فرحت لتأجيل الدراسة لسبب غير كل الأسباب المعروفة، من كراهية التلاميذ والأهالى للعام الدراسى، لما يمثله من عبء وضغط على الجميع.. فكثيرا ما راودتنى فكرة وددت لو أطرحها على وزير التربية والتعليم والرأى العام، جاءتنى هذه الفكرة العام الماضى حينما تعرفت على إحدى قريباتى من الجيل الثانى من المهاجرين إلى أمريكا.. وبالسؤال عن أطفالها عرفت أن كبرى بناتها فى الصف الثالث الابتدائى، وأن الصغرى فى الصف الأول الابتدائى، ولكنهما لا تذهبان للمدرسة!! وقع الخبر على كالصاعقة فكثيرا ما سمعت عن نظام ال home schooling أو «التعليم المنزلى» الذى يتبعه البعض فى أمريكا لكننى لم أكن قد قابلت أحدا ممن اختار أن يعلم أبناءه بهذه الكيفية، خاصة بين المصريين.. أخذت أفكر فى العديد من الأسباب الوجيهة أيضا للعمل بهذا النظام فى مصر، فالأطفال لا يستمتعون بالمدرسة والتعليم يعتمد على الحشو والأنشطة شكلية هذا إن وجدت أصلا.. والمعلمون غير مدربون ولا يستمتعون هم أيضا بالتدريس ولا بالعملية التعليمية كلها.. والدروس الخصوصية منتشرة منذ السنوات الأولى للتعليم الابتدائى بين كل فئات الشعب حتى باتت دور العبادة أيضا توفر للناس مجموعات تقوية فى جميع المواد خاصة فى الشهادات العامة، هذا غير مراكز الدروس الخصوصية.. لم تعد المدرسة تبث أى قيم فى نفوس التلاميذ بل أصبحنا نسمع عن المعلم قاتل تلميذه والمعلم مغتصب تلميذاته، باختصار لقد ماتت المدرسة منذ زمن بعيد.هذا ما تمثله المدرسة من عبء على التلاميذ والأهالى فماذا يمثل التعليم من عبء على الحكومة؟.. أولا: هناك مشكلة الأبنية التعليمية، فعدد المدارس قليل مقارنة بأعداد الطلبة، هذا غير الكثافة المرتفعة للفصل الواحد.. ثانيا: هناك مشكلة قلة التجهيزات من معامل ومكتبات ومسرح مدرسى وملاعب رياضية وأفنية مدرسية وغيرها.. ثالثا: هناك مشكلة الكتاب المدرسى فكثيرا ما ينتهى العام الدراسى دون استلام التلاميذ كتبهم الدراسية.. رابعا: هناك ناتج العملية التعليمية الذى كثيرا ما يكون شخصا أميا أو جاهلا فى أحسن الأحوال ومواطنا سلبيا. فإذا كانت الحكومة الآن تقوم بتغريم أهالى المتسربين من التعليم فإننى أرى أن تلغى الحكومة هذا القانون وأن تقر نظام التعليم المنزلى لمن يرغب على أن تكون لهذا الأمر ضوابط مدروسة كامتحانات دورية بجانب امتحانات الشهادات العامة مثلا.. وقديما كان التعليم يتم فى كثير من الأحيان فى البيوت خاصة بين أبناء الطبقة العليا.. قد يرفع هذا الإجراء الكثير من العبء عن كاهل الأهالى والحكومة، وعلى رأى المثل الشعبى القائل «شيل ده من ده يرتاح ده عن ده». لعل الخوف الحالى من أنفلونزا الخنازير وانتظام الدراسة بالمدارس منعا لتفشى الوباء فرصة لإطلاق حرية الأهالى فى تعليم أبنائهم فى المنازل.. فإذا نجحت الفكرة يمكن تقنينها بعد ذلك!! فيفيان فايز مراد مدرسة لغة إنجليزية بالجامعة الأمريكية [email protected]