تعاقدت هيئة السلع التموينية على استيراد 120 ألف طن من القمح الفرنسى بسعر 312 دولاراً للطن، على أن يتم توريد هذه الكميات اعتباراً من 10 إلى 25 سبتمبر المقبل طبقاً لمناقصة عقدتها أمس الأول. وقال نعمانى نصر نعمانى، نائب رئيس هيئة السلع التموينية إن الهيئة تلقت 11 عرضاً لتوريد الكميات المطلوبة وتم اختيار عرضين فقط منها بناء على المواصفات الفنية لجودة القمح وطبقاً للمواصفات القياسية المصرية.. وكانت أفضل العروض والأسعار تلك التى قدمتها شركة إنفيفو. وكشف مسؤول بارز فى هيئة السلع التموينية عن تلقى الهيئة كميات توريد تصل إلى مليون طن فى هذه المناقصة على غرار المناقصة السابقة، غير أنه تم الاكتفاء بطلب 120 ألف طن لعدم إرسال إشارة للسوق العالمية بوجود طلب كبير من مصر على القمح. يأتى ذلك فى الوقت الذى أكد فيه الرئيس الروسى ديمترى ميدفيديف خلال اجتماع فى تاغنروغ، أمس، أن موجة الحر والجفاف أتلفت حوالى ربع محاصيل الحبوب هذه السنة فى روسيا. وأضاف ميدفيديف فى الاجتماع الذى عقد فى منطقة روستوف الزراعية: «نحن فى وضع صعب جداً لأن حوالى ربع محاصيل الحبوب فى البلاد أتلف، وعدد كبير من المزارع بات قريباً من الإفلاس». كانت روسيا فرضت فى السادس من أغسطس الجارى حظراً على صادرات الحبوب حتى نهاية العام الجارى لمواجهة واحدة من أسوأ موجات الجفاف وسوء الأحوال الجوية فى البلاد مما رفع من أسعار القمح إلى مستويات قياسية. من جانبه، قال رئيس اتحاد المتعاملين المحليين فى الحبوب بأوكرانيا إن حكومة بلاده تبحث خفض الكمية الإجمالية المصدرة من القمح والشعير إلى خمسة ملايين طن فى الموسم التسويقى الحالى. وقال فولوديمير كليمنكو رئيس اتحاد المتعاملين فى الحبوب لصحفيين: «طبقاً للمعلومات المتوافرة لدينا، فإن الحكومة تعتزم فرض حصة على القمح والشعير». يأتى ذلك فى الوقت الذى توقعت فيه وكالة «رويترز» أن يشكل ارتفاع أسعار الحبوب بسبب موجة جفاف وحرائق فى روسيا ضغوطاً على الشعوب التى تكابد بالفعل تداعيات الأزمة المالية، وقد يذكى الاضطرابات خصوصا فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأجزاء من أوروبا. ارتفعت أسعار القمح حوالى 70٪ منذ يونيو بعدما اجتاحت روسيا أسوأ موجة جفاف فى 130 عاما لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ 2008 حينما أشعل الصعود الكبير السابق لأسعار الغذاء شرارة احتجاجات وأعمال شغب فى عدة اقتصادات ناشئة، مما دفع محللين للتحذير من احتمال تزايد خطر اندلاع أعمال العنف فى الشوارع إذا ظلت الأسعار مرتفعة. وقال جوناثان وود، محلل الشؤون العالمية بمؤسسة كنترول ريسكس: «يمكن أن نشهد بعض أعمال الشغب فى الشوارع لكننى لا أتوقع سقوط أى حكومات». وتعتبر دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خاصة مصر معرضة بشدة للتأثر بذلك كما هو الحال فى بعض الدول الصاعدة ودول جنوب أوروبا، حيث تشعر الشعوب بالاستياء بالفعل بسبب تخفيضات كبيرة فى الإنفاق العام والإعانات الحكومية والأجور. وقالت ميتسا رحيمى، المحللة فى شركة جانوزيان للاستشارات الأمنية: «واردات الحبوب لها حساسية خاصة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يعتبر الخبز عنصراً أساسياً فى النظام الغذائى.. منطقة شرق أوروبا أيضاً بها مخاطر واضحة». وقال أليستر نيوتن، المحلل السياسى فى نامورا: «المخاطر تتفاقم دائماً فى الدول حيث توجد أعداد كبيرة من الفقراء فى الحضر وحيث تشكل المواد الغذائية أكثر من 60٪ من سلة مؤشر مشتريات المستهلكين». وأضاف قائلاً: «أكبر الدول المرشحة لاحتمال حدوث اضطرابات من وجهة نظرى هى مصر، حيث توجد توترات كبيرة بالفعل مع اقتراب الانتخابات والمخاوف بشأن خلافة (الرئيس حسنى مبارك)». ولفت إلى أن «مصر لها تاريخ طويل من أعمال الشغب لأسباب تتعلق بالغذاء لكن تخمينى هو أن التأثير الرئيسى سيكون على العجز فى الميزانية مع ارتفاع تكلفة الدعم». ودائماً ما كانت لأسعار المواد الغذائية والدعم دلالات سياسية فى مصر، التى تجرى الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وحدثت مشاحنات متفرقة أثناء توزيع تبرعات غذائية فى الأسابيع الأخيرة، وساد شعور بالسخط لارتفاع أسعار المواد الغذائية قبيل شهر رمضان، لكن ذلك لم يفض إلى تكرار الاحتجاجات التى شهدتها البلاد على نطاق واسع فى 2008. وواجهت الحكومة تلك الاحتجاجات قبل نحو عامين بحملة أمنية ثم تعهدت بزيادة الأجور.