«الجارديان»: المصريون استقبلوا البرادعى بصفته الأمل الأخير فى التغيير

يواجه النظام المصري الحاكم، أحد أطول الأنظمة السلطوية عمرا، تحديا كبيرا بعد أن أعلن محمد البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن قيادته للتحركات المطالبة بالتغيير السياسى فى أعقاب استقبال الأبطال الذى لاقاه عند عودته إلى القاهرة.
كان أكثر من 1000 مؤيد للبرادعى قد تجمعوا فى مطار القاهرة الأسبوع الماضى للترحيب بعودة الرجل، وهم ينظرون إليه كمنافس محتمل فى الانتخابات الرئاسية القادمة، وطالبت الحشود التى لوحت بالأعلام واللافتات -تحت أعين الجهات الامنية- البرادعى بإعلان ترشحه للرئاسة، وقال أحد أفراد الجماهير المحتشدة: "إنه الأمل الأخير لمصر، كانت هذه أمة عظيمة وسوف يعيدها البرادعي كما كانت."
يذكر أن البرادعي، الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2005، قد صرح بأنه قد يفكر في الترشح حال توفر النزاهة الكافية فى العملية الانتخابية.
و تمثل المرحلة الحالية بالنسبة للبرادعى الفصل الأخير فى حياة رجل لا ينتمى لحزب سياسى عبر عن رغبته في القيام بما هو أكثر من قضاء بعض الوقت مع عائلته فور عودته الى بلاده. و لكن المدير السابق للوكالة الدولية وجد نفسه وقد تحول بطريقة ما، ورغما عنه، الى منشق سياسى مرتقب بفعل قوى المعارضة المختلفة التي تضم الإسلاميين، و العلمانيين، و الليبراليين، و اليساريين.
يؤمن العديد من المحللين بأن الرئيس مبارك البالغ من العمر 81 يتأهب لنقل السلطة إلى ولده جمال، المصرفى السابق الذي تبنى إدخال العديد من الإصلاحات الاقتصادية الليبرالية، والتى لم تلق القبول الشعبى. ويقال إن ظهور البرادعى غير المتوقع على الساحة أدى إلى إرباك تلك الخطة المعدة بعناية.
يقول الكاتب علاء الأسوانى، لقد صارت عودة البرادعى أهم ظاهرة سياسية فى مصر فى الوقت الحالى. إلا أن بعض النقاد المقربين من الحكومة وصفوا الحملة المؤيدة للبرادعى بالسذاجة والخيانة، أو بحسب وصف رئيس تحرير جريدة الأهرام، كبرى الصحف الحكومية، بمثابة انقلاب دستورى. ولكن يبدو أن الهجوم على البرادعي لم يؤثر على الحملة المؤيدة له. يقول عبد الرحمن يوسف، مؤسس مجموعة الفيس بوك المساندة للبرادعى كمرشح للرئاسة، "إنه شخص قادم من الخارج، أتى فى وقت أصبح من الصعب أن نعتمد فيه على من بالداخل".
ويبدو أن التناقض الذى أبداه البرادعي في ردود فعله لم يؤثرعلى مصداقيته. يقول كريم مدحت عنارة، واحد ممن استقبلوه فى المطار: "البرادعي رجل دولة بارع، يخاطر بسمعته بالدخول في مستنقع السياسة الداخلية المصرية."
وسيواجه البرادعى بالعديد من العقبات إذا ما قرر الترشح للرئاسة، مما جعل تجديد الإطار القانونى المحيط بالانتخابات هو حجر الأساس لحملته، جنبا إلى جنب مع تجديد منظومة القيم الحاكمة للمجتمع المصرى، وظهر ذلك واضحا من خلال حواره مع جريدة الشروق المستقلة الشهر الماضى حين أشار إلى ظهور طبقة جديدة من الأغنياء، و حلول المال والسلطة محل المعرفة كقيمة أساسية للمجتمع.
نقلاعن صحيفة «الجارديان»
جاك شينكر