سألت إحدى السيدات الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، عن مدى جواز الجمع بين نية قضاء الأيام التى أفطرتها بعذر فى رمضان وبين صيام الستة أيام من شهر شوال، فقال: يجوز عند كثير من الفقهاء اندراج صوم النفل تحت صوم الفرض، وليس العكس، أى لا يجوز أن تندرج نية الفرض تحت نية النفل. وبناءً عليه يجوز للمرأة المسلمة أن تقضى ما فاتها من صوم رمضان فى شهر شوال، وبذلك تكتفى بصيام قضاء ما فاتها من رمضان عن صيام الأيام الستة ويحصل لها ثوابها لكون هذا الصيام قد وقع فى شهر شوال، وذلك قياساً على من دخل المسجد فصلى ركعتين قبل أن يجلس بنية صلاة الفرض أو سنة راتبة فيحصل له ثواب ركعتى تحية المسجد لكون هذه الصلاة أداها قبل أن يجلس. قال البجيرمى فى حاشيته: وتحصل بركعتين فأكثر بتسليمة (أى يحصل فضلها) ولو كان ذلك فرضاً أو نفلاً آخر سواء أنويت معه أم لا لخبر الشيخين: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين»، ولأن المقصود وجود صلاة قبل الجلوس وقد وجدت بذلك. وحول صيام الأيام البيض من كل شهر من الشهور القمرية قال جمعة: هذه الأيام هى الليالى التى يكتمل فيها جِرْم القمر ويكون بدرًا، وهى الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من وسط كل شهر عربي، سُمِّيَت بذلك لأن القمر يكون فيها فى كامل استدارته وبياضه؛ فالبياض هنا وصف للياليها لا لأيامها، وإنما وُصِفت الأيام بذلك مجازًا، وقد جاء تحديدُها بذلك فى الأحاديث النبوية الشريفة، منها: حديث جَرِيرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رضى الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «صِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صِيَامُ الدَّهْرِ، وَأَيَّامُ الْبِيضِ صَبِيحَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ». رواه النسائى وإسناده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر العسقلانى فى «فتح البارى». وأضاف: أمّا الأيام الستة من شهر شوال فهى تلك الأيام من شوال التى يُندَب صيامُها بعد شهر رمضان ويومِ الفطر؛ لقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ». رواه مسلم فى صحيحه من حديث أبى أيوب الأنصارى رضى الله عنه، لكن هذه الأيام لا تُعرَف بالأيام البيض فى الاصطلاح الفقهى ولا الشرعى، إلاَّ أنّ هذا الإطلاق الشائع بين الناس له وجهٌ صحيح من اللغة؛ فإنّ الغُرّة فى الأصل: بياضٌ فى جبهة الفرس، فيجوز تسمية البياض غُرّةً والغرة بياضًا على جهة المجاز بعلاقة الحاليّة والمحلية، وقد سَمَّى النبى صلى الله عليه وآله وسلم الأيام البيضَ بالغُرِّ، فقال: «إِنْ كُنْتَ صَائِمًا فَصُم الْغُرَّ» أَى الْبِيضَ.. رواه الإمام أحمد والنسائى وصححه ابن حبان، وسُمِّيَت ليالى أول الشهر غُرَرًا لمعنى الأوّليّة فيها، وقيل: لأوّليّة بياض هلالها، كما أن الغُرَّة هى البياض فى أول الفرس، ولعل فى تسميتها بالبيض إشارةً إلى استحباب صومها فى غُرَر شهر شوال بعد يوم الفطر مباشرة. والله سبحانه وتعالى أعلم