تتواصل المعلومات التي تقوم أجهزة الامن التركية بتجميعها عن تفاصيل العملية الإرهابية التي وقعت أمس الاول وأسفرت عن مقتل وإصابة نحو 20 شخصا، إذ اتضح لجهات التحقيق في الحادث أن الارهابيين الذين قتلوا أثناء تفجير السيارة بالقرب من مبنى مديرية أمن بلدة "بنارباشى" التابعة لمحافظة "قيصري" وسط الاناضول وصلوا من سوريا مع متفجراتهم المحمولة بأكياس على اكتافهم إلى تركيا. وتشير التحريات المتوافرة من أجهزة الامن والشرطة التركية، والتي تداولتها وسائل الاعلام التركية اليوم الأحد، بأنه كان بانتظار الارهابيين قرب المنطقة الحدودية في محافظة "أورفة" زملاؤهم من أعضاء منظمة حزب العمال الكردستاني، وتوصلت قوات الامن لهذه المعلومات بعد إلقاء القبض على شخصين في مدينة "غازي عنتب" جنوب البلاد اللذين اشتريا لزملائهما القادمين من سوريا سيارة بوثائق رسمية مزورة وقد جرى القبض على هذين الشخصين أمس. وأشار وزير الداخلية ادريس نعيم شاهين في تصريح له نقلته الفضائيات التركية اليوم الاحد إلى بأن أعداد المعتقلين المتورطين بالحادث ارتفعت إلى أربعة أشخاص بعد أن كانا اثنين، مضيفا بأن للحادث أبعاد خارج البلاد، في إشارة إلى سوريا، إضافة إلى مجموعة تعاونهم من داخل تركيا. وأضاف الوزير شاهين أن التحقيقات مستمرة بالحادث من جميع الجوانب، مؤكدًا أن المؤسسات الحكومية هي هدف المنظمة الارهابية في هذا الحادث. في سياق متصل، أعلنت منظمة حزب العمال الكردستاني في بيانها الخطي المنشور على أحد مواقعها الالكترونية عن مسئوليتها عن حادث الانفجار أمام مبنى مديرية أمن بلدة بنارباشي، مؤكدا أن قوات الدفاع الشعبي "الجناح المسلح للمنظمة" هو الذي نفذ العملية. وأكد المحللون السياسيون أن السبب الرئيسي لتصاعد العمليات الارهابية وعمليات الاختطاف مجددا في مدن جنوب شرق تركيا وانتقالها للمدن الكبيرة وسط تركيا المنفذة من قبل أعضاء منظمة حزب العمال الكردستاني هي لإرغام الحكومة التركية على الجلوس إلى طاولة المفاوضات للتوصل لحل المشكلة الكردية بعد انقطاع مرحلة المفاوضات، إضافة إلى محاولة التوصل لإدرج حقوقهم وطلباتهم في الدستور الجديد الذي يعكف الخبراء والسياسيون على صياغته حاليًا. ويرى المحللون أن تصاعد حدة الارهاب مجددًا هو بمثابة رسالة واضحة للحكومة التركية مفادها "ستتحملون المسئولية والاعباء المالية بحال عدم جلوسكم إلى طاولة المفاوضات"، وأكد المحللون أنه مقابل ذلك تشير جميع المعلومات الواردة من مصادر مقربة لحكومة العدالة والتنمية بأن رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان لا يمكن أن يقدم أي تنازل بهذا الشأن وأن أراءه وموقفه تجاه الموضوع مستمرة مثل السابق. وكان أردوغان قد أكد أمس "السبت" أن بعض الدول تشعر بعدم الارتياح إزاء قرب التوصل لحل لمشكلة الارهاب، وأن هذه الدول، بالاضافة إلى تجار السلاح ، الذين تستغلهم منظمة حزب العمال الكردستاني الارهابية كأداة، غير مرتاحين لأن مشكلة حزب العمال على وشك أن تحل في تركيا. وقال أردوغان في كلمة له أمام مؤتمر لحزبه العدالة أمس إن الحكومة لن تتراجع خطوة واحدة للوراء عن موقفها الثابت في إزالة شأفة الارهاب في البلاد. وكان الحادث قد أسفر عن مقتل شرطي وإصابة 18 آخرين بينهم شرطي وأطفال لضابط شرطة، وستة من المصابين حالتهم خطيرة، كما قتل بالحادث الارهابيين الثلاثة في السيارة المفخخة. واعتقلت قوات الأمن التركية أمس السبت، شخصين في محافظة "غازي عنتب" باعا السيارة المستخدمة في تنفيذ العملية الارهابية للارهابيين الثلاثة الذين نفذوا العملية، فيما تواصل جهات التحقيق في مديرية أمن أنقرة تحرياتها في العملية الارهابية ولا سيما بعدما توصلت فرق الامن إلى أنها كانت تستهدف العاصمة أنقرة وليس محافظة قيصري. وأكد الرئيس التركي عبد الله جول أن تركيا ستواصل توسيع معاييرها الديمقراطية على عكس العديد من الدول الاخرى في تعاملها مع ملف الارهاب، معربا في حديث خاص لتليفزيون "تي أر تي" الاخباري التركية عقب وقوع الحادث عن أسفه العميق لوقوع عمليات إرهابية في جو تسوده حرية التعبير، وقال "لو لم تكن كل هذه الدماء وأعمال العنف على جدول أعمالنا ، لكنا في وضع مختلف".