حذرت جماعة الإخوان المسلمين رجب طيب أردوغان - رئيس الوزراء التركي - اليوم، الأربعاء، من سعي بلاده للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط رغم الترحيب الحماسي الذي حظى به في بداية جولته بالمنطقة خاصة من الإخوان. وجاء الانقلاب المفاجئ في موقف الإخوان من اردوغان بعد دعوته الى اقرار دستور جديد في مصر يقوم على علمانية الدولة وكان جملة (أدعو المصريين الى بناء مصر العلمانية) التي قالها اردوغان في خطابة أمام جامعة الدول العربية بمثابة الزلزال الذي صدم قيادات الإخوان الملسمين والتيارات الإسلامية في مصر، حيث أكد أن العلمانية هي السبيل الامثل أمام الدولة المصرية لحل مشكلاتها. وقالت وكالة فلسطين برس: إن كلمات اردوغان كانت صدمة كبيرة للإسلاميين في مصر وبالأساس المنتمين لجماعة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، خاصة أنه كانت هناك تصريحات سابقة لقيادات الحزب والجماعة عن اعجابهم الشديد بالنموذج التركي وحزب العدالة والتنمية الحاكم هناك، وأن هذا النموذج هو الذي يسعى الاخوان لتطبيقه في مصر، ولكن بعد كلمات أردوغان هل تغير موقف الاخوان منه؟! وأكد الدكتور عصام العريان - نائب رئيس حزب الحرية والعدالة - أنه تعجب جدا من كلام رجب طيب أوردغان بل شكك في ترجمته من التركية للعربية لأنه لا يحق له التدخل في شئون مصر الداخلية، وقال العريان: إنه لا يعرف كيف لرجل دولة مثل أردوغان أقسم على احترام ارادة الشعوب أن يتدخل في كيفية اختيار الطريقة التي تبنى بها مصر. وأضاف 'الاخوان قالوا: إنهم سوف ينظرون الى كل النماذج الدولية الناجحة والفاشلة والمتوسطة للتعلم منها والاستفادة منها، ولكن تظل تجربة المصريين مختلفة ومتميزة ولا يمكن أن نطبق كل ما حدث في تركيا في مصر، وأردوغان يتكلم من واقع مجتمع علماني من الأساس بنص الدستور على عكس مصر'. ومن جانبه أكد الدكتور أحمد أبو بركة - المستشار القانوني للحزب - أن أردوغان رجل ذكي ولا يعني كلمة العلمانية بمعناها المتطرف من الفصل الكامل للدين عن الدولة، ولكنه يتكلم من واقع خبرته ومشاكله من المجتمع التركي وخلفيته وتركيبته هناك، والذي يسعى فيها للتخلص من هيمنة الجيش على الحياة السياسية، وهو يتحدث الى الجمهور المصري ولكن قلبه وعقله وحديثه موجه في الأساس الى الشعب التركي، الذي يريد أن يجمعه في صف واحد ويكسب المعارضين له ويطمئن الشعب التركي على علمانية الدولة التى يعتبر الجيش حارسا لها وفقا للدستور التركي. وأكد أن العلمانية التي يعنيها ويبغيها أردوغان هي الفصل الكامل بين السلطات وعدم وجود سلطة تسيطر على أخرى، سواء من الجيش أو غيره من السلطات، ولكن هنا في مصر وبكل تأكيد لا يمكن أن نعمم هذه الاشارات التي قالها أردوغان ولا تطبيقها على المجتمع المصري. وأضاف 'من أول يوم لتأسيس حزب الحرية والعدالة ونحن أقررنا بأن النموذج التركي نموذج مختلف ومتميز ولكننا نسعي الى وجود نموذج مصري خالص أفضل من أي نموذج آخر يراعي طبيعة المجتمع المصري وخلفيته الدينية'. أما المتحدث باسم الجماعة الدكتور محمود غزلان، فقال في تصريحات صحفية، إن تجارب الدول الأخرى لا تستنسخ، وإن ظروف تركيا تفرض عليها التعامل بمفهوم الدولة العلمانية، معتبرًا نصيحة رئيس وزراء تركيا للمصريين تدخلاً في الشئون الداخلية للبلاد. وكان أردوغان دعا أثناء لقائه في برنامج حواري على إحدى الفضائيات المصريين إلى صياغة دستور يقوم على مبادئ العلمانية، وقال: 'الآن في هذه الفترة الانتقالية في مصر وما بعدها أنا مؤمن بأن المصريين سيقيمون موضوع الديمقراطية بشكل جيد، وسوف يرون أن الدول العلمانية لا تعني (اللا دينية)، وإنما تعني احترام كل الأديان وإعطاء كل فرد الحرية في ممارسة دينه'. وتابع: 'لذا على المصريين ألا يقلقوا من هذا الأمر، وعلى المناط بهم كتابة الدستور في مصر توضيح أن الدولة تقف على مسافة واحدة من كل الأديان، وتكفل لكل فرد ممارسة دينه، وأوضح أيضا أن العلمانية لا تعني أن يكون الأشخاص علمانيين، فأنا مثلا لست علمانيا، لكنني رئيس وزراء دولة علمانية'. وأوضح أن '99 في المئة من السكان في تركيا مسلمون، وهناك مسيحيون ويهود وأقليات، لكن الدولة في تعاملها معهم تقف عند نفس النقطة، وهذا ما يقره الإسلام ويؤكده التاريخ الإسلامي'.