صدر حديثا عن دار العين كتاب «أمريكا والتدخل فى شؤون الدول: مرحلة ما بعد الحرب الباردة» تأليف صفاء خليفة وتقديم الدكتور عمرو الشوبكى الذى قال فى مقدمته إنه غطى جانبا مهما فى سياسة الولاياتالمتحدة الخارجية وهو التدخل العسكرى فى شؤون الدول من خلال استعراض وقائع دخول الولاياتالمتحدة حرب الخليج الثانية والصومال والبوسنة وأفغانستان والعراق، التى غطتها الكاتبة بصورة مفصلة ودقيقة وبصياغات واضحة وأنيقة. وهدف الكتاب، وهو فى الأصل دراسة نالت بها مؤلفته درجة الماجستير، الإجابة عن مدى التغيير الذى لحق بسياسة الولاياتالمتحدة بصدد مبدأ عدم التدخل خلال فترة ما بعد انتهاء الحرب الباردة، وأكد أن تدخلها فى الشؤون الداخلية للدول أدى إلى الإخلال بالسلم والامن الدوليين وهدد سيادة بعض الدول واستقلالها، فالعلاقات الخارجية بين الدول نشأت على أساس احترام السيادة لكل منها، وأن مفهوم التدخل الإنسانى من المفاهيم التى تحتاج إلى ضبط وتحديد حتى يكون التدخل الإنسانى معلوماً بقواعد قانونية واضحة تبعده عن دوافع السياسة وتفوت الفرصة لاستغلاله فى الشؤون الداخلية للدول، مؤكداً أن التدخل لإعادة الديمقراطية لا يتفق مع قواعد الشرعية الدولية، وأن الولاياتالمتحدةالأمريكية بصفتها موجهاً لقرارات الأممالمتحدة_ بعد انفرادها بقيادة علاقات القوى الدولية_ تحاول تغيير القواعد القانونية التى تحكم التنظيم الدولى المعاصر من خلال انتهاكها هذه القواعد بغرض إحداث سوابق يؤدى تكرارها إلى تجاهلها. والكتاب ضم فصلين رئيسيين، وخلص إلى نتيجة أساسية تمثلت كما كتبت الباحثة أن لكل عصر نموذجه الخاص للقوة، وأمريكا كانت هى نموذج هذا العصر بعد أن انفردت فى عصر القوة أحادى القطبية، فأدارت السياسة العالمية بالقوة، وأصبحت مطلقة اليدين فى التدخل عمليا بأى مكان وزمان تختارهما، حتى إن تدخلها فى العديد من الأزمات الدولية خلال عقد التسعينيات، كان وفقا لمبررات الاعتبارات الإنسانية أو إعادة الديمقراطية، التى اتضح أنها تفتقد أبسط المقومات التى تتسق وقواعد الشرعية الدولية، فالتدخل الإنسانى فيه مخالفة صريحة لنص المادتين (2/4، 2/7) من ميثاق الأممالمتحدة، الذى لا يجيز أو يوجب التدخل العسكرى من أجل حماية حقوق الإنسان أو إعادة الديمقراطية، حتى عندما حصلت الولاياتالمتحدة على موافقة مجلس الأمن على ضرب كوسوفو باسم الإنسانية الذى لم تكن له مشروعية قانونية، رغم قيامها بإنشاء قاعدة قانونية عرفية دولية فى محاولة منها لكسب مشروعية.