الأردنيون يشجعون المصريين على التعبير عن مشكلاتهم، لأنهم الأكثر قدرة على التصريح، وغير معرضين لفقد الدينارات القليلة التى يكسبونها لمساعدة أسرهم، كما هو الحال مع العمال المصريين.. وأولئك الذين تركوا بلادهم بعدما أغلقت فى وجوههم فرص العمل والرزق واعتادوا الصبر من آلاف السنين على الأوضاع السيئة أملاً فى «الفرج القريب» الذى غالباً لا يأتى. واعتبر حسام حمزة، رجل أمن، أن الاتفاقية الأخيرة بين مصر والأردن حلت كثيراً من المشكلات للعمال المصريين، فكان هناك شباب «يسرقون» ويهربون، وبالتالى كان الجميع يواجه مشكلات بسبب تلك الحوادث الفردية، لكن بعد الاتفاقية قلت تلك المشكلات، فصحح كثيرون أوضاعهم وأصبحوا يعملون بشكل رسمى وبأوراق قانونية سهلت حياتهم وتعاملاتهم، وطالب السفارة المصرية بمزيد من الانتباه للعمال فى الأردن، خاصة أن كثيرين منهم يذهبون للسفارة ويمضون أياماً وأحياناً شهوراً فى انتظار استكمال أوراقهم. وتمنى حسام تخفيض الرسوم التى تفرضها الوزارة على التصريحات ومتابعة مشكلات العاملين، واقترح تخصيص مكان يتوجه إليه المصريون العاطلون، خاصة أن سوق العمل فى الأردن تحتاج إليهم، وبالتالى سيكون بمقدور مثل تلك الجهة توجيههم إلى أصحاب الأعمال الذين يريدون أيدعاملة، خاصة فى مجال البناء، الذى يتطلب الكثير من العمال. وهنا تدخل أحد الشبان الأردنيين، رفض ذكر اسمه، وأكد حبه للمصريين من بين كل الجنسيات التى تعمل فى الأردن، موضحاً أن نظام الكفيل الذى تم تطبيقه مؤخراً يؤدى إلى تعرض المصريين لاستغلال أسوأ من دول الخليج، فعلى الأقل هناك الرواتب تكون مجزية. سيف أسعد، طالب فى الجامعة، أردنى، قال: إن مشكلة المصريين أنهم «بيرموا واطى» أى يتقبلون العمل فى أوضاع سيئة لا يرضى بها غيرهم، وأضاف قائلاً: «لما أحد يسب على مرة وسكت هايسب عليا تانى»، كما أن العيب الثانى فى المصريين -من وجهة نظره- هو أنهم «بيطلعوا على أكتاف بعض» ويعتقدون أن الأفضل منهم هو من يستمر فى العمل بغض النظر عن الطريقة. لكنه لم ينف أن جزءاً من المشكلة يقع على عاتق الأردنيين أيضاً، لأنهم بشكل أو آخر بداخلهم نوع من التعصب، أو كما يقول المثل المصرى «أنا وأخويا على ابن عمى وأنا وابن عمى على الغريب»، فالأردنى يقف مع الأردنى على فلسطينى الأصل وكلاهما يقفان سوياً ضد الجنسيات الأخرى، ولأن أغلب الجنسيات تأتى للبلاد للاستثمار فلا يمكن التسبب بمشكلات لهم لأنه فى هذه الحالة يكون إضراراً بمصلحة المملكة، لكن الوضع مختلف مع المصريين، فهم أيد عاملة رخيصة، ولا تتابعهم سفارة بلدهم باستمرار، ولذلك فهم الحلقة الأضعف. وقال منصور الخرابشة، الذى تعلم فى مصر، إنه يشعر بالأسف لما يحدث الآن، فحين كان يسافر الأردنيون إلى القاهرة سابقاً كانوا يتعلمون بالمجان مثلهم مثل المصريين، وحين يقارن حياته فى مصر سابقاً بمعاناة المصريين فى الأردن اليوم يشعر بالحرج الشديد، لأن المصرى الذى يسافر للمملكة «بيعمر ويشيد» ولا يتم التعامل معه بالاحترام الكافى ولو حتى من باب رد الجميل. وبالطبع لم تكن كل الآراء فى الأردن مؤيدة للعمالة المصرية، فهناك من يعتبرهم عبئاً على الدولة ومنافسين فى سوق العمل، ومن بين هؤلاء حسام الحمايدة الذى يرى أن الأوضاع فى الأردن كانت ستكون أفضل كثيراً بدون العمالة المصرية.