طالب عدد من المسئولين الفلسطينيين باعتذار رسمى من المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية -نيوت جينجريتش- للشعب الفلسطينى، عن تصريحاته التى اثارت موجة من الغضب والاستياء فى الأوساط الفلسطينية. كان جينجريتش قد وصف الفلسطينيين بأنهم "مجموعة إرهابيين وشعب تم اختراعه"، الامر الذى اثار حفيظة الفلسطينيين على المستويين الشعبى والرسمى. واعتبر رئيس مجلس الوزراء الدكتور -سلام فياض- اليوم "السبت"، تصريحات جينجريتش بأنها قمة في الإسفاف وتصريحات "ساقطة" وسخيفة. وقال" شعبنا هنا منذ البدايات، وهو مصمم على البقاء فى أرضه حتى النهايات، وعليه -أى جينجريتش- وعلى أمثاله أن يراجعوا التاريخ، وفيما يبدو أن ما يعرفه عن التاريخ هو تاريخ الحقبة العثمانية، وهذا بكل تأكيد إنكار لحقائق تاريخية، وهو مرفوض". وتابع :" نجح الشعب الفلسطيني، بالرغم من الإقصاء والتهميش ومحاولات طمس الهوية، نجح فى المحافظة على هذه الهوية وصونها، وبات حقه في تقرير مصيره موضع إجماع دولي". واضاف: "حتى هذا القول الذي صدر عن مرشح رئاسة في الولاياتالمتحدة لم يعد حتى المتطرفين في إسرائيل يتحدثون بهذا المنطق السخيف". ومن جانبها اعتبرت حركة فتح تصريحات جينجريتش "إرهابا عنصريا وعملية تزييف مبرمجة للتاريخ، وطالبته باعتذار رسمي للشعب الفلسطيني". وأكد الناطق الإعلامي باسم الحركة - أسامة القواسمي- أن الشعب الفلسطيني لا ينتظر شهادة من أحد على وجوده وهويته، وقال :"تدل هذه التصريحات على جهل، وعملية تجهيل مقصوده مبيته في طيات برنامجه الانتخابي، ويحمل ملامح تمييز عنصري وعدائية غير مسبوقة"، منبها إلى أن من شأن هكذا تصريحات أو مواقف أن تعمل على تأجيج صراعات ثقافية ودينية، كما انها انتهاك واعتداء على المواثيق والقوانين الدولية. وطالب القواسمى، المرشحَ وحزبَه بالاعتذار رسميا، وقال ان شعبنا معزز بشهادة آلاف السنين الحضارية ، فشعبنا الفلسطيني الذي أعطى أرض فلسطين المقدسة اسمه سيبقى ووطنه فلسطين منارة وعنوانا للمحبة والسلام والعيش المشترك لجميع الأديان" وقال :"ان تصريحات جبنجريتش ارهابية وعنصرية بامتياز وتعكس هبوطا في مستوى الفهم لأهم مركز صراع في العالم يشكل". وأكدت الحركة أن المؤامرات التي هدفت لطمس هوية الشعب الفلسطيني وحقه الطبيعي والتاريخي في أرضه قد باتت وراءنا، وما اعتراف اليونسكو بدولة فلسطين الا إحدى علامات فشل المشروع "الصهيوني" الذي قام على إنكار وجود شعبنا. كما أبدى العديد من المسئولين الفلسطينيين تحفظات عدة وردوا عليه بأنه يتحدث بلغة تنتمي إلى أيديولوجية نازية بائدة عانت البشرية، وانه فقد كل الصلة بالواقع وتصريحاته تدل على جهل وعنصرية. تصريحات لا تليق بمسئول أمريكي يرشح نفسه بدوره ندد تيسير خالد -عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين- بتلك التصريحات، وقال :لقد أعاد إلى الذاكرة تصريحات مماثلة لقادة إسرائيليين ينكرون فيها وجود شعب فلسطيني وبالتالي حقوقه الوطنية في الحرية والاستقلال وفي العودة الى دياره، التي هجر منها بالقوة العسكرية. وأكد أن مثل هذه التصريحات لا تليق بمسؤول أمريكي يرشح نفسه لقيادة اقوى دولة في العالم ويتبارى فيها قادتها في الدفاع عن القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، بقدر ما تليق بسياسيين عنصريين يتحدثون لغة تنتمي الى أيديولوجية نازية بائدة عانت البشرية من ويلاتها وكان اليهود في مقدمة ضحاياها، لأنها تعاملت معهم باعتبارهم "فائض عن الحاجة" في منظومة الاسرة الدولية. وتابع: "على نيوت جينجريتش وحزبه الجمهوري أن يقدم اعتذارا لشعب يعتز بكونه جزءا لا يتجزأ من شعوب أمته العربية، له وطن عاش فيه على امتداد آلاف السنين وطور فيه حياته وثقافته وحضارته الإنسانية وقدم فيه للبشرية بأسرها أبجدية، أسهمت في حفظ وتطوير الثقافات والحضارات الإنسانية." وفى السياق ذاته استهجنت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، حنان عشراوي، هذه التصريحات، وقالت في تصريحات صحفية: "يبدو أن جينجريتش فقد كل الصلة بالواقع، وتصريحاته تدل على جهل وعنصرية كما أنها محاولة رخيصة للتوجه للناخب الداعم لإسرائيل على حساب الحق الفلسطيني وعلى حساب السلام في المنطقة"، مشيرة إلى أنه في ظل سباق انتخابي محموم وهستيري ورخيص فان "الشعب الفلسطيني وحقوقه يدفعان الثمن". وقالت: "إن هذا الأمر خطير جدا، لكننا ندرك أن جميع المرشحين الجمهوريين يصدرون تصريحات استفزازية وكاذبة من أجل الحصول على أصوات الناخبين". وأضافت عشراوي: إن هؤلاء المرشحين الجمهوريين لا يدركون بالمقابل أن جميع من يفهمون الواقع ويتعاملون بمسؤولية مع متطلباته ينظرون إليهم بوصفهم "لا صلة لهم بالواقع ومواقفهم غير مسئولة". واعتبرت أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة، سواء كانت في يد الجمهوريين أو الديمقراطيين، لم تكن في أي لحظة وسيطا نزيها في عملية السلام، "لأن هناك علاقة خاصة تربط الولاياتالمتحدة بإسرائيل وتحالفا استراتيجيا كما أن هناك أفضلية تمتلكها إسرائيل في السياسة الخارجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط دفع كثيرين من بينهم أميركيون لاعتبار أن تل أبيب صانعة هذه السياسة". كما أدان عضو المجلس الثوري لحركة فتح -ديمترى دلياني- تصريحات المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة جينجرتش معتبرا أنها تصريحات "جاهلة وتحريضية وعنصرية". وقال في بيان أصدره باللغة الانجليزية، إن "شعبنا الفلسطيني هو من أحفاد الكنعانيين وبالذات قبيلة اليبوسيين الذين عاشوا في مدينتهم القدس قبل عام 3200 قبل الميلاد، مما يؤكد جهل نيوت جينجرتش بالأسس التاريخية والحقائق الموثقة حول منطقة الشرق الأوسط". وأشار إلى أن "تصريحات جينجرتش تدعم وبأسلوب تحريضي خطاب المستوطنين المستعمرين في حرب الإبادة التي يرتكبوها ضد أبناء شعبنا، وأن الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني على أيدي جيش الاحتلال ومنظمات الإرهاب اليهودية الاستيطانية، كانت ولا تزال تحدث بتشجيع من سياسيين مثل جينجريتش". وأبدى دلياني انتقادً للطبيعة العنصرية لتلك التصريحات التي تنتقص من الحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني ولا تعترف بتاريخه وثقافته وحضارته. واعتبر دلياني أسلوب جينجريتش في الهرولة لكسب تأييد الصهاينة المتطرفين في أمريكا على انه أسلوب مثير للشفقة يهدد فرص السلام والاستقرار في المنطقة.