دوماً مانستقبل الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم بما يزيدها إنتشاراً إلى الحد الذي قد يكون أكثر فعالية من مصدر الإساءة نفسه، فتكون النتيجة أن الأغلبية من المسلمين تقع في ردود أفعال ما هي إلا مساهمة منهم ودعماً وترويجاً لتلك الإساءة وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً!! قس على ذلك الإساءات التي يقوم بها الملحدون تجاه الذات الإلهية أو القرآن الكريم عبر مقطع فيديو تافه على الإنترنت أو صورة أو رسم مسئ للنبي أو القرآن.. وكما لو أن الفاعل ما عليه سوى أن يرسم أو يكتب وعلى المسلمين أنفسهم الترويج " لحقارته " ظناً منهم أن ذلك نصرة لله وللرسول!! كنت قد قمت منذ ثلاثة أعوام بالتحدث عبر مقطع فيديو بسيط عن كيفية التعامل مع الصور والرسوم المسيئة للذات الإلهية أو النبي أو القرآن أو الإسلام عموماً، وقلت أن خير ما تفعله هو أن تجعل تلك الإساءة تقف عندك وألا تقم بإعادة نشرها نهائياً، لأنه في الأخير ذاك الشخص المغمور الذي صور أو رسم أو كتب لن يلتفت لسبابك له، بل يزداد فرحاً وسعادة كلما وجد فعلته إنتشرت عند ملايين المسلمين في أيام أو ربما ساعات قليلة، بما يخدم رسالته التي أراد أن يوجهها مستفيداً من إثارة غضب المسلمين تارة وإستغلال ردود أفعال البعض منهم التي قد تكون أكثر إساءة وتشويهاً للدين!! وهنا أتساءل معك عزيزي القارئ .. ماذا لو لم يقم هؤلاء الأشخاص بتلك الهجمة على صحيفة شارلي إبدوا؟ .. ما كنا سمعنا عن هذه الجريدة ولا رسومها والتي بدورها إستغلت الحدث وأصبحت تحقق رقماً قياسياً في تاريخ الصحافة في نسبة البيع. وبالمناسبة لست مع رد فعل هؤلاء الأشخاص المتطرفين الذين أساءوا للإسلام أكثر من إساءة تلك الصحيفة ولكني في نفس الوقت ضد كل من بالغوا في مواساتهم ليحجوا إلى فرنسا وسفاراتها عبر مختلف البلدان العربية لتقديم التعازي بل والمشاركة في مسيرة تضامنية مع الصحيفة وقتلاها، أمثال هؤلاء هم من جعلوا الغرب يعتقد أن المسلمين أو العرب بلا كرامة ، فإذا ما قتلوا أطفالنا ونسائنا وشيوخنا وقفوا موقف الجبان الذي يرى إمرأة تُغتصب أمام عينيه ولا يحرك له ساكناً ، وإذا ما قُتل لهم شخص واحد تهافت البعض منا ليقدموا لهم التعازي " إنه العار يا سادة". قبل أن تلوموا " شارلي إبدو " ، وجهوا اللوم لهؤلاء الجبناء منزوعي الشرف والكرامة الذين صوروا للغرب أننا بلا كرامة ، ولا أنكر على البعض محاولاتهم لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم ولكن ماذا بعد ؟! .. وهل ردود أفعالنا جعلت كل مسئ للنبي يندم على فعلته ويرى أنها كانت مكسباً للإسلام والمسلمين وليست مكسباً له؟! إنما نصرة الله ودينه ونبيه صلى الله عليه وسلم لا تتأتى إلا بالأفعال لا بالأقوال ، فإذا ما كانت ردود أفعالنا تجاه كل إساءة هي أفعال حقيقية لنصرة الإسلام نبدأ بها من أنفسنا لنكون عباداً صالحين ممتثلين لأوامر الله ورسوله في شتى مناحي الحياة ، كان ذلك بمثابة الفوز الذي لا يتمناه أي حاقد أن يتحقق للإسلام نتيجة صورة ورسومة المسيئة ومن ثم التوقف عنها!! في النهاية تلك الإساءات لن تطال رسولنا الحبيب كما جاء في قول الله تعالى " إنا كفيناك المستهزئين" ولكن من المؤسف أن نجعل تلك الإساءة تمر كسابقاتها ويظل المسلمون على حالهم يقولون ويفعلون ما يغضب الله ورسوله إلا من رحم ربي، ولا أزكي نفسي على أحد فأنا أول الخطائين. من العدد المطبوع من العدد المطبوع