توفى فى رام الله يوم 30 يوليو المخرج السينمائى الفلسطينى مصطفى أبوعلى، وفقدت السينما الفلسطينية أحد روادها الكبار، وفقدت شخصياً أحد أصدقاء العمر الذى التقيت معه لأول مرة فى مهرجان دمشق لسينما الشباب عام 1972، وكان لقاؤنا الأخير فى مهرجان الإسماعيلية الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة عام 2003 عندما كرمه المهرجان، وعرض ثلاثة من أفلامه. ولد مصطفى أبوعلى فى القدس عام 1940، وعاش مع أسرته فى المنفى بالأردن بعد هزيمة العرب فى حرب 1948 وإنشاء إسرائيل على الأراضى الفلسطينية، وبعد أن انتهى من دراسته الثانوية فى العاصمة الأردنية عمان، التحق بالجامعة الأمريكية فى بيروت لمدة سنة، ثم بدأ دراسة العمارة فى جامعة «بيركلى» فى الولاياتالمتحدة لمدة ثلاث سنوات، ولكنه لم يُتم غير دراسة السينما فى مدرسة لندن، التى تخرج فيها عام 1967، وعاد إلى عمان حيث عمل فى التليفزيون الأردنى عام 1968، وأخرج أول أفلامه «الحق الفلسطينى» (8 دقائق). كان على مصطفى أبوعلى أن يحارب على جبهتين: ضد العدو الصهيونى عبر انتمائه إلى حركة «فتح» ومنظمة التحرير الفلسطينية التى تضم كل فصائل المقاومة، وضد من يعتبرون إنتاج الأفلام فى «فتح» «ترفاً» لا يجوز أن تخصص له الأموال ولو كانت قليلة، وكانت أغلب الأفلام عن قضية فلسطين منذ 1948 لمخرجين غير فلسطينيين، وكانت كلها من إنتاج مؤسسات غير فلسطينية. وفى عام 1969 فى بيروت استطاع أن ينتصر على الجبهتين بإنشاء وحدة أفلام فلسطين (مؤسسة السينما الفلسطينية)، وأصبح هناك لأول مرة إنتاج سينمائى فلسطينى لمخرج فلسطينى من الأفلام التسجيلية يعرض فى المهرجانات الدولية، ويواجه أفلام الحركة الصهيونية التى أدركت أهمية السينما منذ اختراعها، وقبل إنشاء إسرائيل. ومن أهم أفلام مصطفى أبوعلى، وكلها تسجيلية قصيرة، «لا للحل السلمى» (15 دقيقة) 1969، و«بالروح بالدم» (35 دقيقة) 1970، و«العرقوب» (25 دقيقة) 1971، و«عدوان صهيونى» (22 دقيقة) 1972، و«مشاهد من الاحتلال فى غزة» (13 دقيقة) 1973، و«ليس لهم وجود» (24 دقيقة) 1974، و«على طريق النصر» (15 دقيقة) 1975. وقد تم إنتاج هذه الأفلام فى بيروت. واستقر السينمائى الفلسطينى الرائد مع زوجته المخرجة خديجة أبوعلى وابنهما «عمار» فى عمان منذ عام 1984، وعاد إلى رام الله فى الأراضى الفلسطينية المحررة عام 1996. وطوال ما يقرب من عقدين كان مصطفى يحلم بإخراج «المتشائل» كفيلم روائى عن رواية «إميل حبيبى» الكلاسيكية المعروفة، وتوفى محبطاً، أو متشائلاً على حد تعبير الكاتب العظيم. [email protected]