العمل «عن بعد»

بعد وصول نسبة البطالة بين الشباب المصريين إلى 10% من القوة العاملة، بحسب الإحصاءات الرسمية، وبعد أن أصبح الحصول على عمل ثابت بمرتب يفى بأبسط الاحتياجات حلماً صعب المنال، انتشرت مؤخرا على الإنترنت والمواقع الإلكترونية المختلفة ظاهرة جديدة على مجتمع العامل فى مصر، يمكن تلخيصها بجملة «اشتغل.. وأنت فى البيت».
الفكرة بدأت فى مصر منذ حوالى خمس سنوات، عندما توصل العديد من الشركات المصرية إلى أنها لا تحتاج كل هذا العدد من الموظفين يوميا، فظهر الحل البديل الذى يتبعه العديد من الدول الأوروبية وهو العمل من المنزل والمقابلة مرة كل شهر - مثلا - للتباحث فى أوضاع العمل وحجم الإنجاز.
أميرة أبوشوشة «21 عاما» لها تجارب فى هذا المجال، فأسرتها تمتلك شركة تسويق إلكترونى، وبالشركة عشرات الموظفين الذين تتعامل معهم بنظام «العمل عن بعد». وعن تجربتها، تقول أميرة: «وجدنا أن الشركة التى افتتحناها ازدحمت بالموظفين، ولم يعد هناك مكان لموظفين آخرين، بينما لازلنا نحتاج إلى كم أكبر من العمال».
فقررت الشركة الاستعانة بالشباب الموهوبين، وأضافت: «يتم إنجاز العمل كاملا من خلال الإنترنت، حيث يمكن أن تتقابل الشركة مع موظفيها عن بعد يوميا على شبكة الإنترنت، ولا يتم اللقاء المباشر وجها لوجه سوى مرة كل 15 يوما».
المرتبات التى يحصل عليها العاملون عن بعد – كما تقول - تختلف من شخص لآخر، ولكن فى الغالب يكون المبلغ غير محدد بشكل ثابت، على حسب العمل الذى تم إنجازه، حيث تتعامل الشركات مع الموظف عن بعد بنظام ال Task، أى «المهمة» التى تكلفه الشركة بها، ولكل مهمة ثمنها.
«أميرة» تؤكد أن معظم العاملين عن بعد من طلبة الجامعات الذين لا يسمح وقتهم بالتواجد الدائم، وأيضا من السيدات والفتيات، حيث تناسب هذه الطريقة من العمل المرأة المتزوجة أو التى لديها أبناء.
أحمد مجدى «20 عاما»، طالب بكلية الهندسة، يعمل «ديزاينر» أو مصمم بشركة تصميم وتطوير مواقع الإنترنت، ويرى أن التجربة أفادته بشكل كبير، خاصة أنه حتى الآن لم ينته من دراسته، يقول: «منذ صغرى وأنا مهتم بمجال الكمبيوتر والإنترنت، وعلمت نفسى بنفسى من خلال الدخول إلى المواقع الإلكترونية، وعندما بدأت أتخصص فى هذا المجال من خلال دراستى فكرت فى أن أجرب نفسى فى عمل حتى أعرف إمكانياتى وأطورها».
«مجدى» استطاع من خلال البحث على الإنترنت أن يعمل فى كبرى الشركات العالمية والمصرية وهو يجلس فى بيته، ويتابع: «حاولت فى إجازة الصيف الماضى أن أعمل بشكل ثابت فى إحدى الشركات، ولكننى وجدت الأمر غير مجد من ناحية الخبرة وأيضا من النواحى المادية، واستطعت من خلال العمل «أون لاين» أن أجنى أموالا أكثر من تلك التى أحصل عليها من العمل الكلاسيكى الثابت».
دنيا السيد، 25 عاما، تخرجت فى كلية التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة، عملت بأحد المكاتب الهندسية، وحققت تفوقا ملحوظا، لكن ظروف زواجها اضطرتها إلى السفر مع زوجها إلى السعودية التى يعمل بها، ونظرا لتمسك مدير عملها بها، قرر أن تستمر فى العمل وهى فى منزلها بالسعودية وأن يتم الاتصال يوميا من خلال شبكة الإنترنت.
«دنيا» وجدت فى عرض المدير فرصة لا تعوض. وتؤكد أن هذا العرض يتناسب تماما مع ظروفها الجديدة، لأنه لا يسمح للمرأة فى السعودية سوى بالعمل فى التدريس أو الطب. «مرتبى أصبح أقل بعد أن أصبح العمل من البيت، ولكن هذا لا يمثل لى مشكلة، فأى مرتب أحصل عليه أفضل من الجلوس فى البيت «دون شغلة أو مشغلة» وأنسى كل ما تعلمته».
أما ريم أحمد، 19 عاما، الطالبة بكلية آداب قسم لغة إنجليزية، فأرادت أن تستفيد من إتقانها للغة فى عمل مفيد، فبحثت فى الإنترنت، ووجدت العديد من المكاتب التى تطلب مترجمين عن بعد، فقدمت بالفعل ونجحت فى الالتحاق بأحد مكاتب الترجمة . المشكلة الوحيدة التى تقابلها «ريم» هى نظرة المجتمع المصرى لهذا الأسلوب من العمل، حيث لا يصدق الكثيرون أنها تعمل.