أثبتت دراسة علمية قام بها فريق بحثي برئاسة الدكتور جاك كوبلاند بالتعاون بين جامعة پيل الأمريكية ومعهد هارتمان بولاية كاليفورنيا، أن للقلب جهازًا عصبيًا يشبه المخ تمامًا، له ذاكرة قصيرة وطويلة الأمد وقد اتضح ذلك بجلاء عند نقل قلب من إنسان إلى إنسان آخر فيأخذ القلب المنقول معه من الذكريات والمواهب، والعواطف والمشاعر، والهوايات، والسجايا والتفصيلات الخاصة بالشخص الذي أخذ منه القلب، والتي تبدو غريبة كل الغرابة عن صفات الشخص الذي تم نقل القلب إليه. وبالطبع هذا الاكتشاف أذهل العالم حتى هذه اللحظة بما فى ذلك جراحى المخ والقلب. سألنا الدكتور هانى عبد الرازق – عميد معهد القلب القومى السابق عن التغيرات التى من المحتمل حدوثها على المريض المزروع له قلب انسان آخر...فأجاب بقوله: قد تحدث للمريض الذى يتم زرع قلب جديد له بعض التغيرات لان القلب الجديد يتم زرعه بدون جهازه العصبى وهذا يعنى أن القلب يعمل من الناحية العصبية بنصف دائرة حيث يكون الاتصال بينه وبين الجهاز العصبى الرئيسى غير مباشر و قد تحدث للمريض بعض الاضطرابات فى المشاعروعدم التركيز وأحيانا فقد جزء من الذاكرة نتيجة لوجوده على جهاز القلب المفتوح لفترة طويلة أو حدوث خلل ما فى الجهاز العصبى أثناء اجراء العملية وكل هذه التغيرات من الممكن أن تكون وقتية او تلازم المريض فيما بعد . و حتى الآن علميا لم يتم اثبات بشكل منهجى أن التغير الذى حدث فى مشاعر المريض يرجع الى القلب والا عند زراعة قلب يهودى لأى شخص عربى فطبقا لهذه الدراسة ان يكره هذا العربى العرب أنفسهم لان بداخله قلب انسان يهودى وخلاصة القول أنه قد تحدث تغيرات فى مشاعر صاحب القلب الجديد ولكن ليست بالدرجة التى قد يتصورها البعض من أنه يعبر عن مشاعر صاحب القلب القديم لأن ذاكرته المخية مازالت كما هى والتى قد تتأثر هى الاخرى بأى خلل يحدث فى الجهاز العصبى ولأن القلب هو مرآة المخ فعند أى اثارة للجهاز العصبى نلاحظ أن القلب سرعان ماتزيد ضرباته نتيجة لافراز هرمون الادرينالين وهذا ماجعل الكثيرين يفسرون ذلك بأن القلب هو المسئول ولكن فى حقيقة الامر المخ هو المسئول.
100مليار خلية فى مخ الإنسان
أما الدكتور مصطفى كامل الفولى - استاذ جراحة المخ والاعصاب بمستشفيات التأمين الصحى فيؤكد أن مراكز المشاعر والعواطف والاحساس موجودة فى المخ ولاخلاف علمى فى ذلك وكل هذه المراكز تعمل بشكل معقد للغاية عجز العلم عن فهم بعض اسراره حتى الآن. ويضيف : أن مخ الانسان والذى يتراوح وزنه مابين 1400 ، 1600 جرام يحتوى على 100 مليار خلية يتم التخاطب بينهما بإشارات لاسلكية فى غاية الدقة وهذه الخلايا مقسمة الى مجموعات كل مجموعة تضم ملايين الخلايا وتعتبر دائرة مغلقة وداخل هذه الدائرة دوائر أخرى مصغرة كل جزء فيها مسئول عن منطقة محددة فى جسم الانسان. أما بخصوص موضوع الدراسة التى تقول بأن القلب هو مستودع المشاعر فقد قرأت عنها بالفعل وهناك أبحاث مازالت مفتوحة فى هذا المجال وفى تحليلى الشخصى لنتائج هذه الدراسة والتى قد أتفق مع بعض نتائجها ولكن اختلافى سيكون فى تفسير حدوث التغير فى مشاعر صاحب القلب المزروع فطبقا لما قاله جراحو القلب من أن القلب الجديد يكون بدون جهاز عصبى خاص به فلو ربطنا بين هذه الجزئية وجزئية المراكز المسئولة عن المشاعر فى المخ لخرجنا بنتيجة واحدة وهى أن التغير فى المشاعر شيء وارد جدا ولكن الاختلاف فى تحليل هذا التغير والذى أعتقد أنه نتيجة لحدوث خلل ما فى مركز المشاعر فى المخ بسبب عدم وجود جهاز عصبى للقلب المزروع وهو مايعنى عدم وجود آلية اتصال مباشرة بين مركز المشاعر واحدى مناطق القلب التى تترجم هذه المشاعر.
وعن تحليل أسباب التغير فى المشاعر لصاحب القلب المزروع من وجهة نظر الطب النفسى تقول الدكتورة نادية نظير- استشارى الطب النفسى: من المؤكد حدوث تغيرات فى المشاعر والاحاسيس لمرضى القلب خاصة ان هذه النوعية من المرضى هم من أصحاب الامراض المزمنة وكل مايحدث من تغيرات وجدانية يعود لمراكز فى المخ وليس القلب وإذا حللنا مايحدث لمريض القلب خاصة من وجهة نظر الطب النفسى فسنجد اولا أن مريض القلب بحكم مرضه يقل من تفاعله مع المجتمع وهو مايشعره بالوحدة والعزلة لعدم قدرته على التكيف مع المحيطين به وهو مايشعره بالغربة، وثانيا وقبل إجراء عملية زرع القلب يحتاج الى البقاء فى المستشفى لفترات طويلة مما يزيد من معاناته النفسية، وثالثا وأثناء إجراء العملية والتعرض للتخدير لفترات طويلة وقد يحدث قصور الدورة الدموية للمخ وهذا يؤثر سلبا على مراكز العاطفة فى المخ وحتى بعد نجاح العملية ونتيجة لمفاهيم خاطئة يشعر أن هذا القلب غريب عليه مما يجعله فى حالة خوف وتوجس واندهاش اعتقادا منه بأن عواطفه تغيرت فهذا التغير هو نفسى لا علاقة للقلب به لذلك مثل هؤلاء المرضى فى حاجة الى إعادة تأهيلهم نفسيا حتى يستمتعوا بحياتهم بشكل طبيعى. 40 ألف خلية عصبية تربط المخ بالقلب
يقول المفكر الاسلامى الدكتور زغلول النجار فى ورقة بحثية قدمها للمؤتمر الثانى لعلوم طب القلب والذى عقد بالسعودية "أن القرآن الكريم ذكر القلب بالإفراد والجمع، ومع عدد من الضمائر المختلفة132 مرة، كما جاءت لفظة (صدر) في القرآن الكريم بالإفراد والجمع، وبالإسناد إلى عدد من الضمائر بمعنى القلب (44) مرة. وهذه الإشارات كلها تؤكد أن للقلب وظائف عديدة غير مجرد ضخ الدم الفاسد إلى الرئتين ثم استقباله منهما مؤكسَدًا لضخه إلى مختلف أجزاء الجسم وأولها المخ، وقد أثبتت دراسات القلب مؤخرا أنه عضو حيوي بشكل هائل وفعال في جسم الإنسان، وأنه يعمل على تواصل دائم مع المخ عبر (40.000) خلية عصبية و أن القلب يفرز كمًّا من الهرمونات إلى تيار الدم الذي يضخه إلى مختلف أجزاء الجسم وأولها المخ، كما ثبت أن المخطط الكهربائي للقلب هو أكبر بمائة ضعف من المخطط الكهربائي للمخ وفى كل نبضة ينبضها القلب يولّد طاقة مغناطيسية تفوق الطاقة المغناطيسية للمخ بخمسة آلاف ضعف، وبها يتواصل مع المخ ومع باقي أجزاء الجسم فالقلب يتحدث مع المخ، وينسق معه جميع أنشطته. فكما ينشط المخ بمراكز ذاكرته وحسه بواسطة التغذية الراجعة عبر كلٍ من الشبكات العصبية والدموية، فكذلك القلب الذي يعمل كجهاز تخزين للمعلومات عن طريق التغذية الراجعة عبر كلٍ من الأعصاب والدم كما أثبت ذلك الدكتور پول پرسال في مؤلفة المعنون "شفرة القلب" وقد ثبت بالتجربة أن أحد الأعراض الناتجة عن العمليات الجراحية بالقلب هو فقد شيء من الذاكرة، ولذلك استنتج العلماء أن القلب هو مستودع الذكريات.