هذا هو أحد العناوين الخادعة التى قد توحى للقارئ بما لا يخطر أبدا ببالى.. فلست أقصد العار بمقاييسنا الكروية المعتادة والدائمة.. فأوروبا لم تشعر بالعار لأن منتخباتها بدأت تتساقط يوما بعد آخر فى المونديال الأفريقى.. إيطاليا ليست حزينة لمجرد أن منتخبها حامل اللقب خرج من الدور الأول للمونديال.. وفرنسا لم تشعر بالعار فقط لخروج الديوك من الدور الأول.. فليس هذا هو المنهج الأوروبى فى تقييم كرة القدم ونتائجها.. وإنما تشعر أوروبا الآن بالعار الكروى لأسباب ودواع أخرى.. كل دولة أوروبية ولها عارها الكروى الخاص بها.. العارالفرنسى سببه سلوك اللاعبين الذين كسروا كل القواعد الأخلاقية وأهدروا كل قيم الانتماء للوطن.. وفى بلد يعشق أن يصفه العالم بوطن الحريات واحترام ثقافات الجميع وحقوقهم.. كان مهينا جدا أن يصل الفرنسيين إنذار من الفيفا بتجميد النشاط الدولى للكرة الفرنسية إن لم يتوقف الرئيس ساركوزى عن التدخل فى شؤون اتحاد الكرة فى بلاده وأن يكف عن عقد الاجتماعات الرئاسية والوزارية لبحث الأزمات المتتالية للمنتخب الفرنسى مما يراه الفيفا تدخلا حكوميا لا يمكن قبوله أو السكوت عنه.. ولا يواجه الرئيس ساركوزى هذه الأزمة وحدها.. إنما بدأ يواجه موقفا أشد وطأة.. فالمتطرفون واليمينيون بدأوا بقيادة رئيس الوزراء السابق دوفيلبان والوزيرة برجيت جيراردان حملة ضخمة ضد ساركوزى بهدف منافسته فى الانتخابات الرئاسية المقبلة.. والمشكلة الآن أن ساركوزى خسر أصوات المتعصبين الرافضين سياسته بفتح أبواب فرنسا للمهاجرين.. ثم خسر قبل هذا المونديال أصوات العرب والمسلمين بعد قرار غير معلن بعدم الاستعانة بأى لاعب فرنسى من أصل عربى فى المنتخب الذى سافر إلى جنوب أفريقيا.. وهكذا أصبح عار فرنسا الكروى هو سوء أخلاق نجوم وإهدار قيم الانتماء لوطن واستغلال الكرة لمصالح سياسية ضيقة وإذلال من الفيفا لم يكن هناك فرنسى واحد يتوقعه أو يتخيله.. أما العار الإيطالى فكان قضايا فساد الاتحاد التى لا أول لها ولا آخر.. وفى مناخ كهذا بات من الممكن أن يتهم حزب الشمال الانفصالى حكومة روما رسميا بمحاولة رشوة لاعبى سلوفاكيا ليسمحوا بفوز إيطاليا وعدم خروجها من الدور الأول.. وعلى الرغم من اعتذار نائب رئيس الوزراء أومبرتو يوسى عن مثل هذا الاتهام لاحقا.. فإن الصورة العامة باتت مزعجة بهتت فيها الألوان والتفاصيل واستشرى القبح ودواعى الكراهية والغضب.. وفى ألمانيا.. صارالألمان المحافظون يسخرون من النشيد القومى الألمانى الداعى لأن تبقى ألمانيا فوق الجميع.. بينما شعارمنتخب الألمان فى المونديال الأفريقى أصبح ألمانيا وطن للجميع بعدما باتت ألمانيا تمنح جنسيتها لكل لاعب كرة وبعدما أصبح نجوم كثيرون فى المنتخب ليسوا من هؤلاء الألمان الذين هم فوق الجميع.. وقد كانت صورة النجم الكبير.. تركى الأصل.. مسعود أوزال.. وهو يرفض كل مرة ترديد النشيد الألمانى لأنه لا يخصه ويفضل بدلا من ذلك قراءة آيات من القرآن الكريم.. بالتأكيد تسعد وترضى كل المسلمين لكنها لم تسعد ألمانا كثيرين.. ومن هولندا إلى إنجلترا إلى سويسرا إلى إسبانيا.. بات واضحا أن الكرة الأوروبية لا تعيش أزهى عصورها.. مهزومة فى ملاعب المونديال، ومتهمة بالتلاعب السياسى والاقتصادى باللعبة، ومفضوحة بالاستنزاف الكروى لكل الشعوب الفقيرة سواء لاتينيا أو أفريقيا.. إنه حقا زمن الهوان الكروى لكل أوروبا. [email protected]