يعيش الكثير من شباب "الإيمو" في العراق في رعب حقيقي بعد سقوط قتلى منهم وظهور منشورات تهدد ب"سحق رؤوسهم" وسط اتهامات لهم ب "المثلية" و"عبادة الشيطان"، وهو ما ينفيه هؤلاء، الذين يقولون إن الأمر ليس أكثر من مجرد موضة. وامتداداً لمسلسل موجات العنف في العراق منذ 2003 وحتى اليوم، انبثقت في البلاد حلقة عنف جديدة لكنها بعيدة عن السيارات الملغمة والقنابل والرصاص، إذ عاش مراحلها هذه المرة الشباب المراهق ممن ينتمون إلى ظاهرة ما يعرف ب"الايمو". استهداف هؤلاء الشباب آثار مخاوف عدة بين أوساطهم فضلاً عن تداعيات سياسية واجتماعية أخرى. وبحسب إحصائيات تناقلتها العديد من وسائل الإعلام الدولية والمحلية ومواقع التواصل الاجتماعي فإن عدد ضحايا شباب "الايمو" قد فاق ال 70 قتيلاً في العاصمة بغداد خلال الأيام القليلة الماضية. هؤلاء الشباب تتراوح أعمارهم بين (14-20 عاماً)، والذين قضوا عن طريق الرجم وتهشيم الرأس حتى الموت بواسطة الحجارة. وطالبت العديد من المنظمات العراقية والدولية الناشطة في مجال حقوق الإنسان، الحكومة العراقية بضرورة إيقاف حملات التصفية الجسدية التي تقوم بها بعض الجماعات المتشددة ضد "الايمو" في العراق. التليفزيون الالمانى التقى احد شباب الايمو العراقي ويدعى "محمد الحلو"، وهو اسم مستعار وكانت أول كلماته بعد أن تحقق اللقاء: "يسحقون رؤوسنا بالطابوق"الطوب"ويقتلوننا بوحشية دون أي ذنب"، مبيناً انه والعشرات من اقرانه قد تواروا عن الأنظار "خوفاً على حياتهم". الحلو فر من أيدي الجماعات "المتشددة" كما وصفهم، من منطقة سكنية الواقعة شمالي بغداد إلى بيت أقاربه في منطقة أخرى من العاصمة باحثاً عن سلامته، خاصة بعد أن تلقى تهديداً بسحق رأسه بطابوقة أو ما تعرف باللهجة العامية "البلوكة" من دون سابق إنذار. ويقول محمد ذو ال (19 ربيعاً)، في حوار معDW "نحن (الايمو) لا نعرف ماذا حصل؟ في ليلة وضحاها أصبحنا متهمين بعبادة الشيطان وبأننا مصاصو دماء ومثليون ومهددون بالرجم". ونفى الحلو أن يكون أتباع "الايمو" في العراق من "عبدة الشيطان"، مؤكداً "أنها (ظاهرة الايمو) لا تتعدى حدود الموضة العصرية"، مشيراً إلى أن هناك قوائم عدة لمطلوبين من الايمو "قد وزعت في منطقتنا وأنا من ضمنهم مما دفعني إلى الهرب." وكشف عدد من شهود العيان في مدينة الصدر شرقي بغداد عن العثور على منشورات وضعت على قائمتين تضم أسماء المنتمين لشباب "الإيمو" في المدينة، ووزعت في عدد من شوارعها الرئيسية، تتوعدهم بالقتل من قبل"المجاهدين" في حال عدم تركها، ووصفتهم ب"مثليي الجنس."
وكان ل DW لقاءً آخر عن طريق اتصال هاتفي مع صديق الحلو ويدعى "سيف" الذي لجأ إلى إقليم كردستان في شمالي العراق، لحين تهدئة الوضع في منطقته بعد أن أصبح مستهدفاً بالقتل. عن تأثره بهذه الظاهرة يقول سيف: "نجهل ما المعنى الحقيقي للايمو، إننا نقلد مظهرهم فقط". ويضيف سيف (18 عاماً) وفي كلامه نوع من الخوف والذهول متسائلاً: "هل يعني قص الشعر بتسريحة معينة أو وضع قلادة أو سوار معين أو ارتداء ثياب ذات رسومات الجماجم يعني أننا من أتباع الشيطان؟ أين الحرية الشخصية التي يدعون بها في العراق الجديد؟". ناهياً حديثه بالقول إن "بنات الايمو لم يسلمن أيضا من التهديدات بالقتل (...) وتعرض بعضهن إلى الضرب المبرح". وغابت عن مناطق بغداد مظاهر تقليد "الايمو" بعد الحوادث المتكررة التي طالت أتباعها وخاصة بعد أن كان رؤيتهم من الأمور المعتادة في بعض مناطق بغداد كالمنصور والكرادة وشارع فلسطين وزيونة. "لست مع قتل شباب الايمو. إذ لا يمكن معالجة الخطأ بالخطأ"، هذا ما قاله محمد عبد الرحمن ماجد، طالب كلية الإدارة والاقتصاد في الجامعة المستنصرية ببغداد، مبيناً "أن كان هؤلاء يقلدون الغرب في مظهرهم فيجب توعيتهم ونصحهم لا قتلهم بهذه الصورة الشنيعة". ويوضح ماجد (25 عاماً) في حديثه معDW أن "الدستور العراقي كفل الحريات الشخصية للفرد العراقي"، داعياً الجهات المسئولة إلى أن تولي اهتماماً اكبر في احتضان هذه الفئة ومحاسبة من "يريد أن يحول البلاد إلى قاعدة للتطرف الديني، واحترام الحريات الشخصية وكرامة الدم العراقي". وتعني الايموEmo باللغة الانكليزية الشخص المرهف الحس أو العاطفي ويتبع مقلدو هذه الظاهرة في الغرب نمطاً معيناً في الحياة يتمثل بالاستماع لموسيقى معينة وتسريحة شعر معينة وملابس سوداء رسم عليها صور لجماجم بشرية، وسراويل ضيقة جداً أو فضفاضة جداً، وأغطية المعصم. وعن أسباب انتشار ظاهرة "الايمو" بين فئة الشباب العراقي تحدث الباحث الاجتماعي، حسن هاشم محمود، أن الحروب التي مرت على البلاد " قد أفقدت الأجيال هويتها وأضعفت ثقتها في الحاضر والمستقبل، مما أدى إلى استيراد عادات اجتماعية دخيلة على المجتمع العراقي ومنها الايمو". ويقول محمود في حوار معDw إن "شريحة الشباب باتت تتأرجح وسط الثورة المعلوماتية التي نعيشها اليوم مما دعا بعضهم إلى نسخ ثقافة الغرب دون النظر إلى تقاليد مجتمعنا الشرقي"، منوهاً إلى إن "هذه الفئة تفتقد إلى القدوة الحسنة". وطالب الباحث الاجتماعي العراقي بضرورة احتواء "الايمو" بفتح مراكز الاجتماعية لهم وتأهيلهم "من أجل إعادة دمجهم فى أسرهم والمجتمع وبعيداً عن العزلة التي يعيشوها." لكن رغم الحديث عن عشرات القتلى من شباب الايمو نفت وزارة الداخلية العراقية وجود أي حالات قتل أو اعتداء قد طال هذه الفئة من الشباب، وبينت أنها إشاعات تهدف إلى تحقيق اجندات فردية وسياسية مفادها أن "العراق يتجه نحو الديكتاتورية وتضييق الحريات." واتهمت قيادة عمليات بغداد في 11 آذار/ مارس الجاري بعض الجهات بالترويج للأنباء حول استهداف شباب الايمو، بغية تعطيل القمة العربية المقرر عقدها في بغداد نهاية الشهر الجاري، مؤكدة عدم تسجيل أي حالة قتل استهدفت هؤلاء الشباب. DW التقت معاون المدير العام للعلاقات والإعلام في وزارة الداخلية العراقية، العميد خالد المحنة، لسؤاله عن هذا التضارب في الأنباء. أوضح المحنة أن "ما أثير مؤخراً عن مقتل شباب الايمو في العراق هي إشاعة مغرضة". وعن ما عرضته وسائل الأعلام من صور قيل أنها صورة تعود لشاب من هذه الفئة في مدينة الصدر، تم بتهشيم رأسه ب"البلوكة"، رد المحنة بالقول: إن "تحقيقاتنا توصلت إلى إن المجني عليه قتل لعداوات شخصية وليس لكونه من الايمو"، وأضاف بالقول بأن وزارته سوف "تتوصل للجناة وتحاسبهم."