربنا".. تحركات بالكونجرس لمنع تدخل أمريكا فى حرب إسرائيل وإيران    CNN: ترامب يواجه ضغوطا متعارضة من إسرائيل وحركته الشعبوية    «الرعاية الصحية» تُعلن توحيد 491 بروتوكولًا علاجيًا وتنفيذ 2200 زيارة ميدانية و70 برنامج تدريب    مستشفيات الدقهلية تتوسع في الخدمات وتستقبل 328 ألف مواطن خلال شهر    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    ضبط 18 متهمًا بحوزتهم أسلحة و22 كيلو مواد مخدرة في حملة أمنية بالقاهرة    بدء التشغيل التجريبي لمستشفى طب الأسنان بجامعة قناة السويس    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    بعد تلقيه عرضًا من الدوري الأمريكي.. وسام أبوعلى يتخذ قرارًا مفاجئًا بشأن رحيله عن الأهلي    «لازم تتحرك وتغير نبرة صوتك».. سيد عبدالحفيظ ينتقد ريبيرو بتصريحات قوية    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرات غريبة المعالم
نشر في المصري اليوم يوم 01 - 11 - 2010

نظر لي ذلك الموظف نظرة طويلة خالية من أي مشاعر، لا أتذكر أين رأيتها من قبل، أنا فقط متأكد من أني رأيتها، أيضاً لم ينطق بحرف واحد يشفي غليلي، لم أكن أعلم ما الذي ينظر إليه بالتحديد بتلك النظرة عديمة الإحساس، هل السبب هي نظارة الشمس التي كنت أرتديها وأنا أتحدث معه؟ هل شعر أن في ذلك استعلاء عليه؟ هل السبب هو شعري اللامع المصفف جيداً؟ هل السبب هو ذلك القميص الذي كلفني الكثير؟ أم الساعة التي تلمع مع ضوء الباقي من لمبات الإنارة الغير محترقة؟ حقيقة لا أعلم ولا أعتقد أنه من مكانه هذا يمكنه أن يرى حزامي وحذائي وبنطالي، استمر على نفس تلك النظرة ثم تكلم أخيراً "أنت عاوز إيه بقى؟"، أخبرته أني أريد تغيير العنوان القديم إلى ذلك العنوان الجديد المكتوب في الاستمارة، نظر إلى الاستمارة ثم نظر إلى مرة أخرى بنفس تلك النظرة الغير واضحة المعالم وكأنه ولد بها وقال لي "اجري العب بعيد يا شاطر"
أبحث عن سلسلة المفاتيح لا أدري أين وضعتها، فأنا كالعادة أنسى دائماً أين أضعها عند دخولي المنزل، قررت كثيراً أني يجب أن أحدد مكاناً أضع به هذه المفاتيح الماكرة، لكني دائماً ما أنسى أو أتناسى وكأني أستبشر في الصباح برحلة البحث عن المفاتيح ثم الموبايل ثم سماعة البلوتوث ثم النظارة وأحياناً الساعة، خرجت من المنزل لست في عجلة من أمري، فأنا لست ذاهباً إلى العمل اليوم، بل ذاهب إلى مكان آخر فكرت كثيراً في الذهاب إليه من عدمه، وكان القرار بضرورة التغيير، لا لشيء ولكن حتى يكون كل شيء سليم "ومية مية"، أنا لا أحب ألا يكون كل شيء سليم وفي مكانه .... بغض النظر عن النظارة والساعة والموبايل والمفاتيح.
في هذا التوقيت ستكون الشوارع شبه خالية "ودي أحلى حاجة" فأنا لا أحب الزحام، مع أنه أصبح أمراً طبيعياً تعودنا عليه ولا يمكن العيش بدونه وكأنه إكسير الحياة، إلا أنني مازلت لا أحبه "وكل شيء بالخناق إلا حب الزحام بالاتفاق"، أمنية أخرى كنت أتمناها وأنا في طريقي هي ألا أجد مبنى مصلحة الأحوال المدنية مزدحم، فيا حبذا لو انتهت كل الإجراءات بسرعة، دخلت إلى الموظف الذي كان مازال يفطر لأنه إنسان من روح ودم ولا بد أن يفطر قبل أن يزاول عمله، لا يهم أنه يضع سندوتشات الفول المليئة بالزيت على بعض الأوراق الحكومية، أو أنه في الأساس لماذا لم يفطر في منزله؟ كل هذه أمور تافهة لا طائل من الكلام عنها، المهم إن معالي الباشا يكمل فطوره، وبعد الإفطار لا بد من كوب من الشاي" عشان يضبط الدماغ "، والمواطن الغلبان الواقف في انتظاره "يتحرق بجاز"، .... ما قلنا المهم إن معالي الباشا يفطر ويحبس بالشاي.
عندما قال لي "اجري العب بعيد يا شاطر" أحسست أنني أريد أن "أنط في كرشه"، ولكن هذا ما يبحث عنه أي موظف مخضرم، لأني عندما "أنط في كرشه" سوف يدعي الإصابة وهنا سوف تكون جناية تعدي على موظف أثناء تناول إفطاره، أقصد أثناء تأدية عمله، أنا سأدخل السجن لمدة قد تصل إلى 6 شهور وهو سوف يأخذ إصابة عمل و"يأنتخ" في البيت والمرتب لن ينقص من مليم أحمر، أعتقد لذلك يتعمد كثير من الموظفين إثارة واستفزاز المواطنين عسى أن ينولوا أحد الأمرين أجازة أو تعويض مادي محترم.
تمالكت أعصابي وذهبت مباشرة إلى المدير، نظر إلى الاستمارة وإلى العنوان الجديد، الآن علمت من أين آتى ذلك الموظف بتلك النظرة الخالية من المعاني، إنهم يأخذون دورات تدريبية بعد التعيين عن كيفية إلقاء مثل هذه النظرات، فلقد وجدت المدير يرمقني ينفس تلك النظرة، لكن والحق يقال فلقد كان ذو خبرة عن ذلك الموظف الذي يبدو أنه مبتدئ، فنظرة المدير كانت تحمل الكثير والكثير من اللاشيء، نظرة تدل عن أنه لم يصل لهذا المنصب من فراغ، لكن لاجتهاده في إلقاء مثل هذه النظرات المعبرة عن الفراغ، "أنت عاوز إيه بقى؟" تكلم بعد طول انتظار وشوق، تكلم ليسأل نفس السؤال الذي سأله ذلك الموظف المبتدئ، الآن تأكدت أن هناك دورات تدريبية لهؤلاء الموظفين، بهدوء أوضحت أني أريد تغيير العنوان القديم بذلك العنوان الجديد.
الاسترخاء أمر ممتع، خاصة بعد وجبة غداء، تجلس أمام التلفاز، يدك اليمنى تحمل كوب نسكافيه ساخن، واليسرى تحمل الريموت كنترول تقلب به بين القنوات، توقفت عند أحد البرامج الحوارية التي كانت تستضيف مسئول كبير، أعجبني الحوار، أعجبتني الأسئلة، والأكثر منها الإجابات، شعرت فيها إحساساً بالمسؤولية، دراسة منسقة، حلول لكل مشاكل الحياة، أحسست أنه مع الوقت سوف نشعر بالرخاء، سوف يرتفع دخل الفرد، سوف تنتهي أزمة ارتفاع الأسعار، سوف تختفي عمليات النصب والاحتيال، ثم تهدم كل شيء دفعة واحدة بعد أحد التصريحات المفاجئة، "السوق ملئ بالمنتجات المحلية، أكثر من 90% من المنتجات الموجودة بالسوق المحلي هي منتجات محلية الصنع"، توقفت كثيراً جداً وتأملت نظرة ذلك المسئول، لا أدري أين ضاعت كل التعبيرات الإيجابية من وجهه لتحل محلها تلك النظرة السلبية ..... أو التي تعني شيئاً آخر.
تأكيدات بأن أغلب المنتجات هي منتجات محلية، حسناً، النظارة والساعة والموبايل صناعة صينية، سماعة البلوتوث وسلسلة المفاتيح والكوب إلى أشرب فيه النسكافيه صناعة صينية، القميص والبنطال والحزام صناعة صينية، الألعاب التي اشتريتها لطفلي في عيد ميلاده الأول صناعة صينية، سجادة الصلاة صناعة صينية، عندما أصبت بنزلة برد نصحني الجميع بتناول الثوم الصيني، كذلك التسجيل الجديد والأربع إطارات والأربع سماعات التي اشتريتهم للسيارة كانوا صناعة صينية، الكيبورد والماوس اللذان أستخدمها الآن في كتابة هذه الكلمات صناعة صينية، المكنسة الكهربائية صناعة صينية، يوجد ذهب صيني، وسمك صيني، وأجهزة إلكترونية صينية وقطع غيار صينية وسيارات صينية، و..... نكتفي بهذا القدر.
حتى أصدق هذه التصريحات الوردية كان هناك حل وحيد فكرت فيه كثيراً، تغيير عنوان الإقامة، لذلك توجهت إلى مكتب السجل المدني وفي يدي استمارة تغيير بيانات البطاقة الشخصية أو الرقم القومي كما يقولون، الشيء الوحيد الذي كنت أريد تغييره هو عنوان الإقامة، فلقد كتبت عنواناً في الصين، هذا هو الحل الوحيد، أني الآن أعيش في الصين وبذلك ستصبح تصريحات السادة المسئولين تصريحات حقيقية بأن جميع المنتجات منتجات محلية الصنع، ولا أدري لماذا حتى الآن مازال ذلك المدير في مصلحة الأحوال المدنية ينظر إلى بتلك النظرة العجيبة.
بقلم م / مصطفى الطبجي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.