يا نقيب الأطباء.. لا تتنازل عن بلاغك

تفاءلنا خيراً عندما قدم نقيب الأطباء بلاغاً ضد القنوات الفضائية الدينية التى تتاجر بآلام الناس وأمراض الغلابة فى بيزنس رخيص اسمه «الطب البديل» يقدمه كل من هبّ ودبّ بداية من مدرس الألعاب حتى خريجة السياسة والاقتصاد، كل منهم يخترع أدوية ويقدم وصفات علاجية وينتحل صفة طبيب، يحصدون المليارات من تجارة الخرافة وبيزنس الدجل، ولكن - للأسف - وصلتنى أنباء مؤكدة عن محاولات ضغط من واحد من كبار ملاك هذه القنوات على النقابة للتنازل عن البلاغ، تشاركه الطبيبة المزيفة التى تقدم نفسها على أنها خبيرة تجميل وهى تعالج وتقدم علاجات، بل تصنع أدوية فى مصنع أغلقته وزارة الصحة..
أقنعت هذه الطبيبة المزيفة سيادة النقيب بأنها تقدم نفسها وتروج لبضاعتها على أنها كوافير، وتستخدم اسم أحد أقاربها من كبار الأطباء للضغط على النقيب لمجاملتها، وأنا أعرف مدى حرص نقيب الأطباء على مصلحة الطبيب والمريض أيضاً، ولا أريد أن يقال فى يوم من الأيام إن النقيب تنازل عن البلاغ مجاملة أو تجنباً لوجع الدماغ. النقيب يمثل الأطباء ولا يمثل نفسه، وليس من حقه أو حق أى فرد فى مجلس النقابة أن يتنازل عن حقنا فى غلق هذه القنوات ومنعها من جريمة القتل على الهواء، وليس من حقه أن يضحى بقيمة التعويضات التى نطالب بها كأطباء، الذين أتمنى منهم أن يذهبوا إلى النقابة ويتضامنوا فى طلب هذه التعويضات.
مافيا القنوات الفضائية التى تتاجر بالدين وتبيع الدجل الطبى فى منتهى القوة، ولكن الحق أقوى من هذه المافيا، ولا يغرنك يا نقيبنا العزيز ذقون أصحاب هذه القنوات أو كلماتهم المعسولة.. لا يغرنك وصف «الطب النبوى» أو تعبير «الطب البديل» أو «طب الأعشاب»، أنت رجل تعلمت الطب القائم على الدليل، وحاربت كثيراً من أجل ترسيخ هذا المفهوم، وتعلمت وعلمت المنهج العلمى فى التفكير، فلابد أن تُخرس يا سيادة النقيب ألسنة من يتهمك بمجاملة التيار الإخوانجى على حساب العلم، هذا التيار الذى يضعف أمام كلمات وتعابير مطاطة مثل «الطب النبوى»، الذى هو فى الحقيقة الطب الذى مورس فى عصر النبى ولابد ألا ينسب إلى النبى ما لم يدَّعِه النبى نفسه، لابد ألا تتنازل عن هذا البلاغ لأن هناك من يقول إنها توازنات ومجاملات انتخابية، ويدعون أن النقيب لا يريد أن يغامر بقطع خيوط الود مع أى فرد وبالذات أصحاب القنوات الفضائية، ومعذرة إذا قلت لك إننى كطبيب من حقى - وأعتقد أنك تؤيدنى - أن أرفع على نقابتى قضية إذا فرطت فى حقى وفى حق زملائى حين تتنازل عن بلاغها ضد هذه القنوات، واستثناء أفراد لصالح أفراد أو مجاملة لأقارب أو أصدقاء.
النقابة تستقطع منى ومن زملائى أموالاً للدفاع عن مصالحنا، وإذا فرطت فى هذه المصالح فهى تفرط فينا، وأعتقد أن د. حمدى السيد، الذى تعلمنا منه أصول الطب والعلم، لن يغامر بسمعته المهنية وبمستقبلنا الطبى وبمستقبل عقل هذا الوطن.
info@khaledmontaser.com