وسط صخب الولاياتالمتحدة فى واشنطن الأٍسبوع الماضى، لمحت «جورج ميتشيل»، فكلانا كان فى المدينة التى شهدت تنصيب باراك أوباما، وقتها كان أملى الوحيد أن «جورج» ربما يصلح أن يكون مبعوثا مميزا للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، فما لبثت أن عدت إلى أيرلندا حتى علمت أنه تم تعيينه بالفعل فى هذه المهمة. فإشارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى خطاب تنصيبه إلى أن هناك اتجاهًا جديدًا نحو السياسة الخارجية الأمريكية، وتعيين «جورج ميتشيل»، بالتركيز على دوره المهم جدا الذى لعبه فى عملية السلام الأيرلندية، يُظهر تركيز وإصرار الولاياتالمتحدةالأمريكية على السعى لإنقاذ عملية السلام بين إسرائيل والشعب الفلسطينى. كان جورج ميتشيل ناجحا جدا، ورئيسا ذا تأثير على الأغلبية الديمقراطية فى مجلس الشيوخ، كما كان معروفا عنه أنه «وسيط» فى أى اتفاق بين جماعات متعارضة. ففى يناير 1995، أصبح ميتشيل مبعوث الرئيس كلينتون للمبادرة الاقتصادية فى أيرلندا، تم تعيينه بعدها بعام واحد رئيسا للهيئة الدولية لنزع السلاح، وأصدرت مجموعته تقريرا فى يناير 1996، احتوى على ستة مبادئ أساسية للديمقراطية، ونبذ العنف، عرفت فيما بعد بأنها «مبادئ ميتشيل». وكان بوصفه مسؤولاً عن المفاوضات التى قادت إلى اتفاقية «الجمعة العظيمة» التى أصبحت معروفة جيدا فى أيرلندا، وأى مكان آخر بعد ذلك، واجه مبدئيا، الاتحاديين والحكومة البريطانية الذين رفضوا تعيينه لرغبتهم فى وجود شخص مستقل. وبمنتهى الصبر، استطاع «جورج» أن يعبر خلال كل هذا، ليحول عملية التفاوض بخبرته القانونية القضائية، من واحد من أكبر الاجتماعات المزعجة إلى أصغر اجتماعات التفاوض، وكان تركيزه الأكبر على تفاصيل هذه القضية، وتسهيل الاتفاقيات الأكثر إنتاجا وفعالية. هذه الخبرة ربما ستؤهله لمباشرة عمله فى رحلته فى الشرق الأوسط، إلا أنه فى نهاية المطاف، مهما كان جيدا، فلن تسفر جهود ميتشيل للتفاوض فى الشرق الأوسط عن أى شىء بالنسبة للحكومة الإسرائيلية والفلسطينيين. ذلك لأن الأمل الوحيد لتحقيق مثل هذا الهدف، يتطلب تدخل الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولى للتعامل مع هذه القضية بطريقة «مباشرة ومركزة» فى ظل التعامل مع الأطراف الرئيسية فى عملية التفاوض على أساس من المساواة. علاوة على ذلك، فإن إحياء الجهود فى الشرق الاوسط للتوصل الى اتفاق يعطل لعبة «الفائزين والخاسرين» التى يخوضها كلا الجانبين، بما فيها استخدام عملية التفاوض لإلحاق الهزائم، لن يجعل الأمر ينجح، ولن يصبح سوى مجرد تكرار لأخطاء الماضى والمزيد من الفرص الضائعة. ففى عملية السلام، يجب أن يكون الهدف هو تحقيق اتفاق شامل مقبول من جميع الأطراف، وقابل للتطبيق ويمكن تحقيقه واستدامته، مما يعنى أن يتيح كل من الأعداء والخصوم «مساحة» لبعضهما للدخول فى محادثات حقيقية للتوصل إلى حلول عملية. والقبول بأن الحوار الحاسم يعنى الاعتراف بحق الشعب الفلسطينى فى اختيار قادته وممثليه، وعلى الحكومة الإسرائيلية والحكومات الأخرى الدخول فى محادثات مع «حماس». فالخروج من دائرة الصراع يعنى أنه على القادة السياسيين الإسرائيليين والفلسطينيين المجازفة بالمخاطر الحقيقية للسلام، وأنهم سيحتاجون إلى مساعدة حقيقية بلا هوادة، بالإضافة إلى جهود دولية مبذولة لبناء السلام الدائم وفقا لتسوية تنص على إقامة دولتين، وبالأخص، إقامة دولة فلسطينية دائمة قابلة للحياة. ■ نقلاً عن جريدة «الجارديان» البريطانية ترجمة: علا عبدالله كاتب المقال رئيس الجناح السياسى لمنظمة الجيش الجمهورى الأيرلندى «الشين فين»، وصاحب تجربة فى التفاوض من أجل السلام فى أيرلندا الشمالية. جيرى آدمز