من الطرق العلاجية المعروفة فى علم النفس طريقة العلاج بالصدمة، حيث يحتاج المتلقى للعلاج إلى أن يصدم بقول أو بفعل حتى يفيق لتصرفاته ويتنبه لسلوكه، ومن ثم يعيد حساباته ويستعيد توازنه المفقود ليتحول من عثرته وكبوته إلى رشده وصوابه، وهذا الأسلوب من العلاج لا يتبع إلا مع المرضى الذين يعانون من اللامبالاة المفرطة، وعدم الاكتراث بما حولهم وبمن حولهم، ومن دواعى الأسف والحزن أن هذا الأسلوب من العلاج يكاد يكون هو الأسلوب الوحيد الذى يتبع فى علاج معظم مشكلاتنا وقضايانا، سواء كانت مشكلات خاصة أو قضايا عامة، فالغالبية العظمى من المسؤولين لا يقومون باستنفار الهمم وحشد وتعبئة الطاقات، إلا بعد وقوع الكارثة أو التعرض لأزمة من الأزمات، وتلك هى (الصدمة) التى فى العادة يتم على أثرها تشكيل اللجان بغرض الوصول إلى الأسباب الحقيقية وراء حدوثها، وفى نهاية الأمر تتمخض تلك اللجان عن توصيات واقتراحات تهدف إلى منع حدوث مثل هذه الكوارث مستقبلاً، وذلك لحين وقوع كارثة أخرى بسيناريو جديد وتفاصيل مختلفة، وهكذا أصبح الحال فى معظم قضايانا، وأستطيع القول بأنه من أهم الأسباب وراء معظم المشكلات والأزمات التى نعانى منها سواء كأفراد أو مؤسسات هو تلك الطريقة التى اعتدنا عليها (العلاج بالصدمة) بالإضافة إلى افتقادنا لثقافة (المعالجة الاستباقية للأحداث)، والمقصود بها تلك الإجراءات والمحاذير التى يجب أن تتخذ لمنع وقوع كارثة ما أو التعرض لأزمة من الأزمات وليس تركها للصدفة أو انتظاراً للصدمة! وبناء على تلك الإجراءات والترتيبات يمكن الحفاظ على الثروة البشرية والموارد المالية للبلاد، فمن المعروف والثابت علمياً أن الإنفاق على البرامج الوقائية بصفة عامة هو أقل تكلفة بكثير من تلك الأموال التى تنفق حال وقوع كارثة من الكوارث أو التعرض لأزمة من الأزمات، ومن ثم يمكن أن يوجه هذا الإنفاق إلى البرامج التنموية للارتقاء بمستوى معيشة الفرد والمجتمع على حد سواء، بعيداً عن انتظار الصدمات التى باتت هى الملجأ والملاذ الوحيد لتصحيح الأوضاع والقضاء على الأوجاع.