قال معهد البحوث التابع لبنك كريديت سويس، في دراسته السنوية الثانية حول توجهات المستهلكين في الأسواق الناشئة "يبدو أن التوصل إلى خلاصات حاسمة حول مصر في دراسة المعهد بشأن توجهات المستهلكين يعتبر أمرا محفوفا بالمخاطر بشكل واضح، نظرا لعدم وضوح آفاق الأوضاع السياسية التي تعيشها مصر حاليا، حيث لم تتغير الأمور فيها على أرض الواقع بالدرجة المأمولة". ونوه المعهد الى ان توقعات المستهلكين المصريين تحسنت وارتفع المتوسط المرجح لمؤشر درجة تفاؤلهم والذي توصلت إليه الدراسة، من أقل من 5٪ إلى أكثر من 8٪. إلا أن هذا المتوسط لا يزال يعتبر الأدنى في الدراسة، بينما تبدو قابلية هذا الثقة المتزايدة للاستمرار موضع شك كبير، نظرا لتدهور الأحوال المالية للأسر المصرية خلال العام الماضي. وشهدت السوق المصرية ارتفاعا في مشتريات الشريحة الدنيا من السلع الاستنسابية أمثال الأزياء ومستحضرات التجميل. وربما يعكس ذلك تزايد الثقة في صفوف ذوي الدخل المنخفض. ويتناقض هذا النوع من الإنفاق مع تراجع الإنفاق على شراء العقارات، حيث تراجعت نسبة امتلاك العقارات بواقع 13٪ خلال العام الحالي ليبلغ متوسطها 57٪. وما يثير الدهشة والقلق أيضاً في هذا السياق، حدوث تخفيض كبير للإنفاق على الرعاية الصحية والتعليم الخاص. واضاف بنك كريديت سويس "تشكل المستويات المتدنية لهيكل إنفاق المستهلكين المصريين مدعاة للتفاؤل. ويعتبر مستوى الإنفاق في جميع القطاعات التي استعرضتها الدراسة تقريبا، أدنى منه في سائر الدول التي تغطيها. ويتمثل مفتاح انطلاق إنفاق المستهلكين المصريين من عقاله في توافر الاستقرار والزخم اللازمين لذلك. وفي الوقت الراهن، وإذا وضعنا العوامل السياسية جانبا، لا تعتبر التوقعات المنخفضة لزيادة الدخول الاسمية، والتي ستشكل انخفاضا في الدخول الحقيقية فيما لو حصلت أصلاً، المنصة المناسبة لتحرير زخم ذلك الإنفاق. وتناولت دراسة معهد البحوث التابع لبنك كريديت سويس بالتفصيل توجهات المستهلكين في أسواق دول مجوعة "بريك" (البرازيل وروسيا والهند والصين)، إضافة إلى الأسواق التركية والسعودية والمصرية والإندونيسية, مشيرا الى ان تلك الأسواق تمثل مجتمعة 3.5 مليار نسمة من سكان الأرض. تشير النتائج التي خَلُصَت إليها الدراسة إلى أن مستوى الثقة في أوساط المستهلكين في دول الأسواق الناشئة لا يزال قويا بشكل معقول، حيث توقع 35٪ من أكثر من 14000 مستهلك بالغ تم استطلاع آرائهم في ثماني دول تحسن أوضاعهم المالية خلال الشهور الستة المقبلة، بينما توقع 9٪ منهم فقط تآكل دخولهم بعض الشيء. وبلغ التفاؤل أعلى مستوياته في البرازيل والهند والصين وأدناها في مصر وتركيا وروسيا. وبينت بأن مستوى ثقة المستهلكين في تلك الأسواق تراجع عن المستوى الذي سجله العام الماضي وتجلَّى هذا التراجع بشكل خاص في أوساط الشرائح الدنيا من المستهلكين الذين يخصصون جزءا كبيرا من إنفاقهم لشراء الطعام، حيث أثر الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية خلال العامين الماضيين سلبا في هيكل إنفاق تلك الشريحة. إلا أن ما يبعث على التفاؤل يتمثل في التراجع المحتمل للتضخم السعري خلال الشهور المقبلة، ما سوف يجعل أسعار الربع الأول من عام 2012 أقل منها في الربع الأول من عام 2011. وهيمن التحول إلى المزيد من الإنفاق الاستنسابي الذي تتميز به أسواق الدول المتقدمة بعيدا عن الإنفاق على ضروريات الحياة الأساسية، على الهيكل البنيوي الذي يدعم التفاؤل بارتفاع إنفاق المستهلكين في الأسواق الناشئة، في سياق عملية إعادة توازن عالمية في أنماط الإنفاق الاستهلاكي. ولفتت دراسة كريديت سويس الى أن هذا التحول البنيوي بعيد الأمد نحو ارتفاع الإنفاق الاستنسابي في الأسواق الناشئة، أُعيق خلال العام الماضي نتيجة تباطؤ زخم النمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة وتأثر ثقة المستهلكين فيها سلبا بارتفاع أسعار المواد الغذائية. وحددت الدراسة البنود التي انخفض متوسط إنفاق المستهلكين عليها في الأسواق الناشئة العام الماضي في الأحذية الرياضية والأزياء والتي تحملت الجانب الأكبر من انخفاض الإنفاق نتيجة تراجع ثقة المستهلكين وارتفاع أسعار المواد الغذائية. وأكد المستهلكون في أربعة من الأسواق السبعة التي تم استطلاع الآراء فيها، أنهم خفضوا إنفاقهم على الرعاية الصحية الخاصة وتراجع بصورة عامة، مستقرا عند مستوياته السابقة في الصين وروسيا ومتراجعا قليلاً في الهند والبرازيل. واشتملت البنود التي صمدت فيها عوامل التركيبة البنيوية في وجه الدورات الاقتصادية وارتفعت فيها مجددا وتائر اختراق أوساط المستهلكين على الهواتف المحمول والتي تأثرت أساسا بارتفاع معدلات الشراء في أسواق الشرائح الدنيا من الدخل. وعلى النقيض تماما من الهواتف المحمولة الهواتف الذكية تأثرت بارتفاع معدلات الشراء في أسواق الشرائح العليا من الدخل، وارتفعت وتأثرت أجهزة الكمبيوتر وخدمة الإنترنت بقوة طوال العام، وارتفعت مستحضرات التجميل بوتيرة هامشية، وشكلت شرائح الدخل المنخفض في البرازيل حوافز مهمة لهذا الارتفاع. وأكد المستهلكون في ستة من أصل سبعة أسواق والمستهلكون في الهند بصفة خاصة، أنهم خصصوا جانبا من دخلهم لتوفير دروس خاصة لأولادهم هذا العام. وتعتبر احتمالات تسارع اختراق المنتجات المتطورة تكنولوجيا للأسواق الناشئة أحد المحاور الرئيسية التي تركز عليها الدراسة في مجالي الاتصالات الهاتفية والحَوسَبة المحمولة على حد سواء، وتشير البيانات المستخلصة من الدراسة إلى تفاوت قوة الطلب على تلك المنتجات تبعا لشرائح الدخل والأسواق أيضا.