حافلات حكومية تدخل إلى السويداء لإجلاء المصابين والمحتجزين من داخل المدينة    "جلسة ريبيرو وفقرات متنوعة".. 15 صورة لأبرز لقطات مران الأهلي الجماعي أمس    "بعد الانتقال للبنك الأهلي".. ماذا قدم مصطفى شلبي مع الزمالك قبل رحيله؟    قراصنة يُهاجمون وكالات أمريكية بسبب ثغرة أمنية في برنامج مايكروسوفت    أول بيان من المطربة أنغام حول حقيقة إصابتها بسرطان الثدي وتفاصيل حالتها الصحية    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: هناك علماء مصريين متواجدين في كل دول العالم    إنفوجراف| حصيلة 650 يوما من الحرب الإسرائيلية في غزة.. «أرقام الشهداء والجرحى»    واشنطن بوست: قراصنة يشنون هجوما على وكالات حكومية وجامعات أمريكية    مستقبل وطن يدعم مرشحيه بمؤتمر جماهيري في مركز كفر البطيخ بدمياط    «الرقابة النووية» تُنهي جولتها التوعوية من أسوان لتعزيز الوعي المجتمعي    رياضة ½ الليل| «فلسطيني» جديد بالأهلي.. حلم اللعب للزمالك.. رحيل شلبي للبنك.. ورسالة الشناوي    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 21 يوليو 2025    جريمة داخل عش الزوجية.. حبس المتهمة بقتل زوجها بالقليوبية    اليوم| محاكمة المتهمين في قضية فض اعتصام رابعة    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: مشروع الهوية البصرية تعزيز للانتماء وتأصيل للقيم المصرية    وفاة امرأة تبلغ 82 عاما في إيطاليا نتيجة إصابتها بعدوى فيروس غرب النيل    بين الهلال وليفربول، الكشف عن مصير إيزاك    "تموين الدقهلية" يحرر 196 مخالفة في 48 ساعة (صور)    طريقة عمل الحجازية في خطوات بسيطة وأحلى من الجاهزة    بالأصفر الساطع وتحت شمس البحر المتوسط... ياسمين رحمي تخطف الأنظار بإطلالة صيفية تبهر متابعيها على إنستجرام    غزة تنزف: مجازر متواصلة وجوع قاتل وسط تعثر مفاوضات الدوحة    أهم حاجة يكون عنده ثقة في نفسه.. آمال ماهر تكشف مواصفات فتى أحلامها وتُلمّح للزواج (فيديو)    ما أهمية عودة الحكومة السودانية إلى العاصمة من جديد؟    متحدث الوزراء: جاهزون لتعيين وزير بيئة جديد في التوقيت المناسب    تقديم 40476 خدمة طبية وعلاجية بحملة "100 يوم صحة" في الإسماعيلية    "يريد أكثر من مبابي".. سبب تعقد مفاوضات تجديد فينيسيوس وخطوة ريال مدريد القادمة    أسامة عرابي: الطريقة التي تعامل بها وسام أبو علي مع الأهلي خارج نطاق الاحترافية    «عيب وانت بتعمل كدة لأغراض شخصية».. خالد الغندور يفاجئ أحمد شوبير برسائل نارية    أمل عمار تشارك في إطلاق مشروع "مكافحة الجرائم الإلكترونية ضد النساء والفتيات"    بعد مد فترة التقديم لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية العامة.. «اَخر موعد للتقديم»    رئيس "الحرية المصري": رجال الأمن خط الدفاع الأول في مواجهة التطرف والمخططات الإرهابية    برئاسة ماجي الحلواني.. "الوطنية للإعلام" تعلن تشكيل لجنة لرصد ومتابعة انتخابات الشيوخ    إصابة 3 سيدات من أسرة واحدة في انقلاب سيارة ملاكي أمام قرية سياحية بطريق العلمين    "شباب النواب" تثمن الضربات الاستباقية لوزارة الداخلية في دحر البؤر الإرهابية    بداية الموجة الحارة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحيطة والحذر»    التليجراف: وزير الدفاع البريطانى سيعلن حملة مدتها 50 يوما لتسليح أوكرانيا    السفارة الأمريكية فى سوريا تدعو رعاياها للمغادرة برًا إلى الأردن    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. سعر الذهب اليوم الإثنين 21 يوليو 2025 بالصاغة    أسعار المانجو والخوخ والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 21 يوليو 2025    لا تأخذ كل شيء على محمل الجد.. حظ برج القوس اليوم 21 يوليو    نادية رشاد: أتمتع بحالة صحية جيدة.. وقلة أعمالي الفنية لضعف مضمونها    شقيقة أحمد حلمي عن منى زكي: "بسكوتة في طريقتها ورقيقة جدا"    دعاء في جوف الليل: اللهم أجرني برحمتك واجبر بلطفك كسر قلبي    فيديو- عالم بالأوقاف يوضح حكم إقامة الأفراح وهل تتعارض مع الشرع    ما هو مقدار سكوت الإمام عقب قراءة الفاتحة في الصلاة؟.. الإفتاء توضح    نشرة منتصف الليل| خطوات حجز شقق الإسكان.. وخسائر قناة السويس خلال العامين الماضيين    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 21 يوليو 2025    عبد الكريم مصطفى يشارك فى مران الإسماعيلى بعد التعافى من الإصابة    تخلص من الألم من غير حرمان.. أهم الأطعمة المريحة لمرضى القولون العصبي    لأطول مدة ممكنة.. أفضل طريقة لتخزين المانجو في الفريزر    رسائل إلى الأسقف.. أوراق تكشف هموم الأقباط قبل 1400 عام    مفوض عام (أونروا): التقاعس عن إدخال المساعدات إلى غزة "تواطؤ"    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    السيطرة على حريق محدود بجوار مزلقان الرحمانية قبلي بنجع حمادي    Golden View Developments تطلق مشروع "TO-GTHER".. رؤية جديدة للاستثمار العقاري المدعوم بشراكات عالمية    مبعوث أمريكي: متفائلون بإمكانية التوصل إلى صفقة بين إسرائيل و"حماس"    أمين الفتوى: التقديم على شقق محدودي الدخل بغير وجه حق «حرام شرعاً»    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى يفيد العلم؟

كثر الكلام خلال الأسابيع الأخيرة عن إعجاز فريق مصر الكروى، وأيضاً عن المقارنة بين الفوز الكروى والفشل الكلى- أى العلمى والإدارى والسياسى والاقتصادى...إلخ- فلم يلاحظ الكثير من المعلقين أن الإنجاز الكروى الأخير لا يختلف كثيرا عن «إنجازاتنا» الأخرى. فبدون التقليل من نجاح فريق شحاتة، فانتصاراته جاءت فى إطار كأس أفريقيا وليس فى كأس العالم.
فى الواقع فإن الأوضاع عندنا، فى معظم مجالات الحياة وليس فقط فى كرة القدم، تعتبر أفضل من مثيلتها فى الدول الأفريقية الأخرى. ولنأخذ مثلا مجال تكنولوجيا المعلومات. حسب تقرير مجموعة «ستراتيجى أناليتكس» الاستشارية لسنة 2008، نجد أن مصر تتفوق على كل الدول الأفريقية فى مجال انتشار الإنترنت السريع، لكنها مع ذلك تأتى فى المرتبة الخامسة والخمسين عالميا.
 كذلك تتصدر جامعة القاهرة الجامعات الأفريقية من حيث تواجدها على الإنترنت، لكننا نعرف كلنا ترتيبها العلمى العالمى. رغم ذلك، فإن جامعات مصر تعتبر من بين أفضل جامعات أفريقيا (إذا استثنينا بعض جامعات جنوب أفريقيا). ونفس هذا الكلام يمكن تعميمه ليشمل مجالات أخرى، اقتصادية وتكنولوجية وتنموية، وفيما يتعلق بالبنية الأساسية.
المفارقة تكمن إذن فى أننا عندما نتكلم عن اللحاق بالتطور العلمى العالمى، نتكلم ضمنيا عن العالم خارج أفريقيا، خصوصا عندما تهل علينا زيارات الدكتور زويل من السنة للسنة، عندما يذكرنا هذا العالم العظيم، الذى أنتج العلم على أعلى مستوى عالمى، بأوجه القصور الفجة الموجودة فى مصر، مقارنة بالعالم الذى يعرفه.
وأنا أعرف عن ماذا بالضبط يتكلم زويل، فكان لى شرف العمل من قبل- حتى ولو كان ذلك لمدة وجيزة نسبيا وفى وظيفة باحث ملتحق وليس أستاذ كرسى!- فى نفس المكان الذى يعمل فيه (مؤسسة كاليفورنيا للتكنولوجيا، أو «كالتيك»). مع ذلك، فإن الاعتقاد الذى تبلور لدى خلال الثلاث سنوات الاخيرة (التى قضيتها فى مصر)، هو أن المشكلة الأساسية عندنا ليست بالدرجة الأولى مشكلة علمية، ولا حتى سياسية أو إدارية، إنما هى مشكلة فكرية وتصورية تنعكس تداعياتها بالسلب على هذه المجالات بطريقة مخيفة... ماذا أعنى بذلك؟
إننا فى مصر نريد اقتناء منتجات العالم الحديث دون التطرق لتقنيات التفكير المرتبطة بهذا الإنتاج، نريد العلم والتكنولوجيا لكننا نتشبث بأفكار لا تتماشى مع تصور ملائم للعالم المعاصر الناتج عنها، فنطلب الحداثة ثم ننظر للعالم من خلال أيديولوجيات رجعية، متصلبة وشمولية، عفى عليها الزمن. ففى مجال الفكر السياسى، على سبيل المثال، نرى البعض ينادى بالحرية والديمقراطية، ثم نجده فى نفس الوقت يترحم على نعيم أقتم عصور القمع والديكتاتورية فى الستينيات؛ ونجد من يطالب بالتعددية السياسية ثم يتشبث بنظريات قومية قبائلية رافضة للتعددية الثقافية والفكرية، ويعتقد أن فى ذلك نوعاً من الوطنية أو العروبة،
 رغم أن الحقيقة هى أن تلك النظريات من نتاج العقل الأوروبى فى القرن التاسع عشر، ثم نجد من يتمسك بنظريات فيلسوف وعالم اقتصاد من القرن التاسع عشر هو الآخر، ثم يعتقد بذلك أنه «تقدمى»، رغم أنه لم يحاول حتى مجاراة التيارات الاشتراكية المعاصرة.. على العكس، فهو يعمل على مزج الاشتراكية بالفكر القومى، لينتج عنهما فى النهاية فكر شبه فاشيستى- فالحزب النازى لم يكن اسمة الثلاثى «الحزب القومى الاشتراكى» بالصدفة.
ثم أخيرا، وليس آخرا، نجد من يتمنى أن تكون مصر دولة متقدمة بين الدول الحديثة ثم يرجع ويترحم على «قوة العرب» خلال عصور الإسلام الأولى، وكأنه لا يعرف أن قوة العرب الحضارية الحقيقية لم تتبلور فعلا إلا فى عصور الإسلام الذهبية فيما بعد، أو أن مقومات القوة لا يمكن أن تظل ثابتة خلال كل تلك القرون.. فى العصور القديمة كان من الممكن للدول المتقدمة فكريا وثقافيا واجتماعيا أن تنهزم وتنهار أمام دول أقل منها، ذلك ما حدث مثلا لأثينا أمام اسبرطة فى سنة 405 قبل الميلاد.
 لكن الأوضاع قد تغيرت منذ أن ارتبط الفكر المجرد بالعلوم الأساسية والتطور التكنولوجى.. مع ذلك، نجد فى مصر نخباً مسيطرة تتشبث بالتقدم التكنولوجى والمعلوماتى ولكنها تتبنى فى الوقت نفسه خطاباً سياسياً شعبوياً، يزايد على مثيله الأصولى، القائم على قراءات رجعية متعنتة للنص الدينى، وتفسيرات تعوق إحساس الفرد بالاستقلال والحرية الفكرية والفعلية وتخنق عمليات التجديد والإبداع وتمحو أى أمل لبناء مجتمع معاصر يستضيف حركة فكرية فعالة.
الخلاصة أن المجتمعات الأكثر نجاحا فى العصر الحديث هى تلك التى بدأت بنظرة تتناسب مع الواقع المعاصر، فتبنت التعددية والانفتاح الفكرى والثقافى والاجتماعى واحترمت استقلال وآدمية الفرد ولم تضح بتلك الأشياء فى سبيل أيديولوجيات أو أحلام شمولية، علمانية كانت أم دينية، فمكنت الفرد من أن ينتج وأن يبدع وأن يشارك فى بناء وتقدم المجتمع.. فى غياب ذلك، لا قيمة حقيقية فى النهاية لأعظم الإنجازات الرياضية أو حتى العلمية.
 ومثال الكتلة الشرقية السابقة يؤكد ذلك، فدول تلك الكتلة طالما تصدرت جداول الميداليات فى الأوليمبيات، وكان فيها تقدم علمى على مستوى عال جدا فى بعض المجالات، ومع ذلك كان مصيرها الانهيار..
 فالعلم يفيد فقط عندما يكون هناك مناخ فكرى وسياق اجتماعى يستطيع الاستفادة منه. وفى هذا المجال تتفوق عنا حاليا حتى الكثير من الدول الأفريقية، لذلك قد نجدها تسبقنا فى مجالات أخرى فى المستقبل المنظور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.