طالب الكاتب يوسف القعيد الرئيس مبارك بأن يعود إلى عقد اللقاء السنوى مع المثقفين، خاصة بعد اتهامه لهم بالتقصير فى أحداث نجع حمادى، وأكد عدم حدوث تدخلات فى إعداد البرنامج الثقافى للمعرض، وإن تم التركيز على أن يبتعد المعرض عن مناقشة السياسة والدين. القعيد قال فى حواره ل«المصرى اليوم» إن معرض سمير سرحان كان مظاهرة سياسية، لكن خلفاءه ركزوا على الثقافة والأدب، مطالبا بعمل استبيان لمعرفة لمن يقرأ المصريون فى الوقت الحالى لأن الكتاب منذ الستينيات يكتبون للمجهول. ■ أنت أحد أعضاء اللجنة المسؤولة عن وضع البرنامج الثقافى لمعرض الكتاب، فما أهم محاور هذا البرنامج، ومتى بدأ الإعداد له؟ - نجن نجتمع منذ اليوم الأخير للمعرض الماضى، بدأنا اجتماعاتنا مع الرئيس السابق للهيئة الدكتور ناصر الأنصارى رحمه الله، وعملنا معه لمدة عام كامل، وإعداد البرنامج الثقافى هو عمل مؤسسى قديم لا يمكن إنجازه فى ساعتين، وأنا واحد من مجموعة كبيرة تضم الأنصارى وبعده الدكتور صابر عرب، والدكتور عماد أبوغازى والدكتور أحمد مجاهد وحلمى النمنم، وسيد أبوشادى، والمحاور الرئيسية التى كانت فى ذهننا عند بدء الإعداد للمعرض كانت تتمحور حول الوباء «أنفلونزا الطيور وأنفلونزا الخنازير» ومحاور أخرى عن الأزمة العالمية، والوضع الثقافى الراهن فى مصر، انفجار الرواية وهل هو نوع من الازدهار الحقيقى، أم مجرد شىء عابر، وحفلات توقيع الكتب هل هى ظاهرة اجتماعية أم لها بعد ثقافى، ومعدلات توزيع الكتب وذلك فى محاولة لتلمس واقع الثقافة المصرية. ■ وأنت تتحدث عن واقع الثقافة المصرية هل لديك اقتراحات للكشف عن هذا الواقع وتلمسه كما قلت؟ - لدى اقتراح قدمته منذ سنوات وفى كل مرة كان يتم الاعتذار عنه، وهو أننى أرى أن المعرض فرصة نادرة لعمل استبيان رأى لزواره عن الكتب والمؤلفين الذين يحبون القراءة لهم وما الذى لا يحبون قراءته، وما الذى يتمنون أن يجدوه فى الكتب، وسبق أن عرضت الأمر على الدكتور سمير سرحان، لكنه قال إن تنفيذ الفكرة يحتاج إلى 5 ملايين جنيه حتى تخرج بشكل علمى، والأنصارى حاول تنفيذها منذ عامين فى مكتبة الأسرة من خلال توزيع استبيان داخل كتب المكتبة، لكنه أمام ضراوة الإجابات لم يرغب فى نشر النتائج حتى لا يخسر أو يغضب أحد من الكتاب والمثقفين، وأنا أرى أن المعرض فرصة نادرة لذلك، لأن آخر محاولة من هذا النوع تمت فى الستينيات عبر مؤسسة اسمها «أراك» أسسها هيكل فى دار المعارف عندما كانت جزءا من الأهرام، وعملت دراسة جميلة عمن يقرأ الروايات الآن، وقالت إن قراء الروايات هم الممرضات وأساتذة المرحلة الابتدائية وسكان الأرياف والشباب، وكان رئيس الوزراء السابق الدكتور عاطف عبيد مسؤولا عن هذه المؤسسة، وعمل فيها الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الحالى فى بداية حياته، لكننا منذ تلك الفترة نكتب للمجهول، ولا نعرف من يقرأ ومن لا يقرأ ومن يقدم على قراءة الأدب، وأتمنى أن يتم الاستجابة لاقتراحى، من خلال استمارة توزع عند دخول المعرض وتسلم عند الخروج منه يقول فيها الشخص رأيه فى مؤلفى الكتاب المصرى ومضمونه والواقع الثقافى المصرى ودور مصر تجاه العرب وهل تخلت عنه أم لا، حتى إن بلغت التكلفة 5 ملايين جنيه، وأتمنى أن تساهم إحدى الصحف فى هذا الأمر لأن المعرض يزوره 5 أو 6 ملايين شخص سنويا، وهى عينة مهمة من جماهير الكتاب المصرى والعالمى. ■ لكن ربما تؤدى ضراوة النتائج إلى عدم نشرها كما حدث مع الأنصارى؟ - هذا ممكن لأن العلم مزعج دائما، لأنه أعمى مثل القضاء ليس لديه مجاملات، لكن أمام الفوضى الموجودة فى الثقافة المصرية، وفوضى النشر، وحالة العبث التى نعيشها، نحن نحتاج إلى ذلك، إلى أن نعرف أين يذهب الكتاب، خاصة أن القضايا التى نراهن عليها من أيام محمد عبده فى أواخر القرن ال19 مازالت مطروحة وفى حاجة إلى حسم، والناس تطرح أسئلة الآن تمت الإجابة عنها من قبل، وكأننا أمة بلا ذاكرة، وأنا دائما أتساءل من قرأ كل هذا الإنتاج الثقافى، ولماذا لا يشكل إضافة حقيقية للناس ويجعلهم أفضل، أنا مشغول بفكرة هل يشترى كل من يذهب للمعرض الكتب وهل من يشترى الكتب يقرأها، 5 ملايين زائر هو رقم قليل مقارنة بعدد السكان، ولا يشترى كلهم الكتب ومن يشتريها ريما لا يقرأها، ورغم تردد الشباب على المكتبات، حتى فى محطات البنزين فأنا لا أستطيع أن أقول إن هناك صحوة، أو اهتماما بالكتاب، لكن أعتقد أن الوضع القديم لم يعد كما هو، وفى نفس الوقت فإن تأثير جماعة المثقفين فى الناس تراجع، وأذكر أننى ذهبت مرة إلى أحد محطات البنزين فوجدت مكتبة بها نوعية مختلفة من الكتب قالوا إنها ما يقبل عليه الشباب الآن، وهى من نوعية الكتب صغيرة الحجم، تتضمن الأدب الساخر الجديد. ■ وهل ترى أن معرض القاهرة للكتاب فرصة لتحقيق الصحوة الثقافية، رغم أنه تحول إلى نزهة لدى البعض؟ - أنا أرى أن أى مواطن يركب القطار من بلده ويأتى المعرض حتى إن كان للنزهة، هو شىء جيد، وأتمنى ألا يتم فصل معرض الأطفال عن الكبار، لأن طلبات الطفل مجابة، وكلامه لا يرد، ومن الممكن أن يجذب عائلته للكتاب. ■ خلال إعدادكم للبرنامج الثقافى، هل حدثت تدخلات لمنع مناقشة موضوعات معينة؟ - لم يتدخل أحد إطلاقا، لكن المعرض تطور، فمعرض سمير سرحان كان مظاهرة سياسية، أما الأنصارى وصابر عرب فطلبوا أن يكون المعرض مناسبة ثقافية بالدرجة الأولى دون مناظرات سياسية أو دينية. ■ هم لم يتدخلوا فى التفاصيل، لكنهم حددوا الإطار العام للبرنامج الثقافى؟ - نعم وضعوا الفكرة العامة، بأن يكون المعرض ثقافياً حضارياً فكرياً فنياً أدبياً، لكننى أميل لصيغة سرحان، لأنه لا يمكن أن تأتى بشخص وتقول له تم تأميمك ارمى السياسة على باب المعرض، لأن السياسة جزء من مكوناته، خاصة فى الزخم السياسى الحالى. ■ فى كل معرض نسمع عن مصادرة مجموعة من الكتب، فما تعليقك على ذلك؟ - هيئة الكتاب غير مسؤولة عن ذلك، بل الجمارك، والرقابة، والأمن، ومن بلاوى مصر أن الرقابة تتبع وزارة الإعلام وليس الثقافة، وفاروق حسنى وزير الثقافة لا يجرؤ أن يقول لهم لماذا منعتم هذا الكتاب، هناك تداخل فى الاختصاصات، لكن المعرض من المفروض أن يكون «هايد بارك»، أرض محررة، قطعة من الحرية، وأنا ضد مصادرة أى كتاب تحت أى بند، والجهة التى تعترض على كتاب يكفيها أن تصدر بيانا ضده بدلا من أن تمنعه، أحلم ألا نجد مصادرات هذا العام تحت المسميات الثلاثة سياسية جنس ودين، لأن اسم مصر وتاريخها وحضارتها أكبر من كل الموجودين الآن. ■ كانت هناك لجنة للإعداد للبرنامج الثقافى لكن وزير الثقافة شكل مؤخراً لجنة أخرى فلماذا؟ - اللجنة التى شكلها الوزير اجتمعت مرة واحدة واعتمدت ما أقرته لجنة الإعداد الأولى، وأنا فوجئت بلجنة الوزير، وقالوا لى إنها بروتوكولية، فاعتبرتها نوعاً من لخبطة مصر العادية مثل أى مكان. ■ اعتاد الرئيس مبارك عقد لقاء فكرى مع المثقفين، لكن منذ سنوات تم إلغاء هذا اللقاء، فما تعليقك على ذلك؟ - اللقاء الفكرى مع الرئيس كان مهماً جداً وعقد مرة فى المعرض ومرة خارجه فى مكتبة القاهرة، وأنا قلت للرئيس لماذا لا تعقده فى المعرض؟ فالمثقفون يحموك، لكن وزير الثقافة شرح لى بعد ذلك سبب عدم عقد اللقاء، ويمكن أن تسالوه عن السبب، وأعتقد أن الرئيس الآن فى أمس الحاجة إلى عقد مثل هذا اللقاء ليسمع من المثقفين خاصة أنه انتقدهم مرتين مؤخرا واتهمهم بالتقصير، مما أدى إلى حادث نجع حمادى، اللقاء ضرورى، لأنه إذا لم يسمع الرئيس للمثقفين فلمن يستمع.