قررت محكمة جنايات شمال القاهرة تاجيل محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه، وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق و6 من معاونيه لجلسة غدا الخميس لاستكمال الاستماع لمرافعة الدفاع عن المتهمين في قضية قتل المتظاهرين واهدار المال العام . كان فريد الديب محامي مبارك والعادلي قد انهى مرافعته اليوم والتي نفى فيها تهمة القتل عن موكليه وشن الديب خلال المرافعة هجومًا جديدًا على النيابة العامة قائلاً إنها حرقت أدلة الثبوت وأنها استبعدت بعض أقوال الشهود.
أنهى فريد الديب المحامى عن الرئيس السابق حسنى مبارك، مرافعته بشأن قضية قتل المتظاهرين السلميين إبان أحداث ثورة 25 يناير، والمتهم فيها مبارك وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق وستة من كبار المساعدين والمتهمين بالاشتراك في جرائم القتل من خلال التحريض والاتفاق والمساعدة مع ضباط الشرطة، على استهداف المتظاهرين بغية تفريق جموعهم وقمع الثورة. واستهل المحامى فريد الديب مرافعته في جلسة اليوم بالإشارة إلى أنه في أعقاب تجمع الحشود الكبيرة من المتظاهرين في ميدان التحرير والساحات أو الميادين الأخرى بالمحافظات، قام وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي بالاتصال بمبارك لنجدة قوات الشرطة، واتخاذ ما يلزم في هذا الشأن. وأشار إلى أن مبارك استخدم صلاحياته الدستورية وأصدر أمرًا بحظر التجوال في عموم مصر وفقًا لمواقيت محددة، وتكليف الجيش بحفظ الأمن في البلاد وذلك اعتبارًا من الساعة الرابعة عصرًا يوم 28 يناير. وأوضح الديب أنه في أعقاب صدور هذا التكليف من مبارك بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة بحكم منصبه، انتقلت جميع السلطات والصلاحيات المتعلقة بحفظ الأمن والاستقرار في البلاد إلى القوات المسلحة، لافتًا إلى أن نزول قوات الجيش إلى الشوارع للمساهمة في حفظ الأمن حدده القانون الصادر في 14 سبتمبر من عام 1952 في شأن تعاون القوات المسلحة مع السلطات المدنية في حفظ الأمن. وأكد فريد الديب أن القانون المشار إليه رقم 183 لسنة 1952 والمعمول به حتى الآن نص صراحة على أنه إذا تدخلت القوات المسلحة في حالات حفظ الأمن تنتقل على الفور مسؤولية حفظ الأمن إلى تلك القوات فورًا ويعتبر القائد العسكري مسؤولاً عن إصدار التعليمات لهذا الغرض، وتخضع الشرطة تمامًا في هذه الحالة لأوامر القادة العسكريين وحدهم، حيث أوجب القانون على الشرطة المدنية أن تنفذ ما يطلب منها من معاونة وأوامر من القادة العسكريين. وأوضح الديب أن هذا التكليف للقوات المسلحة يصبح معه أمر انتقال جميع الصلاحيات إلى قادة الجيش وتتجرد الشرطة تمامًا من أي صلاحيات في إصدار الأوامر لقوات أو أفراد الشرطة، وتصبح عملية إصدار الأوامر لجموع القوات مقصورة على القادة العسكريين وحدهم. وقال فريد الديب إن جميع حالات القتل والإصابة التي لحقت بالمتظاهرين جرت بعد الرابعة من مساء جمعة الغضب يوم 28 يناير 2011 وهو التوقيت الذي كانت فيه يد الشرطة مغلولة تمامًا عن إصدار أي أوامر ولا يأمر قادتها أو أفرادها إلا بأوامر القائد العسكري ومن ثم فلا يسوغ الحديث ولا يعقل على النحو المتضمن صدور تكليفات وتعليمات وتوجيهات من قادة الشرطة لقتل المتظاهرين، باعتبار أنه ليس من اختصاصاتهم أو سلطاتهم إصدار أي أوامر، حيث انتقلت تلك السلطات وفقًا لحكم القانون إلى القائد العسكري. وقال فريد الديب إن القانون المنظم لعمل القوات المسلحة حينما تتدخل لمساعدة الشرطة المدنية نص على أنه في حالة استعادة الأمن فإن القوات المسلحة تنسحب من الشوارع والميادين في ضوء الاتفاق بين السلطتين المدنية والعسكرية ويتم في ضوء ذلك تحرير محضر بالإجراءات في هذا الشأن، ومن ثم تنتقل مسؤولية الحفاظ على الأمن إلى السلطة المدنية لافتًا إلى أن النيابة العامة لم تقدم هذا المحضر حتى الآن لضمه إلى أوراق القضية. واعتبر فريد الديب أن القانون يحدد التسلسل في الإجراءات الواجب اتباعها لمواجهة التجمهر وأنه وفقًا للقانون فإن رئيس الجمهورية طلب تدخل القوات المسلحة بعد أن عجزت الشرطة عن مواجهة المتظاهرين، وانتقلت مسؤولية حفظ الأمن وفقًا لذلك إلى هذه القوات. وطلب الديب البحث في نقطتين هما أن المسؤولية تقع منذ إصدار هذا الأمر في الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم 28 يناير على القائد العسكري الذي تولى زمام الأمور، والنقطة الثانية أن أي تصرف يعد تصرفًا فرديًا فردي يسأل الشخص الذي قام به إذا أمكن الاستدلال عليه.. مشيرًا إلى أن المادة 11 من هذا القانون رتبت على وزيري الحربية والداخلية كل فيما يخصه تنفيذ هذا القانون "وأن التجمهر وفقًا لهذا القانون هو تجمع يحصل من خمسة أشخاص على الأقل، ويكون من شأنه جعل السلم العام في خطر وكل تجمهر يعتبر مسلحًا، إذا كان المتجمهرون أو بعضهم يحملون آلات إذا استعملت بصفة أسلحة" معتبرًا أن هذا النص أرفق به القرار الوزاري الصادر بشأنه تعليمات وأوامر مستديمة. ووصف الديب المتظاهرين بالمشاغبين استنادًا لنص قانون التجمهر الصادر في نوفمبر 1952 وعندما ورد هذا النص على لسانه قام أحد المحامين واحتج بشدة على إلصاق وصف المشاغبين بالثوار. وهنا تدخلت المحكمة وطلبت منه التوقف عن مقاطعة المرافعة وتدخل عدد من زملائه من المحامين وهدأوا الموقف ليستأنف الديب مرافعته. ونفى المحامى فريد الديب صدور أي تعليمات من قيادات الشرطة بقتل المتظاهرين في ضوء ما سرده من بنود قانونية نص عليها القانون في شأن تسلم القيادة العسكرية لزمام الأمور عند تكليفها بحفظ الأمن داخل البلاد، معتبرًا أن قيام بعض أفراد الشرطة بإطلاق أعيرة نارية إنما يخرج عن دائرة التكليف من القيادات إلى دائرة الحالات الفردية.. مؤكدًا أن رجال الشرطة صدرت لهم أوامر صريحة وواضحة بحماية أنفسهم وعدم قتل المتظاهرين أو التعرض لهم. وعرض الديب لقرار وزير الداخلية في شأن آلية استخدام القوة وحق الدفاع الشرعي، موضحًا أن آلية الدفاع الشرعي ليست مقصورة على رجال الشرطة فحسب وإنما هى حق لكل إنسان في الدفاع عن نفسه وحياته وماله أو مال غيره إذا ما استشعر أن خطرًا يتهدد حياته. وقال الديب إن أقوال الشهود أمام النيابة والمحكمة سواء كانوا عمر سليمان أو اللواء منصور عيسوى وزير الداخلية السابق أو اللواء محمود وجدي وزير الداخلية الأسبق فضلاً عن حبيب العادلي ومساعديه المتهمين شهدت إجماعًا بأن هناك أناسًا اندسوا بين المتظاهرين السلميين، واضطلعوا بأعمال عنف وتخريب مستعينين في ذلك بأسلحة نارية وغيرها من الأسلحة التي تمت سرقتها من أقسام الشرطة ومخازن السلاح التابعة لقوات الشرطة والأمن، وما تمت سرقته أيضًا من عربات مدرعة ومركبات تتبع الشرطة وسيارات الإسعاف، حيث شهدت تلك الأحداث حالة من الفوضى الشديدة من جانب عناصر إجرامية تعمدت استهداف المتظاهرين بهدف إلصاق هذه التهم بقوات الشرطة.. قائلاً إنه لا توجد أدلة في القضية على صدور أوامر من قيادات الشرطة لأفرادها بقتل المتظاهرين. وقال فريد الديب إنه طبقًا للقانون المنظم لأعمال التجمهر فإن جميع المظاهرات التي نص عليها تتعلق بالتظاهرات السياسية فقط، وأنه لا وجود للمظاهرات الفئوية في هذا القانون أو تلك المظاهرات التي تعطل حركة الإنتاج أو تتسبب في تعطيل المنشآت العامة أو حركة السير في الطرقات. وأشار الديب إلى أن الرئيس السابق حسنى مبارك سعى سعيًا حثيثًا لتبنى وتنفيذ مطالب المتظاهرين السلميين الذين خرجوا في عموم مصر، وأن مبارك لم يفعل مثلما جرى في دول عربية مجاورة بإصدار أوامر بقتل المتظاهرين، كما أنه لم يفر هاربًا، وأن ما نسب إليه في تحقيقات النيابة من نشاط سلبي بعدم التحرك لوقف أعمال العنف لا يمثل دليلاً على اشتراكه في القتل. وعرض الديب لعدد من أحكام محكمة النقض التي تشير إلى أن التظاهرات قد تبدأ بصورة سلمية وبريئة ثم ينقلب حالها إلى تجمهر يعاقب عليه القانون، وذلك في معرض التدليل من جانبه على أن بعض المظاهرات قد شابتها أعمال عنف خلال أحداث الثورة. ووصف فريد الديب المحامى من يقدمون على اقتحام وزارة الداخلية أو منع رئيس الوزراء من الدخول إلى مقر عمله بالمشاغبين، وعرض في ضوء ذلك ما جرى من أحداث عنف ومصادمات في شارع محمد محمود اعتبارًا من 19 نوفمبر الماضي، وما جرى في شارع قصر العيني من مظاهرات واعتصامات بهدف منع رئيس الوزراء الحالي كمال الجنزوري من الدخول إلى مقر عمله.. مؤكدًا أن مثل هذه الأفعال لا تندرج تحت قائمة المظاهرة السلمية، وأنها تمثل أعمال شغب وعنف نظرًا لما استخدم فيها من أسلحة وعبوات حارقة. يذكر أن المحامى فيصل العتيبى رئيس هيئة الدفاع الكويتية عن " مبارك" قد عبر عن قناعته ببراءة "موكلة" من التهم المنسوبة إليه، مشيرا إلى أنه يمتلك العديد من الأدلة والمستندات التي تثبت صحة ذلك وسيقدمها للمحكمة. وقال العتيبى لصحيفة "الرأي" الكويتية، في عددها الصادر اليوم الأربعاء، "قريباً سنحتفل ببراءة مبارك، الذى لا أخفى حبى الشخصي له". ورأى العتيبى أن ثورة 25 يناير "لم تستهدف إسقاط مبارك أو نظامه فحسب، وإنما إسقاط مصر وتقسيمها إلى ثلاث دويلات ضمن مخطط أعده كل من حزب الله اللبناني وحركة حماس وإيران"، مؤكداً أن مبارك نجح في إحباط هذا المخطط. ونفى سعيه إلى تحقيق شهرة من وراء دفاعه عن الرئيس المصري المخلوع، قائلا، إنه محامٍ معروف في الكويت والخليج، ويطلقون عليه لقب "حوت الجنايات"، لأنه لم يخسر قضية واحدة ترافع فيها. ونفي ما تردد عن صدور تعليمات من سفارة الكويت في القاهرة لهيئة الدفاع الكويتية بمغادرة مصر والعودة إلى الكويت، قائلا، إن ذلك مجرد "شائعة مغرضة".