عاقبت محكمة جنح المعادى، أمس، على عويس «18 سنة»، مراكبى المعادى، المتهم بالتسبب -عن طريق الخطأ - فى غرق 9 فتيات وإصابة 3 آخريات، بالحبس لمدة 10 سنوات مع الشغل والنفاذ، وعاقبت شقيقه بالحبس 6 أشهر وكفالة ألف جنيه لاتهامه بعدم تجديد الرخصة فى ميعادها المحدد، وتركيب محرك دون استئذان الجهات المختصة، كما قضت بوقف المركب المنكوب إدارياً فى أقرب مرسى، صدر الحكم برئاسة المستشار وليد محمد منتصر وحضور أحمد حزين، وكيل النيابة. وشهدت المحكمة أحداثاً ساخنة، حيث حضر المتهم من محبسه فى الثامنة والنصف صباحاً يرتدى ملابس السجن البيضاء وحليق الشعر، وكان فى انتظاره عدد كبير من أقاربه وأهالى الضحايا، واستقبل الطرفان الحكم بالحزن، ووقف والد الضحية «روزفين» - إحدى المفقودات فى النيل- لرؤية المتهم لحظة صدور الحكم، ووقف على الباب، ينظر إلى المتهم من بعيد وأغرقت دموعه وجهه مرددا «دم ابنتى فى رقبتك»، رغم أن القاضى عاقبه بأقصى عقوبة، بينما وقف أهل المتهم خارج المحكمة، يلوحون له عند ركوبه سيارة الترحيلات قائلين إن الحكم قوى وقاس وإنه كانيجب معاقبة المشرفات لأنهن أصررن على ركوب الفتيات المركب لتوفير قيمة الأجرة، وقال دفاعه عقب صدور الحكم إن المتهم لم يرتكب خطأ جسيماً مثلما وقع فى عبارة «السلام 98» ورغم ذلك تمت معاقبته بأقصى عقوبة. بدأت الجلسة فى التاسعة صباحاً ولم تستمر سوى 5 دقائق، نطق خلالها القاضى الحكم، وتم إبلاغ المتهم به داخل الحجز واستقبله بكل هدوء، وتم ترحيله وسط حراسة أمنية مشددة بإشراف اللواء حامد عبدالله، مدير أمن حلوان، والمقدم ياسر زعتر، قائد حرس المحكمة إلى السجن. وحضر والد الضحية روزفين رفعت، وكان متلهفاً لرؤية المتهم، وبعد النطق بالحكم وقف على باب المحكمة ينظر إليه وعيناه تذرفان الدموع، وصمت لحظات وقال: ترددت الأقاويل أن ابنتى وزميلتها دميانة - المفقودتين فى النيل- تم انتشالهما عقب وقوع الحادث على أحد المراكب. وطلب من وسائل الإعلام الموجودة عرض صورتيهما مرة أخرى على أمل العثور عليهما. وقالت هبة حسن على، ابنةعم المتهم، إنها كانت موجودة يوم الحادث وفوجئت بحضور الضحايا وبصحبتهن 3 مشرفات، وطلبن التنزه فى النيل وأصررن على ركوب الضحايا، وأبلغهن بأن الحمولة الزائدة ستؤثر على المركب، إلا أنهن أصررن على الركوب بمبلغ 15 جنيهاً رغم أن الفرد ب2 جنيه وأخبرهن أنه فى حالة حدوث مكروه سيتحملن المسؤولية. وقالت المحكمة فى حيثياتها إنها اطمأنت لما ورد اليها من أوراق ومستندات تدين المتهمين ووضح ذلك من تقرير الملاحة النهرية، إن حمولة المركب لا تتجاوز 6 أشخاص بالمراكبى، وأنه لا يصلح للاستعمال، ورخصته منتهية من العام الماضى، مشيرا إلى أن المراكبى كان يقف فى المكان الخطأ، وغير مرخص له بالوقوف فى الحدائق، بالإضافة إلى عدم وجود أطواق للنجاة، وهو ما يعد مخالفاً لقوانين الملاحة. وطالبت النيابة بتوقيع أقصى عقوبة على المتهم الأول. واعتراف المتهم فى تحقيقات النيابة، بحضور الضحايا وبصحبتهن المشرفات وطلبهن استقلال المركب للتنزه فى النيل، فأخبرهن بأن مدة التنزه 20 دقيقة، وأضاف: «استقلت فتيات لا أعلم عددهن المركب، وظللن فى وصلة مزاح وتجمعن فى أحد الجوانب، الأمر الذى تسبب فى غرقه». وهذا دليل أن المتهم أخطأ عندما سمح بركوب 20 فتاة رغم أن حمولة المركب لا تتجاوز 6 أشخاص. وأشارت الحيثيات إلى أن القانون خول للمحكمة السلطان فى تقدير العقوبة والأخذ فى الاعتبار ظروف وملابسات الجريمة. وإن المحكمة قدرت ثمن حياة المجنى عليهن وهن فتيات فى مقتبل العمر، وثبت فى يقينها أن المتهم ارتكب أخطاء جسيمة فى حق الضحايا وعاقبته بالسجن 10 سنوات عن إجمالى التهم المنسوبة إليه لاتهامه بقتل 9 فتيات وإصابة 3 آخريات والسير بمركب دون ترخيص وعدم الإبلاغ عن غرق المركب، ونقل عدد من الركاب يزيد على العدد المصرح به وعدم توافر وسائل الإنقاذ بالمركب. وأضافت الحيثيات أن المحكمة لم تجد فى ضميرها مسوغا يحول بينها وبين إنزال أقصى عقوبة بالمتهم، لتكون تلك العقوبة رادعة لمن تسول له نفسه الاستهانة بأرواح البشر طمعاً فى كسب سريع أو لإهمال وتقصير حيث ثبت من الأوراق أن المتهم ارتكب تهمتى القتل والإصابة الخطأ واطمأنت المحكمة لتوافر الخطأ المسبب للوفاة وإصابة المجنى عليهن، وثبت ذلك من أقوال المصابات وأقوال محمد أحمد كمال، مهندس، مدير إدارة الملاحة الداخلية بحلوان، رئيس اللجنة المشكلة بقرار النيابة العامة، وكذلك معاينة النيابة وتقرير إدارة الملاحة الداخلية وشهادة الرائد طه فرج خاطر، رئيس مباحث المعادى، وتحقيقات النيابة، وأن المتهم أصر على تحميل المركب وتجاوز الحمولة المسموح بها ووصلت إلى 20 فتاة وأكدوا تسرب المياه داخل المركب وعدم وجود وسائل إنقاذ وأن المتهم لاذ بالفرار ولم يقدم المساعدة عند غرق المركب. وأضافت الحيثيات أن حالة المركب سيئة وغير صالح للعمل ولا يصلح للإبحار، وأن المتهم أضاف محركاً للمركب بغير ترخيص مما أثر بالسلب على حمولته، كما أن التقارير الطبية للضحايا أكدت أن أجسادهن خالية من ثمة إصابات خارجية وأن سبب الوفاة يرجع إلى الغرق، وثبت من التقارير الطبية للمصابات تعرضهن لالتهابات بالرئة ناتجة عن تعرضهن لاسفكسيا الخنق، وأن هذا سند اتهام صحيح للمتهم وهو ما لا تخفف معه العقوبة على المتهم رغم قوله إن الخطأ يتضمن مشرفات الرحلة وشرطة المسطحات المائية والإنقاذ النهرى. وأن هذه الواقعة تعد خطأ جسيماً وصل إلى نتيجة إجرامية. وقالت المحكمة إن المادة 32 من قانون العقوبات نصت على أنه إذا وقعت عدة جرائم بغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، واستقرت أحكام محكمتنا العليا على أن تطبيق هذه المادة ترجع إلى محكمة الموضوع. وأوضحت الحيثيات أن المتهم الثانى يمتلك المركب المنكوب دون تجديد التراخيص الخاصة به، ولم يوفر أدوات الإنقاذ والسلامة للركاب، وهذا واضح من تحقيقات النيابة وتقرير هيئة الملاحة النهرية وأيضاً وضع المتهم محركاً دون الحصول على ترخيص له من الهيئة العامة للنقل النهرى، ولم يوفر الاشتراطات الخاصة بمعدات النجاة وتقرير اللجنة المنتدبة ومطالعتها لترخيص المركب المنكوب، الأمر الذى قضت معه بمعاقبة المتهم عن إجمالى الاتهامات الموجهه إليه بالحبس 6 أشهر وكفالة ألف جنيه بناء على المادة 32 من قانون العقوبات وأيضاً على أن يوقف المركب المنكوب إدارياً فى أقرب مرسى.