انتقدت صحيفة الخليج الإماراتية في عددها الصادر اليوم السبت ما أسمته صمت مؤسسة الرئاسة المصرية على استخدام وزير الخارجية الإيراني أكبر صالحي مصطلح "الخليج الفارسي" في المؤتمر الصحفي الذي أعقب لقاءه بالرئيس محمد مرسي الخميس الماضي. ونقلت الصحيفة عن خبراء ومحللين سياسيين بارزين انتقادات شديدة اللهجة أمس لمؤسسة الرئاسة المصرية، إزاء صمتها على ما أورده صالحي. وقال المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس الدكتور جمال زهران، للصحيفة: إن صمت مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين على تلك التصريحات، يعكس رغبة الجماعة وسعيها لإقامة علاقات جديدة مع إيران، بهدف الضغط على دول الخليج العربي، للمساهمة في انتشال مصر من أزمتها الاقتصادية الراهنة. لكن المتحدث الرسمي لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أحمد سبيع، أعرب ل"الخليج" عن استيائه من استخدام وزير الخارجية الإيراني للمصطلح، مؤكدا إيمان حزبه بعروبة الخليج، وهو ما تجلى في العديد من تصريحات الرئيس محمد مرسي التي أكد خلالها أن أمن الخليج العربي، هو جزء من الأمن القومي المصري، وأن العلاقات المصرية العربية تظل في مقدمة الاهتمامات المصرية. وأرجع زهران الصمت الرئاسي إزاء تصريحات وزير الخارجية الإيراني إلى رغبة النظام المصري في جر إيران إلى توافق سياسي مع تركيا والسعودية، بهدف غل يدها عن النظام السوري، بهدف حلحلة الأزمة السورية وإنهاء نظام الرئيس بشار الأسد، مشيراً إلى أن هذا الصمت لا يعني أن النظام المصري لديه نية صادقة في التقارب الإيراني، بقدر ما هو يستهدف استخدام الأحداث الجارية في المنطقة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة للسيطرة والتمكين في الداخل المصري، من دون أن تفقد الجماعة الغطاء الأمريكي. ولفت زهران إلى رغبة الرئيس محمد مرسي في التأسيس لأجواء أكثر أريحية مع إيران خلال المرحلة الحالية، مدللا على ذلك بالدعوة التي وجهتها مؤسسة الرئاسة قبل يومين للرئيس الإيراني أحمدي نجاد لحضور مؤتمر القمة الإسلامي، المقرر عقده في مارس المقبل بالقاهرة. من جانبه، حمل الدكتور حسن أبو طالب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، وزير الخارجية الدكتور محمد كامل عمرو مسئولية الرد، مشيراً إلى أن إيران تتعمد منذ عقود وصف الخليج العربي بالفارسي، وبخاصة في البلدان العربية التي يزورها مسئولون إيرانيون. وقال أبو طالب: "كان يتعين على وزير الخارجية المصري أن يتحفظ على ما ذكره وزير الخارجية الإيراني، بالتأكيد على إيمان مصر بعروبة الخليج"، مشيرا إلى تحفظ وزيري الخارجية السابقين عمرو موسى وأحمد أبو الغيط، على تصريحات إيرانية مشابهة، لدرجة دفعت الوزير السابق أبو الغيط إلى مقاطعة وزير الخارجية الإيراني خلال إحدى قمم شرم الشيخ، للتأكيد على تحفظ مصر على التسمية الإيرانية للخليج، وتمسكها بعروبته. واعتبر الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ الحديث والعميد السابق لكلية الآداب جامعة حلوان، تجاهل مؤسسة الرئاسة الرد على تصريحات وزير الخارجية الإيراني بأنها تدخل في باب المناورة السياسية، مشيرا إلى أن صمت جماعة الإخوان المسلمين على مثل هذه التصريحات يرتبط على نحو مباشر بمحاولاتهم تسوية المشاكل المختلفة مع إيران، والبدء في مرحلة جديدة من العلاقات التي تعود بالنفع على الجماعة من جهة. وقال: لا يمكن عزل هذا الصمت عن الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد رئاسي رفيع المستوى إلى الإمارات العربية، من أجل اطلاق أحد عشر موقوفاً من المنتمين للجماعة، وهو ما يمكن اعتباره ورقة ضغط تلوح بها الجماعة، مفادها أن باستطاعتها تبني وجهة النظر الإيرانية فيما يتعلق بالعديد من القضايا العالقة، إما بتأييد المواقف الإيرانية المختلفة، وإما الصمت على أقل تقدير . ويقول الدسوقي الخليج عربي وسيظل عربيا استنادا لقواعد الجغرافيا والتاريخ والقانون الدولي أيضا، الذي يرهن الأمر بالجهة التي تتمتع بالمساحة الأكبر على الخليج، ويستطيع أي مدقق ان يكتشف بسهولة ان المسافة الأكبر المطلة على الخليج هي للدول العربية وبخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة. ويضيف الدسوقي أن مسمى "الخليج الفارسي" يرجع إلى عصر الإسكندر الأكبر، الذي أطلق هذه التسمية على الخليج أثناء رحلة عودته من الصين مخترقاً منطقة وسط آسيا عبر بلاد الأفغان وفارس، ويقول: لو أطل الإسكندر الأكبر على الخليج من الناحية العربية، لأطلق عليه حينها الخليج العربي، لكن ما حدث أنه أطل عليه وهو يقف في بلاد فارس . ولا يستبعد الفقيه الدستوري وأستاذ فلسفة القانون بجامعة الزقازيق الدكتور محمد نور فرحات أن يكون صمت مؤسسة الرئاسة في مصر على تسمية "الخليج الفارسي" لاعتبارات تتعلق بما يصفه ب"عدم إحراج الضيف الإيراني"، في وقت يسعي فيه النظام المصري إلى فتح صفحة جديدة للعلاقات مع إيران. يحمل فرحات وزير الخارجية الدكتور محمد كامل عمرو مسئولية الرد على مثل هذه التصريحات، مشيرا إلى مواقف سابقة لوزراء خارجية سابقين، مشيرا إلى أن إيران إذا ما أرادت أن تبني علاقات مستقرة وطبيعية مع مصر ومختلف الدول العربية، فإن عليها وفي البداية أن تحترم ما استقر عليه تاريخياً وجغرافياً، وأن تدرك أيضاً أن الأمن القومي المصري يبدأ من الخليج العربي