يعتقد البعض أن الضغوط التي مارستها فرنسا على ميشيل بلاتيني، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «يويفا» للتصويت لصالح قطر، من أجل الفوز بشرف تنظيم كأس العالم 2022، بدلًا من التصويت للولايات المتحدة، هو نتاج رشاوى أو مكافآت مادية تقدر بخمسة أو عشرة ملايين يورو، كما تردد وفق شائعات تم تداولها، لكن الحقيقة والواقع يؤكدان أن فرنسا دفعت «بلاتيني» للتصويت لصالح قطر خلال جلسة عقدها المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم، في 2 ديسمبر 2010. وأرجع الكثيرون قيام «بلاتيني» نجم فرنسا الأسطوري في السبعينيات من القرن الماضي، بمنح صوته لقطر ضد الولاياتالمتحدة في الجولة الأخيرة من التصويت، إلى وعود قطر بتعيين ابنه لوران بلاتيني، في منصب كبير مديري مؤسسة قطر للاستثمارات الرياضية فرع أوروبا، وهو ما حدث بالفعل في يناير 2012، لكن الواقع يؤكد أن فرنسا حصلت على فوائد مادية على المستوى القصير أكبر بكثير من تلك المصالح الضيقة، وهي الوصول بحجم الاستثمارات القطرية في فرنسا إلى أرقام قياسية. وكشفت إحصاءات بنك التسويات الدولي الذي يتخذ من بازل بسويسرا مقرًا له، أن الاستثمارات القطرية في فرنسا،ومعظمها في العقارات والشركات الخاضعة لمؤشر البورصة الفرنسية «كاك 40»، ارتفعت خلال عام 2012 إلى 10 مليارات دولار. وكان الرئيس الفرنسي اليميني السابق، نيكولا ساركوزي، قد بادر في عام 2008، بعد توليه مهام منصبه بعام واحد فقط، بمنح قطر أفضلية ضريبية، منحتها إعفاءات ضريبية على ممتلكاتها العقارية في فرنسا، بعد أن تبين له رغبة قطر الأكيدة في تدعيم الاقتصاد الفرنسي، من خلال زيادة حجم الاستثمارات القطرية. وكشفت مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية، عن أن ساركوزي عندما علم بمدى اهتمام قطر بالحصول على شرف تنظيم كأس العالم للعام 2022، مهما كان حجم التضحيات المالية، بادر بعقد اجتماع سري بقصر الإليزيه في 23 نوفمبر 2010، أي قبل تصويت «فيفا» لصالح قطر بأقل من شهر، ضم إلى جانب ساركوزي كلا من الأمير تميم بن حمد آل ثان، ولي عهد قطر، وميشيل بلاتيني، رئيس «يويفا» وسيباستيان بازان، ممثل مؤسسة كولوني كابيتال، التي كانت تمتلك آنذاك نادي باريس سان جيرمان الفرنسي. وقد تم خلال اللقاء، الذي عقد حول مائدة غداء، تناول ثلاثة موضوعات رئيسية هي زيادة رأس مال قطر القابضة في مجموعة لاجاردير الإعلامية الفرنسية للمساهمة في إخراج المجموعة من عثرتها المالية، ورفعت قطر بالفعل رأس مالها في المجموعة إلى 10% في مارس 2012، بعد أن حققت لاجاردير خسائر قدرها 921 مليون يورو، بالإضافة إلى تراجع قطر عن إنشاء قناة رياضية تستهدف منافسة قناة «قنال +» الفرنسية، وأخيرًا إتمام صفقة شراء نادي باريس سان جيرمان، الذي كان يعاني حينذاك من مشاكل مالية ضخمة، وقامت قطر بالفعل بشراء النادي بنحو 50 مليون يورو في يونيو 2011. وقد أسفرت «المنح» القطرية عن إخراج نادي العاصمة الفرنسي من عثرته المالية، لدرجة أنه تمكن من تدعيم صفوفه بصفقات مدوية على رأسها صفقة المهاجم السويدي العملاق زلاتان إبراهيموفيتش ب«20 مليون يورو، وراتب 15 مليون يورو»، ولاعب خط الوسط المهاجم لمنتخب البرازيل للشباب لوكاس ب«45 مليون يورو». ومن المقرر أن توقع شركة قطر للسياحة «قطر توريزم أوثوريتي»، عقد رعاية مع نادي باريس سان جيرمان الشهر المقبل، بقيمة 150 مليون يورو عن السنوات الأربع المقبلة. وقد أثمر شراء القطريين لنادي باريس سان جيرمان عن نتائج إيحابية سريعة فاحتل النادي قمة الدوري الفرنسي لهذا الموسم، منفردًا بأكثر من 5 نقاط عن نادي ليون الذي يليه في الترتيب. أما ميشيل بلاتيني فقد دافع عن نفسه في مواجهة ما تردد عن تنفيذ أوامر ساركوزي بالتصويت لقطر قائلًا: «لقد أعطيت صوتي لصالح قطر باستقلالية تامة لأن المنطقة التي تقع فيها قطر لم تنل من قبل شرف تنظيم كأس العالم، وليس لأن الرئيس ساركوزي طلب مني ذلك».
